ملخص:
يُلقى هذا البحث الضوء على أسباب الخلل في ضبط الراوي، والمتمثلة بعدة أمور من أهمها الغفلة، والاختلاط، وانشغاله عن الرواية، وعَدم صَونِ الكتاب أو الأُصول عن العَبث والتَّحريف كتلاعب الورَّاقين والمُحيطين بالمحُدِّث بأصولهِ، واعتماد المُحدِّث على حِفظهِ من غير كتابٍ، وما يفعله بعض المحدثين من جمع للأسانيد من غير تمييز للمتن الواحد، وغيرها من الأسباب، مما ينتج عنه أنواع عديدة من الأحاديث، كالحديث الحسن، والشاذ، والمقلوب، والمصحَّف، والمدرج، والمضطرب، كما يلقي الضوء على مفهوم الضبط عند المحدثين، وأنواعه، ووسائل معرفته، وقد توصلت الدراسة إلى أنَّ الضبط نوعان، ضبط صدر وذلك بإثبات ما سمعه الراوي واستحضاره متى شاء، وضبط كتاب وذلك بصونه عن تطرق الخلل إليه، وأن الضبط ركن أصيل من أركان الرواية، والخلل فيها يؤدي غالبًا إلى عدم الاحتجاج بها، مما يؤكد على دقَّة منهج المحدثين في نقد ضبط الرجال حمايةً للسنة النبوية، يتحقق ضبط الراوي بكونه متيقظاً غير مغفل، حافظًا إن حدَّث من حفظه، ضابطًا لكتابه من التبديل والتغيير، عالمًا بما يحيل المعنى.
مدخل:
بَيَّن العلماء قديمًا وحديثًا أنَّ السُّنة حُجة في الشَّرع واجبٌ اتِّباعُها والأخذ بكل ما ثبتت صِحَّتُه منها؛ فهي المصدر الثاني للتشريع الإسلامي بعد القرآن الكريم، لذلك عَنيت الأُمَّةُ الإسلامية بالحديث النَّبوي، وبذلت من أجله أعظم الجُهد، ونَقل إلينا الرُّواة أقوالَ الرسول صلى الله عليه وسلم في الشُّؤون كلها العظيمة واليسيرة، ووضَعوا القوانينَ التي تُحقق ضَبط الحديث، وتَكلَّموا في الرِّجال ليَتميَّزَ المقبُول من غيره، فقد جاء في مُقدمةِ صحيحِ مسلم عن ابن سيرين: قال: “لم يكونوا يَسألون عن الإسناد، فلما وقَعتِ الفتنةُ قالوا: سَمُّوا لنا رجالَكم، فيُنظر إلى أهل السُّنة فيُؤخذ حديثُهم، ويُنظر إلى أهلِ البِدَع فلا يُؤخذ حديثهم”. وبناءً على أن الخبر لا يُقبل إلا بعد معرفة سنده، فقد ظهر علم الجرح والتَّعديل، والكلام على الرُّواة، من ناحية ضبطِه وكيفية تَحَمُّله وأدائه. لذا جاء هذا البحث ليسلط الضوء على المقصود من الضبط، وأهم الأسباب المؤدية إلى الإخلال به والطعن بضبط الراوي والعزوف عن الرواية عنه، والأحاديث الناتجة عن الإخلال بالضبط.
مشكلة البحث: تتمحور مشكلة هذا البحث في الإجابة عن الأسئلة الآتية:
- ما المقصود بضبط الراوي؟
- كيف يعرف ضبط الراوي من عدمه؟
- ما أهم أسباب اختلال ضبط الراوي؟
- ما الأحاديث الناتجة من اختلال ضبط الرواة؟
مناهج البحث: اعتمدت في هذا البحث على المناهج الآتية:
1ـ المنهج الاستقرائي: واستخدمته باستقراء الرجال الذين اتهموا بالخلل في ضبطهم من كتب الجرح والتعديل.
2ـ المنهج الاستنباطي: واستخدمته في استنباط الأسباب التي تخل بضبط الرواة.
الدراسات السابقة: بعد البحث عن دراسات مشابهة لهذه الدراسة وجدت ما يشبهها في بعض النواحي وهي:
1ـ بحث بعنوان: (الضبط عند المحدثين وأثره في الراوي والمروي) لزياد عواد أبو حماد، منشور في مجلة جامعة دمشق عام 2002م، تناول فيه الباحث أهمية الضبط، والأساليب التي اتبعها المحدثون لقياس الضبط، وأوصاف المحدثين لدرجات الضبط، وفيه توافق يسير بين مبحثه الأول الذي يتحدث فيه عن أنواع الضبط مع بحثي هذا إلا أن الباحث تعرض لأسباب اختلال الضبط بشكل مختصر جدا والتي أركز عليها في هذا البحث بشكل موسع.
2ـ بحث بعنوان: (المخاطر التي تعرضت لها كتب الحديث جمعًا وتصنيفًا ودراسة) لمحمود أحمد يعقوب با رشيد، منشور في المجلة الأردنية في الدراسات الإسلامية عام 2011م، وقد تناول فيه الباحث عناية المحدثين بمروياتهم، والمخاطر التي تعرضت لها كتب الحديث فتضمن هذا بعض جوانب الإخلال بالضبط، وهو وإن كان يتوافق في بعض الجزئيات مع بحثي إلا أنه يتحدث بالدرجة الأولى عن المخاطر التي تعرضت لها كتب الرواية أما بحثي هذا فإنه يتناول معظم الأسباب التي تؤدي إلى الخلل بضبط الراوي.
3ـ بحث بعنوان:(أصول الضبط في الرواية عند المحدثين: دراسة تأصيلية) لسعيد محمد علي، منشور في مجلة جامعة الشارقة للعلوم الشرعية والقانونية، عام 2015هـ. تناول فيه الباحث مفهوم الضبط، وما يلزمه، ومعياره، ومراتبه، وألقاب المحدثين، وأسباب اختلاف الضبط لدى الرواة، وهو وإن كان يتشابه في مبحثه الأخير مع بحثي إلا أنني قمتُ باستقراء أسباب اختلال الضبط عند الرُّواة بشكلٍ أوسعَ وأشمل.
وقمت بتقسيم هذا البحث إلى أقسام ثلاثة رئيسة وهي: مفهوم الضبط وكيفية معرفته، أسباب اختلال الضبط عند الرواة، وأنواع الأحاديث الناشئة عن الاختلال في الضبط.
.1 مفهوم الضبط وكيفية معرفته:
1.1 تعريف الضبط وأنواعه.
أولا: الضبط لغة:
الضَّبْطُ: “لزوم شيءٍ لا يفارقه في كلِّ شيءٍ”[1].
وقال صاحب اللسان: ” الضَّبْطُ: لزوم الشَّيْءِ وحبسه، ضَبَطَ عَلَيْهِ وضَبَطَه يَضْبُط ضَبْطاً وضَباطةً، وضَبْطُ الشَّيْءِ حِفْظُه بِالْحَزْمِ، وَالرجل ضابِط أَي حازِم. ورجل ضابط وضَبَنْطى: قويٌّ شديدٌ”[2].
وقال الجرجاني: “الضبط: في اللغة: عبارة عن الحزم”[3].
ثانيًا: الضبط اصطلاحًا:
سماع الكلام كما يحق سماعه ثم فهم معناه الذي اريد به، ثم حفظه ببذل المجهود، وهو الثبات عليه بمذاكرته إلى حين أدائه إلى غيره”[4].
وقال البقاعي: “المقصود من الضبط الوثوق بأنَّ هذا سمع هذا الحديث مثلاً من شيخه، وهو ممن يصح تحمله وأداؤه”[5].
وعرَّفه السيوطي بقوله: “فُسر الضبط بأن يكون متيقظًا غير مغفل، حافظًا إن حدث من حفظه، ضابطا لكتابه من التبديل والتغيير إن حدث منه، عالما بما يحيل المعنى إن روى به”[6].
وعرَّفه زين الدين السنيكي: “بأَنْ يُثْبِتَ سماعُ ما روى بخطِّ ثقةٍ مؤتمَن سواءٌ الشَّيخ، والقارئُ، وبعض السَّامعين، وسواءٌ أكتبَ سماعه على الأصل، أم في ثبتٍ بيده، إذا كان الكاتب ثقةً من أهل الخبرة بهذا الشأن، بحيث لا يكون الاعتماد في رواية هذا الراوي عليه، بل على الثِّقة المُقَيِّدِ لذلك”[7].
وعرَّفه الدَّهلوي بقوله: “المراد بالضبط حفظ المسموع وتثبيته من الفَوات والاختلال بحيثُ يتمكَّن من استحضاره”[8].
وعرَّفه أو شُهبة بأنه: “إتقان ما يرويه الراوي بأن يكون متيقظًا لما يروي، غير مغفل وذلك بأن يكثر صوابه على خطئه وغفلته، حافظا لروايته إن حدث من حفظه ضابطا لكتابه إن حدث من كتابه، عالما بما يحيل المعنى عن المراد إن روى بالمعنى حتى يثق”[9].
وقال الصَّنعاني: “الضابط من يكون حافظا متيقظا غير مغفل ولا ساه ولا شاك في حالتي التَّحمل والأداء”[10].
وقال الطاهر الجزائري: “الضابط من الرواة هو الذي يقل خطؤه في الرواية وغير الضابط هو الذي يكثر غلطه ووهمه فيها سواء كان ذلك لضعف استعداده أو لتقصيره في اجتهاده”[11].
من التعريفات السابقة نستخلص أن الضبط يتحقق بأن يكون الراوي متيقظًا غير مغفَّل حافظًا إن حدّث من حفظه، ضابطًا لكتابه من التَّبدييل والتَّغيير، عالمًا بما يُحيل إليه المعنى.
وبمثله قال السَّخاوي[12].
2.1 كيف يعرف الضبط؟
نص العلماء على أن الضبط يُعرف بأن يعتبر رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط، فإن وافقهم غالباً، وكانت مخالفته نادرة عرف كونه ضابطاً ثبتاً[13].
قال الزركشي: “الضَّبط عبارة عَن مُوافقة الثِّقات فيما يَروونه فإِن خالفهم لم يكن ضابطا”[14].
وقال ابن الصلاح: “يعرف كون الراوي ضابطا بأن نعتبر رواياته بروايات الثقات المعروفين بالضبط والإتقان، فإن وجدنا رواياته موافقة -ولو من حيث المعنى- لرواياتهم، أو موافقة لها في الأغلب والمخالفة نادرة، عرفنا حينئذ كونه ضابطًا ثبتًا، وإن وجدناه كثير المخالفة لهم، عرفنا اختلال ضبطه، ولم نحتج بحديثه، والله أعلم”[15].
وقال ابن أمير الحاج: “يعرف رجحان ضبطه بالشهرة وبموافقة المشهورين به أي بالضبط في روايتهم في اللفظ والمعنى أو غلبتها أي الموافقة وإلا إن لم يعرف رجحان ضبطه بذلك فغفلة”[16].
وذكر الشيخ المأربي أمورًا يعرف بها ضبط الصدر تتلخص بالآتي:
1 – استفاضة ضبط الراوي بين الأئمة، وهذه الصورة هي أعلى الصور في هذا الباب.
2 – تزكية بعض أئمة الجرح والتعديل للراوي بأنه يحفظ حديثه ويتقنه.
3 – سَبْر روايات الراوي، ومقارنتها بروايات غيره من الثقات؛ لينظر هل يوافقهم أم يخالفهم؟
4 – إذا نصُّوا على أن الراوي ثقة، وليس له كتاب، فهذا يدل على أنه يحفظ حديثه في صدره.
5 – ومن ذلك قول الراوي عن نفسه: “ما كتبت سوداء في بيضاء” أو “ما يضُرُّني أن تُحْرَق كتبي” ونحو ذلك مما يدل على إتقانه لحديثه.
6 – باختبار الراوي، وللاختبار صور، منها:
أ – أن يأتي إليه أحد أئمة الجرح والتعديل، فيسأله عن بعض الأحاديث، فيحدثه بها على وجه ما، ثم يأتي إليه بعد زمن، فيسأله عن الأحاديث نفسها، فإن أتى بها كما سمعها منه في المرة الأولى؛ علم أن الرجل ضابط لحديثه، ومتقن له.
ب – أن يُدْخِل الإمام منهم في حديث الراوي ما ليس منه، ثم يقرأ عليه ذلك كله، موهمًا أن الجميع حديثه، فإن أقره وقبله، مع ما أُدخل فيه؛ طعن في ضبطه، وإن ميز حديثه من غيره؛ علم أن الرجل ضابط.
ج – أن يلقن الإمام منهم الراوي بقصد اختباره شيئا في السند أو في المتن، لينظر هل سيعرف ويميز؛ فيرد ما لُقِّنَه، أو لا يميز؛ فيقبل ما أُدخل عليه، فإن ميز؛ فهو ضابط، وإلا فغير ضابط.
د – إغراب إمام من الأئمة على الراوي بالحديث، فيقلب سنده، أو متنه، أو يركب سند حديث على متن حديث آخر، أو العكس، ليعرف ضبط الراوي من عدمه أو قلته، ويحكم عليه بما يستحق حسب حِذْقه، وفطنته، وضبطه، أو غفلته، وعدم فهمه، وهذا يفعله الشيوخ مع تلاميذهم لمعرفة نباهتهم وتيقظهم، والعكس.
7 – وكذلك يُعرف الضبط بالمذاكرة، كما قال أبو زرعة: كان أحمد بن حنبل يحفظ ألف ألف حديث، فقيل له: وما يدريك؟ قال: ذاكرتُه، فأخذت عليه الأبواب[17].
أما ضبط الكتاب وهو: صونه عن تطرق الخلل إليه من حين السماع إلى الأداء، فقد ذكر الشيخ المأربي أيضًا أهم طرق معرفته وتتلخص بما يأتي:
“1 – التنصيص من إمام على أن فلانًا صحيح الكتاب، أو أن كتابه هو الحَكَم بين المحدثين، أو أن كتابه كثير العجم والتنقيط، ونحو ذلك مما يدل على ضبطه لكتابه.
2 – أن يصرح الراوي الثقة بضبطه كتابه، كأن يقول: إذا كان كتابي معي فلا أبالي أن يكون فلان من الأئمة عن يميني، والآخر عن شمالي.
3 – التنصيص على أن أصل الراوي الذي يُحدِّث منه مُقَابلٌ على أصل شيخه، أو على نسخة معتمدة منه.
4 – أن يوافق حديثُهُ الذي يرويه من كتابه حديثَ الثقات، فإن هذا يدل على ضبطه لكتابه، وقد يكون عنده ضبط صدر، وقد لا يكون.
5 – التنصيص على أنه لم يكن يُعير كتابه، ولا يُخْرِج أصله من عنده؛ لأن فاعل ذلك قد ينسى المعار إليه، وقد يعيره للمأمون وغير المأمون”[18].
2. أسباب اختلال الضبط عند الرواة:
إن َّ المتأمـل بعنايـة فـي مسـألة الضبـط عنـد أهـل الحديـث، يجـد أن اختـال الضبـط عنـد الـرواة ٍ مرجعـه إلـى سـبب أو أكثـر مـن الأسـباب الآتية:
1ـ غفلة الراوي:
قال صاحب المصباح: “الغفلة غيبة الشيء عن بال الإنسان وعدم تذكره له وقد استعمل فيمن تركه إهمالًا وإعراضًا”[19].
وعرفها الملا علي القاري بأنها: “الذهول عن الإتقان أي الحفظ والإيقان”[20].
ثم قال: والمعنى: “أو فحش غفلته، أي كثرة غفلته، لأن الظاهر أن مجرد الغفلة ليس سببا للطعن لقلة من يعافيه الله منها”[21].
قال السيوطي: “لا تقبل رواية من عرف بكثرة السهو في روايته إذا لم يحدث من أصل صحيح، بخلاف ما إذا حدث منه فلا عبرة بكثرة سهوه، لأن الاعتماد حينئذ على الأصل لا على حفظه”[22].
وقال الخطيب البغدادي: “أخبرنا أبو نعيم الحافظ، ثنا محمد بن أحمد بن الحسن، ثنا بشر بن موسى، قال: قال عبد الله بن الزبير الحميدي، قال: فما الغفلة التي يرد بها حديث الرضا الذي لا يعرف بكذب؟ قلت: هو أن يكون في كتابه غلط، فيقال له في ذلك، فيترك ما في كتابه ويحدث بما قالوا، أو بغيره في كتابه بقولهم، لا يعقل فرق ما بين ذلك، أو يصحف ذلك تصحيفا فاحشا، يقلب المعنى، لا يعقل ذلك فيكف عنه”[23].
وقال القاضي عياض: “الغفلة والسهو عن الحرف وشبهه وما لا يخل بالمعنى مؤثرة في تصحيح السماع كما قالوه ولهذه العلة لم يخرج البخاري من حديث ابن بكير عن مالك إلا القليل وأكثر عنه عن الليث قالوا لأن سماعه كان بقراءة حبيب وقد أنكر هو ذلك”[24].
وقال المنذري: “الصدوق الورع المغفل، الغالب عليه الوهم والخطأ والسهو والغلط، فهذا يكتب من حديثه الترغيب والترهيب والزهد والآداب، ولا يحتج بحديثه في الحلال والحرام”[25].
ونقل الخطيب عن القاضي أبي بكر محمد بن الطيب قوله: “ومن عرف بكثرة السهو والغفلة وقلة الضبط، رُد حديثه”[26].
2ـ اختــلاط الــراوي:
يشترط في الراوي أن يكون حافظًا إن حدث من حفظه حافظا لكتابه إن حدث من كتابه[27]. والاختلاط ينافي الحفظ والاتقان.
قال ابن منظور: “خُولِط الرجلُ فَهُوَ مُخالَطٌ، واخْتَلَطَ عقلُه فَهُوَ مُخْتَلِط إِذا تَغَيَّرَ عقلُه”[28].
والاختلاط في اصطلاح أهل الحديث: “هو كون الراوي ثقة حافظاً، ثم يطرأ سوء الحفظ عليه لسبب من الأسباب”[29].
فالاختلاط هو تغير في الحفظ واختلال في الضبط يحدث للراوي لعدة أسباب منها: كبر سنه، أو ذهاب بصره، أو احتراق كتبه، أو موت بعض أهله، أو سرقة بيته، وغيرها.
ومن أمثلة من اختلط بسبب كبر سنه أبان بن صمعة، قال ابن عدي: “حدثنا ابْن حماد، حدثني صالح، حدثنا علي سمعت عبد الرحمن بن مهدي يقول: أتيت أبان بن صمعة وقد اختلط البتة قلت لعبد الرحمن قبل أن يموت بكم؟ قال بزمان.
حدثنا ابن حماد، حدثني عبد الله، عَن أبيه وسألته عن أبان بن صمعة قال: صالح، قلت لَهُ أليس تغير بأخرة؟ قَال: نعم. قال ابن عدي: وأبان بْن صمعة له من الروايات قليل، وإِنَّما عيب عليه اختلاطه لما كبر”[30].
وقد تنبه المتقدمون من المحدثين إلى ما يمكن أن يرافق الكبر من تغير في الحفظ فامتنع الكثير منهم عن التحديث عنهم.
قال الذهبي: “وليمتنع مع الهرم وتغير الذهن. وليعهد إلى أهله وإخوانه حال صحته: أنكم متى رأيتموني تغيرت، فامنعوني من الرواية”[31].
ومنهم: حماد بن سلمة بن دينار البصري، قال الحافظ ابن حجر: “قال البيهقي هو أحد أئمة المسلمين إلا أنه لما كبر ساء حفظه فلذا تركه البخاري وأما مسلم فاجتهد وأخرج من حديثه عن ثابت ما سمع منه قبل تغيره وما سوى حديثه عن ثابت لا يبلغ اثني عشر حديثا أخرجها في الشواهد”[32].
ومنهم: قيس بن الربيع الأسدي، قال الحافظ ابن حجر: “قال ابن حبان تتبعت حديثه فرأيته صادقا إلا أنه لما كبر ساء حفظه فيدخل عليه ابنه فيحدث منه ثقة به فوقعت المناكير في روايته فاستحق المجانبة”[33].
قال الرَّامْهُرمزي: “فإذا تناهى العمر بالمحدث، فأعجب إلي أن يمسك في الثمانين، فإنه حد الهرم، والتسبيح والاستغفار وتلاوة القرآن أولى بأبناء الثمانين”[34].
وممن اختلط بسبب فقده للبصر عبد الرزاق الصنعاني، قال أبو زرعة: أخبرني أحمد بن حنبل، قال: أتينا عبد الرزاق قبل المئتين وهو صحيح البصر ومن سمع منه بعدما ذهب بصره، فهو ضعيف السماع[35].
وقد امتنع بعض المحدثين عن التحديث بسبب فقد بصره.
قال الخطيب البغدادي: “كان عبيد الله بن عمر قد عمي وقطع الحديث”[36].
وممن اختلط بسبب احتراق كتبه: عبد العزيز بن عمران بن عبد العزيز بن عبد الرحمن بن عوف الزهري المدني الأعرج المعروف بابن أبي ثابت، قال عمر بن شبة: كان كثير الغلط في حديثه لأنه احترقت كتبه فكان يحدث من حفظه[37].
ومنهم عبد الله بن لهيعة، قال ابن أبي حاتم: “حدثنا عبد الرحمن حدثنا محمد بن إبراهيم قال سمعت عمرو بن علي يقول: عبد الله بن لهيعة احترقت كتبه، فمن كتب عنه قبل ذلك مثل ابن المبارك، وعبد الله بن يزيد المقري أصح من الذين كتبوا بعد ما احترقت الكتب”[38].
وقال ابن حبان: “هذا إذا ميز بين حديثه المعروف عنه الذي حدث من كتابه وبين ما حدث بعد احتراق كتبه، وقد سبرت حديثه من رواية العبادلة عنه عبد الله بن المبارك وعبد الله بن وهب وعبد الله بن يزيد المقري وبين حديثه الذي حدث بعد احتراق كتبه، فَلَمَّا حدث بما ليس من حديثه بعد احتراق كتبه، فرأيت في القديم أشياء مُدلَّسة وأوهامًا كثيرة تدل على قلة مبالاة كانت فيه قبل احتراق كتبه، فلما حدث بما ليس من حديثه بعد احتراق كتبه استحق الترك”[39].
ومنهم أيضًا: عمر بن الإمام أبي الحسن علي بن أحمد الوادي الشهير باب الملقن، قال عنه برهان الدين الحلبي:”إمام عالم كثير الفوائد والمؤلفات اختلط قبل موته فيما بلغني بسبب احتراق كتبه”[40].
وممن اختلط بسبب موت ابنه، محمد بن عبد القادر بن عثمان الجعفري النابلسي الحنبلي، قال عنه برهان الدين الحلبي: “بلغني أنه اختلط قبل موته بسبب موت ابنه صاحبنا الإمام شرف الدين عبد القادر الحنبلي قاضي دمشق”[41].
وأما سرقة كتب المحدث فقد تعرضت بعض كتب المحدثين للسرقة مما أدى إلى وهم الراوي الذي لا يحدث من حفظه، وقد ذكرت لنا كتب التراجم والجرح والتعديل بعض هؤلاء المحدثين الذين سرقت كتبهم ومنهم:
عبد الرزاق بن عمر الثقفي أبو بكر الدمشقي الكبير، قال الحافظ ابن حجر:” قال أبو داود: ضعيف الحديث سرقت كتبه وكانت في خرج وكان يتبع حديث الزهري ومن ها هنا وها هنا وليس حديثه بشيء”[42].
ومنهم: محمد بن جابر بن سيار بن طلق السحيمي، قال الحافظ ابن حجر: “قال أبو زرعة قال أبي ذهبت كتبه في آخر عمره وساء حفظه وكان يلقن”[43].
ومنهم: عبد الحميد بن ابراهيم الحضرمي، قال ابن أبي حاتم: “سمع كتب عبد الله بن سالم عن الزبيدي الا انها ذهبت كتبه فقال لا أحفظها”[44].
ومنهم: سليمان بن داود المنقري يعرف بِالشَّاذَكُونِيِّ، قال ابن عدي: “سألت عبدان عن الشاذكوني كيف هو فقال معاذ الله أن يتهم الشاذكوني وإنما كانت كتبه قد ذهبت فكان يحدث حفظا فيغلظ”[45].
وأما عن دفن كتب بعض المحدثين فقد لجأ البعض لدفن كتبه تحت التراب بغية التفرغ للعبادة والانقطاع عن الناس، ومن هؤلاء يوسف بن إسباط بن واصل الشيباني، قال عنه البخاري: “قال صدقة: دفن يوسف بن أسباط كتبه فكان بعد يقلب عليه ولا يجيء كما ينبغي يضطرب في حديثه”[46].
وقال العجلي: “كوفي، ثقة صاحب سنة وخير، دفن كتبه، تحول إلى قرية يقال لها: سَيْلحين بين أنطاكية وحلب وآواه أبو أسامة إلى قريته وهو في سن وكيع دفن كتبه وقال: لا يصلح قلبي عليها”[47].
وقال الحافظ ابن حجر: “نزل قرية بين حلب وأنطاكية، قال العجلي صاحب سند وخبر، دفن كتبه وقال لا يصلح فكبر عليها، وقال البخاري: كان قد دفن كتبه فصار لا يجيء بحديثه كما ينبغي”[48].
فكان ممن لا يحفظ حديثه بل يعتمد على كتبه، وبهذا أشار ابن عدي في ترجمته فقال: “هو عندي من أهل الصدق إلا أنه لما عدم كتبه كان يحمل على حفظه فيغلط ويشتبه عليه، ولا يتعمد الكذب”[49].
ومنهم: مؤمل بن إسماعيل القرشي، أيضًا ممن دفن كتبه فوقع في الخطأ، قال عنه الحافظ ابن حجر: “قال البخاري: مات سنة خمس أو ست وقال غيره دفن كتبه فكان يحدث من حفظه فكثر خطؤه”[50].
ومنهم: حماد بن أسامة بن زيد القرشي، قال عنه ابن حجر: “وقال الآجري عن أبي داود قال وكيع نهيت أبا أسامة أن يستعير الكتب وكان دفن كتبه وحكى الأزدي في الضعفاء عن سفيان بن وكيع قال كان أبو أسامة يتتبع كتب الرواة فيأخذها وينسخها قال لي بن نمير أن المحسن لأبي أسامة يقول أنه دفن كتبه ثم تتبع الأحاديث بعد من الناس”[51].
3ـ إدخال أحاديث ليست للمحدِّث:
مهمة الورَّاقين هو نسخ الأحاديث لطلبة العلم وطبيعة مهنتهم هذه تتطلب الاتقان والدقة الشديدة، إلا أن بعض الوراقين لم يراعِ هذا الأمر وللأسف مما جعله يدس أحاديث ليست للمحدث، ومن أمثال هؤلاء المحدثين الحفاظ والذين اختلت ثقتهم بسبب وراق لهم هو أحمد بن عمير بن جوصاء.
قال الحافظ ابن حجر: “قال همام محمد بن إبراهيم الكرخي: بن جوصاء بالشام كابن عقدة بالكوفة يعني في سعة الحفظ وقال مسلمة بن قاسم كان عالما بالحديث مشهورا بالرواية عارفا بالتصنيف وكان الرحلة إليه في زمانه وكان له وراق يتولى القراءة عليه وإخراج كتبه فساء ما بينهما فاتخذوا وراقا غيره فأدخل الوراق الأول أحاديث في روايته وليست من حديثه فحدث بها بن جوصاء فتكلم الناس فيه ثم وقف عليها فرجع عنها”[52].
ومنهم إبراهيم بن عصمة العدل، قال عنه الذهبي: “أدخلوا في كتبه أحاديث، وهو في نفسه صادق”[53].
وقال عنه الحافظ ابن حجر: “أدخلوا في كتبه أحاديث وهو في نفسه صادق انتهى وهذا الرجل من مشايخ الحاكم قال في تاريخه أدركته وقد شاخ وكان قد سمع أباه وغيره قبل الثمانين ومائتين وكانت أصوله صحاحا وسماعاته صحيحة فوقع اليه بعض الوراقين فزاد فيه أشياء قد برأ الله أبا إسحاق منها”[54].
ومنهم: سفيان بن وكيع بن الجراح، قال الحافظ ابن حجر: “قرطمة وراق سفيان بن وكيع كان يدخل عليه الأحاديث الباطلة فيحدث بها سفيان فينبهونه فلا يرجع فلأجل هذا تركوا حديثه وقرطمة سماه بن الجوزي في مقدمة الموضوعات ثم رأيت في مقدمة الضعفاء لأبي حاتم بن حبان في النوع الرابع عشر قال ومنهم سفيان بن وكيع كان له وراق يقال له قرمطة يدخل عليه الحديث”[55].
وقال الذهبي: “سفيان بن وكيع وراقه أدخل عليه أحاديث، فرواها وكلمناه فيها فلم يرجع عنها”[56].
وقال ابن حبان: “وكان شيخا فاضلا صدوقا إلا أنه ابتلي بوراق سوء كان يدخل عليه الحديث وكان يثق به فيجيب فيما يقرأ عليه وقيل له بعد ذلك في أشياء منها فلم يرجع فمن أجل إصراره على ما قيل له استحق الترك”[57].
4ـ تلاعب الابن أو الجار في كتب المحدث:
قد يتلاعب بكتب المحدث بعض أقاربه أو جيرانه، فيدسوا بعض الأحاديث في كتبه، ومن أمثلة من ابتلي بدس ابنه في كتبه عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي المصيصي قلب ابنه عليه أكثر من مائة وخمسين حديثاً، فتعرض للجرح من النقاد بسبب قبوله للتلقين، وعدم ضبطه لكتابه، قال عنه ابن حبان: “كان آفته ابنه لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل الاعتبار ولعله أقلب له على مالك أكثر من مائة وخمسين حديثا فحدث بها كلها”[58].
وقال السمعاني: “كان آفته ابنه، لا يحل ذكره في الكتب إلا على سبيل الاعتبار، ولعله قد أقلب له على مالك أكثر من مائة وخمسين حديثا فحدث بها كلها”[59].
وقال ابن العجمي: “ذكره شيخنا الحافظ العراقي في شرح ألفيته في علوم الحديث فيما قرأ قرأته عليه غير مرة في الضرب الذين امتحنوا بأولادهم أو وراقين فوضعوا لهم أحاديث ودسوها فحدثوا من غير أن يشعروا”[60].
ومن أمثلة تلاعب الجار بكتب المحدث عبد الله بن صالح بن محمد المصري، كان له جار بينه وبينه عداوة، وكان جاره يكتب أحاديث بخط مشابه لخط ابن صالح ويضعها بين كتبه فيظنها ابن صالح أنها من حديثه، قال ابن حبان :”وكان في نفسه صدوقا يكتب لليث بن سعد الحساب وكان كاتبه على الغلات وإنما وقع المناكير في حديثة من قبل جار له رجل سوء سمعت بن خزيمة يقول كان له جار بينه وبينه عداوة فكان يضع الحديث على شيخ عبد الله بن صالح ويكتب في قرطاس بخط يشبه خط عبد الله بن صالح ويطرح في داره في وسط كتبه فيجده عبد الله فيحدث به فيتوهم أنه خطه وسماعه فمن ناحيته وقع المناكير في أخباره”[61].
5ـ اعتماد المحدث على حفظه دون كتابه:
يعرف بعض الرواة بإتقانه إن حدث من كتابه لا من حفظه ولكن قد يتعرض أحدهم للتحديث من حفظه إما لضياع كتابه أو ابتعاده عنه.
ومن أمثال من ضاع كتابه: إسماعيل بن عياش قال المزي: “قال محمد بن عثمان بن أبي شيبة :سمعت يحيى بن معين يقول: إسماعيل بن عياش ثقة فيما روى عن الشاميين، وأما روايته عن أهل الحجاز فإن كتابه ضاع، فخلط في حفظه عنهم”[62].
ومنهم: عبد الرزاق بن عمر الثقفي، أبو بكر الدمشقي، قال الذهبي: “قال أبو مسهر: ضاع كتابه عن الزهري، فكان يتتبعه بعد أن ذهب فيؤخذ عنه ما سواه”[63].
ومنهم: صخر بن جويرية أبو نافع: قال الحافظ ابن حجر: “قال القطان: ذهب كتابه ثم وجده؛ فتكلم فيه لذلك”[64].
وممن ابتعد عن كتبه، معمر بن راشد عندما وصل البصرة لزيارة أمه فحدث بها من حفظه، قال الذهبي: “مع كون معمر ثقة، ثبتا فله أوهام لا سيما لما قدم البصرة لزيارة أمه، فإنه لم يكن معه كتبه، فحدث عن حفظه فوقع للبصريين عنه أغاليط”[65].
وممن حدث من حفظه لغرق كتبه أحمد بن محمد بن يوسف بن محمد بن دوست أبو عبد الله البزاز، قال الذهبي: “سمعت أبا القاسم الأزهري، يقول: ابن دوست ضعيف، رأيت كتبه كلها طرية، وكان يذكر أن أصوله العتق غرقت، فاستدرك نسخها.
سألت أبا بكر البرقاني عن ابن دوست، فقال: كان يسرد الحديث من حفظه، وتكلموا فيه، وقيل: إنه كان يكتب الأجزاء ويُترِّبها ليُظن أنها عتق.
حدثني عيسى بن أحمد بن عثمان الهمذاني، قال: سمعت حمزة بن محمد بن طاهر، يقول: مكث ابن دوست سبع عشرة سنة يملي الحديث، وكان إذا سئل عن شيء أملى من حفظه في معنى ما سئل عنه”[66].
6ـ عبث المُؤتَمَن بكتب المحدث:
يلجأ بعض المحدثين إلى إيداع كتبه عند آمن يثقون به بسبب سفر المحدث أو الخوف على الكتاب من الضياع أو غيرها من الأسباب، ولكن وقع وللأسف في حالات نادرة تلاعب المؤتمن في كتاب المحدث، ومثال ذلك أن خارجة بن مصعب بن خارجة السرخسي أودع كتبه عند غياث النخعي، ولكن غياثاً خان الأمانة، فبدل وأضاف في كتبه، قال الحافظ ابن حجر: ” قال أبو داود ضعيف وقال مرة ليس بشيء وقال أيضا عنه خارجة أودع كتبه عند غياث بن إبراهيم فأفسدها عليه”[67].
7ـ جمع الأسانيد من غير تمييز للمتن الواحد:
يلجأ أحيانا بعض الرواة لجمع الشيوخ في إسناد واحد من دون تمييز ولا اتقان مما تسبب في اختلال الضبط لديه، وممن عرف بذلك حماد بن سلمة، قال الإمام أحمد: “هذا من قبل حماد، كان لا يقوم على مثل هذا، يجمع الرجال ثم يجعله إسنادًا واحدًا وهم يختلفون”[68].
ومنهم الواقدي صاحب المغازي، قال الإمام أحمد: “ليس أنكر عليه شيئا، إلا جمعه الأسانيد، ومجيئة بمتن واحد على سياقة واحدة عن جماعة ربما اختلفوا”[69].
8ـ انشغال الراوي بعمله وبُعده عن الرواية:
قد يبتعد الراوي أحيانا عن الرواية لانشغاله بعمل ما كانشغاله بمهنة القضاء مثلا والتي تصرف صاحبها عن ممارسة الرواية والتحديث مما يؤدي إلى تشوش الذهن واختلال الضبط، بمثل ما حصل للقاضي شريك بن عبد الله النخعي، قال العجلي: بعد ما ذكر أنه ثقة، “وكان صحيح الحديث، ومن سمع منه قديما فحديثه صحيح، ومن سمع منه بعدما ولي القضاء ففي سماعه بعض الاختلاط”[70].
ومنهم: حفص بن غياث، قال الحافظ ابن حجر: “قال بن كامل ولاه الرشيد قضاء الشرقية ببغداد ثم عزله وولاه قضاء الكوفة… وقال يعقوب ثقة ثبت إذا حدث من كتابه ويتقي بعض حفظه… وقال أبو زرعة ساء حفظه بعدما استقضي فمن كتب عنه من كتابه فهو صالح وإلا فهو كذا”[71].
9ـ من ينام كثيرًا ولا يبالي بالسماع:
من يعرف بالتساهل في السماع فيقع منه النوم كثيرًا مثلًا فإن هذا يخل بضبطه وترد روايته.
قال السيوطي: “لا تقبل رواية من عرف بالتساهل في سماعه أو إسماعه كمن لا يبالي بالنوم في السماع “[72].
ومثال ذلك ما كان يحدث من عبد الله بن وهب، قال السخاوي: “قال عثمان بن أبي شيبة: إنه رآه وأخوه أبو بكر وغيرهما من الحفاظ وهو نائم في حال كونه يقرأ له على ابن عيينة، وإن عثمان قال للقارئ: أنت تقرأ وصاحبك نائم، فضحك ابن عيينة. قال عثمان: فتركنا ابن وهب إلى يومنا هذا، فقيل له: ولهذا تركتموه؟ قال: نعم، أتريد أكثر من ذا؟ ثم إنه لا يضر في كل من التحمل والأداء النعاس الخفيف الذي لا يختل معه فهم الكلام، لا سيما من الفطن، فقد كان الحافظ المزي ربما ينعس في حال إسماعه، ويغلط القارئ أو يزل فيبادر للرد عليه، وكذا شاهدت شيخنا غير مرة، بل بلغني عن بعض العلماء الراسخين في العربية أنه كان يقرئ شرح ألفية النحو لابن المصنف وهو ناعس”[73].
3. أنواع الأحاديث الناشئة عن الاختلال في الضبط:
ينشأ عن الخفة والاختلال في الضبط أنواعًا من الحديث منها:
1ـ الحديث الحسن لذاته:
قال الحافظ ابن حجر: “فإِن خفَّ الضَّبط؛ مع بقية الشروط المتقدمة في حدِّ الصحيح؛ فهُو الحسن لذاته”[74].
وقال الشيخ نور الدين عتر: “هو ما اتَّصل سنده بنقل العدل الذي خفَّ ضَبطه، عن مثله[75] إلى مُنتهاه، من غير شذوذ ولا علَّة”[76].
وهو كالصَّحيح في الاحتجاج به، وإن كان دُونَه في القوة، ولذلك احتجَّ به جميع الفقهاء، وعملوا به، وعلى الاحتجاج به مُعظم المُحدِّثين والأصوليين، والدليل على ذلك أنَّ صفاتَ القبول موجودة فيه وإن كانت أدنى منها في الصَّحيح كما هو قول جمهور العلماء.
مثاله:
ما أخرجه الترمذي في سننه قال: حَدَّثَنَا عَبَّاسُ بْنُ مُحَمَّدٍ الدُّورِيُّ الْبَغْدَادِيُّ حَدَّثَنَا عَلِىُّ بْنُ الْحَسَنِ أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ عَنْ سَعِيدٍ الْمَقْبُرِي عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّكَ تُدَاعِبُنَا. قَالَ: «إِنِّي لاَ أَقُولُ إِلاَّ حَقًّا». قَالَ الترمذي: “هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ”[77].
فهذا الحديثٌ رجال إسناده ثقات إلا أسامة بن زيد الليثي فهو خفيف الضبط، قال عنه الحافظ ابن حجر: “صدوق يَهم”[78]، فبالتالي نزل الحديث من رتبة الصحيح لذاته إلى رتبة الحسن لذاته.
2ـ الحديث الشاذ:
وهو: ما رواه المَقْبُولُ مُخالفاً لِمَن هو أولى منه[79].
ومن أمثلته:
ما رواه أبو داود والتِّرمذي من حديث عَبْدُ الْوَاحِدِ بنُ زِيَاد حَدَّثَنَا الأَعْمَشُ عَنْ أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمُ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ الصُّبْحِ فَلْيَضْطَجِعْ عَلَى يَمِينِهِ»[80].
قال البيهقي: “وهذا يحتمل أن يكون المراد به الإباحة، فقد رواه محمد بن إبراهيم التَّيمي عن أبي صالح عن أبي هريرة حكايةً عن فعل النبي صلى الله عليه وسلم لا خَبراً عن قوله، وهذا أولى أن يكون محفوظاً لموافقته سائر الروايات عن عائشة وابن عباس رضي الله عنهما”[81].
ومنه أيضًا:
ما أخرجه الدَّارقطني عن عمرو بن سعيد عن عطاء بن أبي رباح عن عائشة رضي الله عنها: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كانَ يَقْصُرُ في السّفَر وَيُتمُّ وَيّصُومُ وَيفْطِرُ[82]. فهذا حديث رجال إسناده ثقات، وقد صحَّحَ إسناده الدَّارقطني، لكنَّه شاذ سنداً ومتناً: أما السَّند فلأنه خالف ما اتفق عليه الثقات عن عائشة أنَّه من فِعْلها غير مرفوع.
وأما المتن فلأنَّ الثابتَ عندهم مواظبته صلى الله عليه وسلم على قصر الصلاة في السَّفر، لذلك قال الحافظ ابن حجر في بلوغ المرام: “والمحفوظ من فعلها”[83]. أي رواية ذلك موقوفاً عليها لا مرفوعاً[84].
3ـ الحديث المقلوب:
وهو: إبدال لفظٍ بآخر، في سند الحديث، أو متنه، بتقديمٍ، أو تأخيرٍ، ونحوه[85].
والقلب يكون في السند وفي المتن، ومن صور القلب في السند:
أن يُقدِّم الراوي ويؤخر في اسم أحد الرواة، واسم أبيه؛ كحديث مروي عن “كَعب بن مُرة” فيرويه الراوي عن “مُرة بن كَعب”.
وأما مقلوب المتن فمن صوره:
أن يُقَدِّم الراوي ويُؤَخر في بعض متن الحديث.
ومثاله: حديث أبي هريرة رضي الله عنه: “إِذَا أَمَرْتُكُمْ بِشَيْءٍ فَأْتُوهُ، وَإِذَا نَهَيْتُكُمْ عَنْ شَيْءٍ فَاجْتَنِبُوهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ”[86].
والمعروف ما في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: “مَا نَهَيْتُكُمْ عَنْهُ فَاجْتَنِبُوهُ، وَمَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ فَافْعَلُوا مِنْهُ مَا اسْتَطَعْتُمْ”[87].
4ـ الحديث المُصحَّف:
وهو: تغيير الكلمة في الحديث إلى غير ما رواها الثِّقات، لفظاً أو معنى[88].
ويقع التَّصحيف في الإسناد وفي المتن:
فمثال تصحيف الإسناد: حديث شعبة، عن “العَوَّام بن مُرَاجِم”(بالراء والجيم). صحَّفه ابن مَعين، فقال: عن “العَوَّام بن مُزاحِم” (بالزاي والحاء)[89].
ومثال تصحيفٌ المتن: حديث عَنْ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رضي الله عنه قَالَ احْتَجَرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حُجَيْرَةً مُخَصَّفَةً أَوْ حَصِيراً، فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّى فِيهَا…”[90] صحَّفّه ابن لهِيْعَة فقال: “احْتَجَم” بدل “احْتَجَر”.
وحديث: «مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتًّا مِنْ شَوَّالٍ، كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْر»[91] صحَّفَه أبو بكر الصُّوْلي فقال: “مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ شيئاً من شَوَّال… ” فصَحَّف “ستاً” إلى “شيئاً”[92].
5ـ الحديث المُضطَّرب:
وهو الحديثُ الذي يُروى مٍنْ قِبَل راوٍ واحدٍ أو أكثرَ على أوجُهٍ مُختلفةٍ مُتساويةٍ، لا مُرجَّحَ بينها، ولا يُمكن الجَمْع[93].
وأكثر ما يكون الاضطراب في الإسناد ومن أمثلته: حديث عمرو بن أبي عمرو عن المطَّلب عن جابر بن عبد اللَّه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: “صَيْدُ الْبَرِّ لَكُمْ حَلَالٌ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ مَا لَمْ تَصِيدُوهُ أَوْ يُصَدْ لَكُمْ“.
رواه عمرو بن أبي عمرو المدني فاضطّرب فيه:
مرة قال: عن المُطَّلب عن جابر مرفوعاً[94]، ومرة قال: عن المُطَّلب عن أبي موسى مرفوعًا[95]،
ومرة قال: عن رجل من بني سلمة عن جابر مرفوعًا[96].
والحديث مداره على عَمرو بن أبي عمرو وهو موصوف بالاضِّطراب فالظَّاهر أنَّ الاضِّطراب منه.
6ـ الحديث المُدرج: “وهو ما غُيِّرَ سياق إسناده، أو أُدخل في متنه ما ليس منه بلا فصل”[97].
ذكر العلماء لإدراج السَّند صوراً مُتعدِّدة منها:
1ـ أن يسمع الراوي حديثاً عن جماعة مختلفين في إسناده فيرويه عنهم بإسناد واحد، ولا يُبيّن اختلافهم.
مثاله: قال أبوداود: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ الْمَهْرِيُّ أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ أَخْبَرَنِي جَرِيرُ بْنُ حَازِمٍ وَسَمَّى آخَرَ عَنْ أَبِى إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ، وَالْحَارِثِ الأَعْوَرِ عَنْ عَلِىٍّ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: «فَإِذَا كَانَتْ لَكَ مِائَتَا دِرْهَمٍ وَحَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فَفِيهَا خَمْسَةُ دَرَاهِمَ…»[98] هنا أُدرج فيه إسناد في آخر، ذلك أن عَاصِمِ بْنِ ضَمْرَةَ رواه موقوفاً على علي رضي الله عنه، وَالْحَارِثِ الأَعْوَرِ رواه مرفوعاً والحارث مُتَّهم بالكذب، فجاء جرير بن حازم وأدرج السَّندين معاً وجعله مرفوعاً من روايتيهما، والصَّواب أنَّه موقوف على عليٍّ رضي الله عنه.
2ـ أن يَسوق الراوي الإسناد، فيُعرَض له عارض، فيقول كلاماً من قِبَل نفسه، فيظُنُّ بعض من سَمِعَه أنَّ ذلك الكلام هو متن ذلك الإسناد، فيرويه عنه كذلك فيتغير سياق الإسناد.
مثاله: قصة ثَابِتُ بْنُ مُوسَى في روايته: “مَنْ كَثُرَتْ صَلاَتُهُ بِاللَّيْلِ، حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَار”[99] وأصلُ القصة أنَّ ثابتَ بن موسى، دَخَل على شَرِيكٍ بن عبد الله القاضي وهو يُمْلي ويقول: عَنِ الأَعْمَشِ، عَنْ أَبِي سُفْيَانَ، عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم…، وسكت ليكتُب المُسْتَمْلِي[100]، فلما نَظر إلى ثابت قال: “مَنْ كَثُرَتْ صَلاَتُهُ بِاللَّيْلِ، حَسُنَ وَجْهُهُ بِالنَّهَار”، وقصد بذلك ثابتاً لزهده وورعه، فظنَّ ثابتٌ أنَّه متن ذلك الإسناد، فكان يحدِّثُ به كذلك[101].
الخاتمة:
وبعد هذا العرض لمفهوم الضبط عند المحدثين وأنواعه وأسباب اختلاله نخلص إلى النتائج الآتية:
1ـ يُعد شرط الضبط أحد أركان قبول الرواية، وقد اتخذ المحدثون منهجا دقيقا في نقد ضبط الراوي حرصًا على حماية السنة النبوية من الدَّس أو التلاعب.
2ـ يتحقَّق ضبط الراوي بكونه متيقظاً غير مغفل، حافظًا إن حدَّث من حفظه، ضابطًا لكتابه من التبديل والتغيير، عالمًا بما يحيل المعنى.
3ـ الضبط النوعان، ضبط صدر وذلك بإثبات ما سمعه الراوي واستحضاره متى شاء، وضبط كتاب وذلك بصونه عن تطرق الخلل إليه.
4ـ يُعرف ضبط الصدر بالاستفاضة، والتزكية، وبموافقة الثقات، والمذاكرة، وغيرها.
5ـ يُعرف ضبط الكتاب بتنصيص إمام، وتصريح الثقة، وبموافقة ما يرويه من كتابه حديث الثقات، وغيرها.
6ـ اختلال الضبط له عدة أسباب من أهمها: الغفلة، واختلاط الراوي، وسرقة كتبه، أو دفنها، وتلاعب الورَّاق والابن والجار في كتبه، والابتعاد عن الكتاب، وعبث المؤتمن بكتاب المحدِّث، وانشغال الراوي بعمله، وعدم المبالاة في السماع بكثرة النوم. 7ـ ينشأ عن الاختلال بالضبط أنواعًا من الحديث منها: الحسن، والشاذ، والمقلوب، والمصحَّف، والمضطَّرب، والمُعَلَّل، والمدرج.
[1] الخليل بن أحمد، الفراهيدي، العين، مح. مهدي المخزومي، وإبراهيم السامرائي، (بيروت: دار ومكتبة الهلال، د.ت)، 7/23.
[2] محمد بن مكرم، ابن منظور، لسان العرب، ط3، (بيروت: دار صادر، 1993م)، 7/340.
[3] علي بن محمد، الجرجاني، التعريفات، (بيروت: دار الكتب العلمية، 1983م) ،137.
[4] عبد الرؤوف بن تاج العارفين، المناوي، التوقيف على مهمات التعاريف، (القاهرة: عالم الكتب، القاهرة،1990م)، 221.
[5] برهان الدين إبراهيم بن عمر، البقاعي، النكت الوفية بما في شرح الألفية، مح. ماهر ياسين الفحل، (القاهرة: مكتبة الرشد، 2007 م)، 1/169.
[6] جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، السيوطي، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، مح. نظر محمد الفاريابي، (الرياض: دار طيبة، د.ت)، 1/353.
[7] زكريا بن محمد، السنيكي، فتح الباقي بشرح ألفية العراقي، مح. عبد اللطيف هميم، ماهر الفحل، (بيروت: دار الكتب العلمية، 2002م)، 1/41.
[8] عبد الحق بن سيف الدين، الدهلوي، مقدمة في أصول الحديث، مح. سلمان الحسيني الندوي، ط2، (بيروت: دار البشائر الإسلامية، 1986م)، 62.
[9] محمد بن محمد، أبو شُهبة، الوسيط في علوم ومصطلح الحديث، (بيروت: دار الفكر العربي، د.ت)، 91.
[10] محمد بن إسماعيل، الصنعاني، توضيح الأفكار لمعاني تنقيح الأنظار، مح. صلاح بن عويضة، (بيروت: دار الكتب العلمية، بيروت،1997م)، 1/16.
[11] طاهر بن صالح، الجزائري، توجيه النظر إلى أصول الأثر، مح. عبد الفتاح أبو غدة، (حلب: مكتبة المطبوعات الإسلامية، 1995م)، 1/105.
[12] محمد بن عبد الرحمن، السخاوي، فتح المغيث بشرح الفية الحديث للعراقي، مح. علي حسين، (مصر: مكتبة السنة، 2003م)، 1/28.
[13] الجرجاني، التعريفات، 51، الزركشي، النكت، 1/102، برهان الدين إبراهيم بن عمر، الجعبري، رسوم التحديث في علوم الحديث، مح. إبراهيم بن شريف الميلي، (بيروت: دار ابن حزم، 1421هـ / 2000م)، 100.
[14] بدر الدين محمد بن عبد الله بن بهادر، الزركشي، النكت على مقدمة ابن الصلاح، مح. زين العابدين بن محمد بلا فريج، (الرياض: أضواء السلف، 1998م)، 1/102.
[15] عثمان بن عبد الرحمن، ابن الصلاح، معرفة أنواع علوم الحديث، مح. نور الدين عتر، (دمشق: دار الفكر،1986م)، 106.
[16] محمد بن محمد، ابن أمير الحاج، التقرير والتحبير، ط2 (بيروت: دار الكتب العلمية، 1983م)، 2/224.
[17] مصطفى بن إسماعيل، المأربي، الجواهر السليمانية شرح المنظومة البيقونية، (الرياض: دار الكيان، 2006م)، بتصرف يسير 60-66.
[18] المأربي، الجواهر السليمانية، 66.
[19] أحمد بن محمد، الفيومي، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، (بيروت: المكتبة العلمية، د.ت)، 2/449.
[20] علي بن سلطان محمد، الملا علي القاري، شرح نخبة الفكر في مصطلحات أهل الأثر، مح. محمد نزار تميم وهيثم نزار تميم، (بيروت: دار الأرقم، د.ت)، 432.
[21] المصدر السابق.
[22] السيوطي، تدريب الراوي،1/401.
[23] أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت، الخطيب البغدادي، الكفاية في علم الرواية، مح. أبو عبد الله السورقي، إبراهيم حمدي المدني، (المدينة المنورة: المكتبة العلمية، د.ت)،148.
[24] عياض بن موسى السبتي، القاضي عياض، الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع، تحقيق: السيد أحمد صقر، (القاهرة: دار التراث،1970م)،1/78.
[25] عبد العظيم بن عبد القوي، المنذري، جواب الحافظ أبى محمد عبد العظيم المنذري المصري عن أسئلة في الجرح والتعديل، مح. عبد الفتاح أبو غدة، (حلب: مكتب المطبوعات الإسلامية، د.ت)، 49.
[26] البغدادي، الكفاية، 152.
[27] البغدادي، الكفاية، 30.
[28] ابن منظور، لسان العرب، 7/295.
[29] وصى الله بن محمد، عباس، علم علل الحديث ودوره في حفظ السنة النبوية، (المدينة المنورة: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، د.ت)، 30.
[30] ابن عدي، الجرجاني، الكامل في ضعفاء الرجال، (بيروت: دار الكتب العلمية، 1997 م)، 2/73.
[31] شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان، الذهبي، الموقظة في علم مصطلح الحديث، ط2، (حلب: مكتبة المطبوعات الإسلامية، 1992م)، 1/66.
[32] أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، (الهند: مطبعة دائرة المعارف النظامية، 1908م)، 3/14
[33] ابن حجر، تهذيب التهذيب، 8/394.
[34] الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد، الرامهرمزي، المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، مح. محمد عجاج الخطيب، ط3، (بيروت: دار الفكر، 1984م)، 352
[35] يوسف بن عبد الرحمن، المزي، تهذيب الكمال في أسماء الرجال، تحقيق: بشار عواد معروف، (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1980م)، 18/58.
[36] أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت بن مهدي، الخطيب البغدادي، الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، مح. محمود الطحان، (الرياض: مكتبة المعارف، د.ت)، 2/305.
[37] ابن حجر، تهذيب التهذيب، 6/351.
[38] عبد الرحمن ابن أبي حاتم، الرازي، الجرح والتعديل، (حيدر أباد: طبعة مجلس دائرة المعارف العثمانية،1952م)، 5/147.
[39] أبو حاتم محمد، ابن حبان ، المجروحين من المحدثين، مح. حمدي عبد المجيد السلفي، (الرياض: دار الصميعي للنشر والتوزيع، 2000 م)، 2/74.
[40] إبراهيم بن محمد بن خليل، برهان الدين الحلبي، الاغتباط بمن رمي من الرواة بالاختلاط، مح. علاء الدين علي رضا، (القاهرة: دار الحديث، 1988م)، 79.
[41] المصدر السابق، 100.
[42] ابن حجر، تهذيب التهذيب، 6/309-310.
[43] ابن حجر، تهذيب التهذيب، 9/89.
[44] ابن أبي حاتم، الجرح والتعديل، 6/.8
[45] ابن عدي، الكامل، 4/300.
[46] محمد بن إسماعيل، البخاري، التاريخ الأوسط، مح. محمود إبراهيم زايد، (حلب: مكتبة دار التراث، 1977م)، 2/265.
[47] أحمد بن عبد الله بن صالح، العجلي، تاريخ الثقات، (مكة المكرمة: دار الباز،1984م)، 485.
[48] ابن حجر، تهذيب التهذيب، 11/408.
[49] ابن عدي، الكامل، 8/489.
[50] ابن حجر، تهذيب التهذيب، 10/381.
[51] ابن حجر، تهذيب التهذيب، 3/3.
[52] أحمد بن علي بن حجر، لسان الميزان، تحقيق: دائرة المعرف النظامية، ط2، (بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات،1971م)، 1/240.
[53] شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان الذهبي، ميزان الاعتدال في نقد الرجال، مح. علي محمد البجاوي، (بيروت: دار المعرفة للطباعة والنشر،1963 م)، 1/48.
[54] ابن حجر، لسان الميزان، 1/80.
[55] ابن حجر، لسان الميزان، 3/473.
[56] الذهبي، ميزان الاعتدال، 1/114.
[57] ابن حبان، المجروحين، 1/359.
[58] ابن حبان، المجروحين، 2/39.
[59] عبد الكريم بن محمد بن منصور، السمعاني، الأنساب، مح. عبد الرحمن بن يحيى المعلمي اليماني وغيره، (حيدر أباد: مجلس دائرة المعارف العثمانية ،1962 م)، 10/351.
[60] إبراهيم بن محمد بن خليل، برهان الدين الحلبي، الكشف الحثيث عمن رمي بوضع الحديث، مح. صبحي السامرائي، (بيروت: عالم الكتب،1987م)، 157.
[61] ابن حبان، المجروحين، 2/40.
[62] المزي، تهذيب الكمال، 3/174.
[63] الذهبي، ميزان الاعتدال، 2/608.
[64] نور الدين بن علي بن عبد الله، الوصابي، تحفة اللبيب بمن تكلم فيهم الحافظ ابن حجر من الرواة في غير التقريب، (المنصورة: مكتبة ابن عباس للنشر والتوزيع، 2010 م)، 1/453.
[65] شمس الدين محمد بن أحمد بن عثمان، الذهبي، سير أعلام النبلاء، (القاهرة: دار الحديث، 2006م)،6/475.
[66] أبو بكر أحمد بن مهدي، الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، مح. بشار عواد معروف، (بيروت: دار الغرب الإسلامي، 2002 م)، 6/320.
[67] ابن حجر، تهذيب التهذيب، 3/78.
[68] ابن رجب، شرح علل الترمذي، 1/153.
[69] البغدادي، تاريخ بغداد، 4/20.
[70] ابن رجب، شرح علل الترمذي، 1/110.
[71] ابن حجر، تهذيب التهذيب، 2/358.
[72] السيوطي، تدريب الراوي، 1/401.
[73] السخاوي، فتح المغيث، 2/ 104.
[74] أحمد بن علي، ابن حجر، نزهة النظر في توضيح نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر، ط3، (دمشق: مطبعة الصباح، 2000م)، 1/65.
[75] ليس المراد بالقول: “عن مثله” أنه يشترط أن يكون جميع رجال الإسناد عدولاً قد خفَّ ضبطهم، وإنَّما المراد أن يكونوا كلهم، أو بعضهم، ولو واحد منهم فقط، وإن كان الباقون عدولاً تامِّي الضَّبط؛ لأن العبرة في الحُكم على الحديث بأدنى رجل في الإسناد.
[76] نور الدين، العتر، منهج النقد في علوم الحديث، ط3، (دمشق: دار الفكر، 1981م)، 264.
[77] محمد بن عيسى بن سورة، الترمذي، الجامع المختصر من السنن عن رسول الله ومعرفة الصحيح والمعلول وما عليه العمل، مح. إبراهيم عطوة، ط2، (مصر: مصطفى الباب الحلبي، 1395 / 1975)، “كتاب البر والصلة، باب ما جاء في المزاح”، 4/357، (1990).
[78] ابن حجر، تقريب التهذيب، 98.
[79] ابن حجر، نزهة النظر، 37.
[80] سليمان بن الأشعث الأزدي السِّجِسْتاني، أبو داود، سنن أبي داود، مح. محمد محيي الدين عبد الحميد، (صيدا: المكتبة العصرية، د.ت)، “كتاب الصلاة، باب الاضطجاع بعد ركعتي الفجر”،2/21، (1261).
والترمذي، “أبواب الصلاة”، وقال: حديث حسن صحيح (420).
[81] البيهقي، أحمد بن الحسين، البيهقي، السنن الكبرى، مح. محمد عبد القادر عطا، ط3، (بيروت: دار الكتب العلمية، 1424 / 2003)، 3/45، (4666)، (4667).
[82] علي بن عمر بن أحمد، الدارقطني، سنن الدارقطني، مح. شعيب الأرنؤوط، (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1424 / 2004)، ” كتاب الصيام، باب القبلة للصائم” وقال: هذا إسناد صحيح، 2/189، (44).
[83] أحمد بن علي، ابن حجر، بلوغ المرام من أدلة الأحكام، مح. ماهر ياسين الفحل، (الرياض: دار القبس للنشر والتوزيع، 2014 م)، 131.
[84] العتر، منهج النقد، 428.
[85] ابن حجر، نزهة النظر، 49.
[86] سليمان بن أحمد، الطبراني، المعجم الأوسط، (القاهرة: دار الحرمين، د.ت)، 3/135، (2715).
[87] محمد بن إسماعيل، البخاري، الجامع الصحيح المسند المختصر من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه، محمد زهير بن ناصر الناصر، (بيروت: دار طوق النجاة، 2001م)، “كتاب الاعتصام بالكتاب، باب الاقتداء بسنن رسول الله صلى الله عليه وسلم”، 6/2658، (6858)، ومسلم، ” الفضائل”، (1337).
[88] ابن حجر، نخبة الفكر، 49.
[89] هذا حديث شعبة، عن الْعَوَّامِ بْنِ مُرَاجِمٍ ، عن أبي عثمان النَّهدي، عن عثمان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ” إنَّ الجمَّاءَ لتُقَصُّ منَ القرناءِ يومَ القيامةِ “. (أحمد بن حنبل، الشيباني، المسند، مح. شعيب الأرنؤوط، (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1421 / 2001) ،1/72، (520).
[90] البخاري، “الأدب”، (5762).
ومسلم، “صلاة المسافرين وقصرها”، (781).
[91] مسلم، “الصيام”، (1164).
[92] سراج الدين عمر بن علي، ابن الملقن، المقنع في علوم الحديث، مح. عبد الله بن يوسف الجديع، (السعودية: دار فواز للنشر، 1993م)، 2/476.
[93] ابن الصلاح، علوم الحديث، 93.
[94] أبو داود، ” المناسك”، (1851)، وأحمد، (14937).
[95] أحمد بن محمد بن سلامة، الطحاوي، شرح معاني الآثار، (بيروت: عالم الكتب، 1994م)، 2/171.
[96] محمد بن إدريس، الشافعي، الأم، (بيروت: دار المعرفة،1990م)، (6759)، 5/398، وأحمد، (15222).
[97] ابن حجر، نزهة النظر، ص 48.
[98] رواه أبو داود في سننه، كتاب الزكاة، باب في زكاة السائمة، رقم (1573)، ج2، ص100.
[99] رواه ابن ماجه، كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها، باب ما جاء في قيام الليل، رقم (1333)، ج1، ص422.
[100] المُستملي هو الذي يُبَلِّغ صوت المحدِّث إذا كَثُر الطلاب في المجلس.
[101] مع أنّ المتن الصَّحيح لهذا الإسناد هو: ” يَعْقِدُ الشَّيْطَانُ عَلَى قَافِيَةِ رَأْسِ أَحَدِكُمْ ثَلَاثَ عُقَدٍ يَضْرِبُ عَلَيْكَ لَيْلاً طَوِيلاً فَارْقُدْ وإذا اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ اللَّهَ عز وجل انْحَلَّتْ عُقْدَةٌ فَإِنْ تَوَضَّأَ انْحَلَّتْ عُقْدَتان فَإِذا صَلَّى انْحَلَّتْ العُقد فَأَصْبَحَ طَيِّبَ النَّفْسِ نَشِيطًا وَإِلَّا أَصْبَحَ خَبِيثَ النَّفْسِ كَسْلَانَاً”( أحمد، ( 7306) ، ورواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه).
للاطلاع على المصادر والمراجع وقراءة البحث كاملاً اضغط هنا