ملخص البحث

اهتمت الشريعة الإسلامية بجميع جوانب الحياة، وقد نال الجانب التربوي حظًا وافرًا منها، فقد وضع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بوحي من ربه منهجًا تربويًا قدوة تمثَّل في مهارات شتى منها مهارات في التعليم، ومهارات في التحفيز، ومهارات في تصويب الأخطاء، ومهارات في العقاب. وقد استقصيتها من خلال تتبع أحاديثه المتعلقة بالموضوع، وقد غلب عليها الجانب العملي والرفق في التعامل كما أنه لم يهمل الجانب المعنوي. عن هذه المهارات التربوية يتحدث هذا البحث.

مفاتيح البحث: مهارات، تربوي، تعليم، تحفيز، تصويب، عقاب.

المقدمة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين مُعلم الإنسانية وأستاذ البشرية وبعد: فإن عملية التربية تُعدّ من أكثر الأعمال التي تحتاج إلى جهود عظيمة ومضنية، لِمَا يقوم به المُربِّي من جهد كبير مع أناس لهم ميول واتجاهات وقدرات مختلفة، ولقد ازدادت أساليب التربية تطورًا في العصر الحاضر مع التقدم التكنولوجي، والانفجار المعرفي، وظهور التقنيات الحديثة. لذا أصبح تحديد المهارات النبوية في التربية والتعرف إلى الطرائق التي ربَّى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- عليها الجيل الأول الذي قاد العالم أمرًا مهمًا وضروريًا لتطبيق هذه الطرائق في حياتنا لتحقيق أفضل طرق التربية والتعلم، وممّا يغفل عنه الكثيرون أن الدين الإسلامي ركّز بشكل كبير على هذه المهارات، وحضَّ الفرد على التحلِّي بها، وعلى تعلُّمها وضرورة إتقانها، والقارئ لكتاب الله -عزَّ وجلّ- وللأحاديث النبوية الشريفة والمستعرض لدروس السيرة النبوية، يدرك تماما أن ديننا العظيم هو المنبع لهذه المهارات وليس كما يعتقد البعض أنها مهارات أبدعها الغرب ووصلتنا من ثقافات الآخرين، بل إن الدين الاسلامي وضّح للإنسان منهجا وسلوكيات ومهارات إن طبقها في حياته وسار عليها سيصل إلى أعلى مستويات النجاح، ويحقق الكثير من الإنجازات في حياته، ويؤثر في الناس ويكسب ودهم واحترامهم، وقدوتنا في ذلك هو رسولنا محمد -صلّى الله عليه وسلّم- لذا فقد هدف هذا البحث إلى تحديد مهارات النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في تربية وتعليم أصحابه رضوان الله عليهم، ولبيان أهمية السنة النبوية التي تمثل المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي.

الدراسات السابقة:

بعد البحث والتنقيب عن الدراسات المشابهة لفحوى هذه الدراسة وجدت الدراسات التالية:

1ـ طرق التعليم الأساسية المستمدة من الكتاب والسنة، عبد الرحمن صالح عبد الله.

وقد هدفت هذه الدراسة إلى إبراز طرق التعليم الأساسية المستمدة من الكتاب والسنة وأهمية كل طريقة.

2ـ طرائق النبي-صلّى الله عليه وسلّم- في تعليم أصحابه رضوان الله عليهم، أحمد محمد العليمي، وقدهدفت إلى بيان طرائق النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في تعليم أصحابه رضوان الله عليهم وذكر منها التعليم بالتدرج والتدريب العملي والتعليم بالقدوة وغيرها.

3. المنهج النبوي في التربية والتعليم وأثره على المجتمع الإسلامي، د. محمد مصلح الزعبي، وقد ركز فيه الباحث على صفات النبي -صلّى الله عليه وسلّم- التعليمية والتربوية، إضافة إلى بيان بعض الأساليب التي استعملها في التعليم، وأثرها على المجتمع الإسلامي.

4ـ عقوبة التلاميذ البدنية في التشريع التربوي الإسلامي، عدنان حسن باحارث، وقد بين فيه الباحث أساليب العقاب المشروعة وغير المشروعة، مع بيان ضوابط العقاب التي تكون قبله وأثناءه وبعده.

ومما تميّزت به هذه الدراسة:

1ـ التحديد الدقيق للمهارات التي قام بها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في تربية أصحابه، والتي لم يفصِّلها أحد في بحث مستقلّ، في حدود ما أعلم.

2ـ جمع معظم المهارات التربوية الخاصة بالتعليم والتحفيز وأساليب جذب الانتباه والعقاب، ولم أجد من استقصاها من سنّة النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- وجمعها في مبحث مستقل.

3ـ استخلاص مميزات المهارات النبوية في التربية وبيان أهميتها.

منهج البحث:

اعتمدت في بحثي هذا على المناهج الآتية:

1ـ الاستقرائي: ويقوم هذا المنهج على تتبع مفردات الشيء المبحوث عنه واستقصائها، واتبعته في جمع الأحاديث النبوية حول المهارات النبوية في التربية، حيث قمت باستقراء للأحاديث التي وجد فيها مهارات من كتب السنة كلها، واكتفيت بأمثلة منها بما يخدم الموضوع.

2ـ المنهج الاستنباطي: قمت بعد استقراء الأحاديث باستنباط المهارات التربوية، ووضع العناوين المناسبة لها.

3ـ المنهج الوصفي: ويستخدم هذا المنهج في الدراسات التي تصف الماضي أو الواقع أو موضوعًا ما، واستخدمته في وصف المهارات التربوية بعد أنْ قمت باستنتاجها.

مصطلحات الدراسة: تناولت الدراسة عدة مصطلحات هامة وهي:

1ـ المهارات: الماهر لغة: الحاذق بكل عمل.([1])

والمهارة عند التربويين: أنماط متعلمة من التفاعل الناجح مع البيئة، للفرد ما يهدف إليه وهي القدرة على القيام بالأعمال المطلوبة من الفرد بسهولة ودقة. ([2])

2ـ مهارات التعليم: المقصود بمهارات التعليم جميع أوجه النشاط المُوجه الذي يقوم به المدرس بُغية مساعدة تلاميذه على تحقيق التغيير المنشود في سلوكهم، وبالتالي مساعدتهم على اكتساب المعلومات، والمعارف والاتجاهات، والميول والقيم المرغوبة([3]).

3ـ التحفيز: الحافز لغة: تأتي مادة “حَفَزَ” بمعنى الحث والتعجل، والدفع والتحريك من الخلف.

قال ابن الأثير: ” الحَفز: الحث والإعجال ” ([4])، وقال في لسان العرب: ” الحفز: حثك الشيء من خلفه سَوقًا وغير سوق”.([5])

والحافز اصطلاحًا: مجموعة العوامل التي تعمل على إثارة القوى الحركية في الإنسان، وتعمل على التأثير في سلوكه وتصرفاته “.  وقيل: إن الحوافز هي: ” القوى التي تشحن وتوجه السلوك”.([6])

4ـ تصويب الأخطاء: المقصود بالتصويب لغة: جاء في لسان العرب: ضدُّ الـخطأ، وصَوَّبه: قال له أَصَبْتَ، وأَصابَ: جاءَ بالصواب، وأَصابَ: أَراد الصوابَ “.( ([7]

اصطلاحًا: هو الأمر الثابت في نفس الأمر لا يسوغ إنكاره.([8])

والمقصود بالخطأ: لغة: جاء في لسان العرب: الـخَطَأُ والـخَطَاءُ: ضد الصواب.([9])

اصطلاحا: قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: “الخطأ: هو أن يقصد بفعله شيئًا فيصادف فعله غير ما قصده، مثل أن يقصد قتل كافر فصادف قتله مسلمًا “.  ([10])

وقال الجرجاني: “هو ما ليس للإنسان فيه قصد، وهو عذر صالح لسقوط حق الله تعالى إذا حصل عن اجتهاد ويصير شبهة في العقوبة حتى لا يؤثم الخاطئ ولا يؤاخذ بحد ولا قصاص، ولم يجعل عذرًا في حق العباد حتى وجب عليه ضمان العدوان ووجب به الدية”. ([11])

5ـ العقاب: العقاب: لغة: العقابُ والـمُعاقَبة أَن تَـجْزي الرجلَ بما فَعل سُوءًا. ([12]) إلا أن البعض يفرق فيجعل العقوبة في الدنيا، والعقاب في الآخرة. ([13])

واصطلاحًا: الضرب، أو القطع، أو الألم الذي يلحق الإنسان مستحقًا على الجناية. ([14])

خطة البحث:

قسَّمت البحث بعد هذه المقدمة إلى أربعة مباحث:

المبحث الأول: المهارات النبوية في التعليم.

المبحث الثاني: المهارات النبوية في التحفيز.

المبحث الثالث: المهارات النبوية في تصويب الأخطاء.

المبحث الرابع: المهارات النبوية في العقاب.

وخاتمة نسأل الله حُسنها.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

المبحث الأول المهارات النبوية في التعليم:

اتَّبع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- مهارات عديدة لجذب انتباه المتعلم والتي استخدمها ليثير أصحابه من خلال إدخال بعض المشوقات أثناء العملية التعليمية، ليوصل إليهم ما يريد بأفضل الطرق وأنجعها، ويجعل ما يأتي من خلال ذلك محفوظًا لديهم راسخًا في أذهانهم، ولعله من الحكمة أن تحظى هذه الأساليب باهتمام كلّ معلم، فجذب اهتمام السامعين وإثارة انتباههم أمرٌ في غاية الأهمية، لأنَّ النجاح في هذا الأمر سيكون مقدمة لنجاح أكبر بعد ذلك فيما هو أهم وأعظم. ومن أمثلة هذه المهارات:

أولًا: استخدام حركات الجسد ونبرات الصوت.

تُمثل حركة الجسد شيئًا جاذبًا أثناء التعليم، إذ أنها تساعد في استدعاء مزيد من الانتباه، وتعين في الشرح، وتُبعد الملل عن المتعلم، مما ينتج عنه مزيد من الدافعية، وكان عليه الصلاة والسلام في تعليمه يُوظف حركات جسده، ونبرات صوته، قاصدًا بذلك زيادة فاعلية التعليم، ومنبهًا بذلك على أهمية الموضوع، ونستطيع تقسيم الحركات التي قام بها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- إلى حركات يقوم بها بجسده، وحركات يقوم بها على جسد المتعلم.

النوع الأول: الحركات التي كان يقوم بها بجسده صلّى الله عليه وسلّم.

ومن أمثلتها: 1ــ تغيير جلسته صلّى الله عليه وسلّم: عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنه قال: قال النبي صلّى الله عليه وسلّم:” أَلَا أُنَبِّئُكُمْ بِأَكْبَرِ الْكَبَائِرِ ثَلَاثًا؟ قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: الْإِشْرَاكُ بالله وعقوق الوالدين وجلس وَكَانَ مُتَّكِئًا، فَقَالَ: أَلَا وَقَوْلُ الزُّور”، قَالَ: فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا حَتَّى قُلْنَا لَيْتَهُ سَكَتَ.([15]) فالرسول -صلّى الله عليه وسلّم- غير من جلسته عند قوله شهادة الزور تنبيهًا على عظم خطرها. قال النووي: “وأما قوله: فكان متكئًا فجلس، فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت فجلوسه -صلّى الله عليه وسلّم- لاهتمامه بهذا الأمر وهو يفيد تأكيد تحريمه وعظم قبحه”.([16])

2ـ ـ تحريك الوجه: عن عدي بن حاتم قال: ذَكَرَ النَّبِيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- النَّارَ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ، ثُمَّ ذَكَرَ النَّارَ فَتَعَوَّذَ مِنْهَا وَأَشَاحَ بِوَجْهِهِ، قَالَ شُعْبَةُ: أَمَّا مَرَّتَيْنِ فَلَا أَشُكُّ، ثُمَّ قَالَ: “اتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَجِدْ فَبِكَلِمَةٍ طَيِّبَة” ( [17]). في هذا الحديث الشريف حذر النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أمته من النار رحمة منه وشفقة عليها، واستخدم حركة معينة وهي صرف وجهه -صلّى الله عليه وسلّم- أثناء التعوذ منها للتحذير والتنبيه على خطرها.

3ــ الإشارة باليد: عنْ أَبي هُريرةَ رضي الله عنه قالَ: قالَ رسولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: “لاَ تَحَاسَدُوا، وَلاَ تَنَاجَشُوا، وَلاَ تَبَاغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا وَلاَ يَبِعْ بَعْضُكُم عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ، وَكُونُوا عِبَادَ اللهِ إِخْوَانًا، المُسْلِمُ أَخُو المُسْلِمِ لاَ يَظْلِمُهُ، وَلاَ يَخْذُلُهُ، وَلاَ يَحْقِرُهُ. التَّقوَى هَهُنَا -وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِه ثَلاَثَ مَرَّاتٍ- بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنَ الشَّرِّ أنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ عَلَى المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ وَمَالُهُ وعِرْضُهُ.([18]) فهنا قد أشار عليه الصلاة والسلام إلى قلبه، وللإشارة في بيان المعصوم -صلّى الله عليه وسلّم- مقام رفيع لا يقل عن مقام اللفظ ولقد حرص الرواة جميعًا علي نقل هذا البيان كاملًا غير منقوص، بما فيه من إشارة، لأنهم يعلمون أن هذه الوسيلة ليست حشوًا، أو كمّا مهملًا، بل لها دور في بناء المعنى، وتكوين الدلالات، وإشارة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- هنا إلى موقع التقوى لبيان أهميتها في قبول العمل وعدمه لذا فقد كرر الإشارة ليثير جذب السامعين إلى أهمية الأمر. قال النووي: معنى الحديث أن الاعمال الظاهرة لا يحصل بها التقوى وإنما تحصل بما يقع في القلب من عظمة الله تعالى وخشيته ومراقبته.([19])

4ــ العدُّ باليد: ويدل عليه ما رواه أبو مالك سعد بن طارق عن أبيه أنه، أَنَّهُ سَمِعَ النَّبِيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- وَأَتَاهُ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ كَيْفَ أَقُولُ حِينَ أَسْأَلُ رَبِّي؟ قَالَ:” قُلْ: اللهُمَّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَعَافِنِي، وَارْزُقْنِي “وَيَجْمَعُ أَصَابِعَهُ إِلَّا الْإِبْهَامَ” فَإِنَّ هَؤُلَاءِ تَجْمَعُ لَكَ دُنْيَاكَ وَآخِرَتَكَ”.([20]) فهنا قرن عليه الصلاة والسلام بين العدِّ باليد والبيان، مما يساعد على الحفظ والتذكر والتطبيق.

5ــ قبض الأصابع وبسطها: عنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِقْسَمٍ ، أَنَّهُ نَظَرَ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ، كَيْفَ يَحْكِي رَسُولَ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- قال:”يَأْخُذُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ بِيَدَيْهِ، فَيَقُولُ: أَنَا اللَّهُ وَيَقْبِضُ أَصَابِعَهُ وَيَبْسُطُهَا، أَنَا الْمَلِكُ ” حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم؟ ([21])فهنا جاءت حركة قبض الأصابع وبسطها لجذب الانتباه والنظر إليه -صلّى الله عليه وسلّم- واستحضار الموقف بتصوير حدث غيبيّ تصويرًا شائقًا فكان لها أقوى الأثر ليتفاعل معها المتلقي؛ فيرسخ المعنى في القلب رسوخًا لا مزيد عليه.

النوع الثاني: الحركات التعليمية على جسد المُتعلم.

ومن حركات الجسد التي كان رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يستخدمها، حركات يقوم بها على جسد المتعلم أمامه، كأخذه بيده، أو غمزه بصدره، أو برجله، وهذه الحركات تزيد من انتباهه إلى ما يريده الرسول عليه الصلاة والسلام، وتزيد من تحفيزه، ولعملية لمس المعلم تلميذه من الكتف أو الرأس أو المصافحة تأثير كبير في التقرب إلى النفوس وتقبل التوجيه والمعلومة بشكل سريع، ومن أمثلتها: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: مَا رَاجَعْتُ رَسُولَ الِلَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- فِي شَيْءٍ، مَا رَاجَعْتُهُ فِي الْكَلَالَةِ، وَمَا أَغْلَظَ فِي شَيْءٍ مَا أَغْلَظَ لِي فِيهِ، حَتَّى طَعَنَ بِأُصْبُعِهِ فِي صَدْرِي، وَقَالَ: “يَا عُمَرُ أَلَا تَكْفِيكَ آيَةُ الصَّيْفِ الَّتِي فِي آخِرِ سُورَةِ النِّسَاءِ”([22]).قال أبو العباس القرطبي: “هذا الطَّعن مبالغة في الحث على النظر والبحث، وألا يرجع إلى السؤال مع التمكن من البحث والاستدلال، ليحصل على رتبة الاجتهاد، ولينال أجر من طلب فأصاب الحكم، ووافق المراد “.([23])

ومن ذلك: عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: أخَذَ بِيَدِي النَّبِيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- فَقَالَ: ” يَا مُعَاذُ”، قُلْتُ: لَبَّيْكَ، قَالَ: “إِنّي أُحِبُّكَ”، قُلْتُ: وَأَنَا وَاللَّهِ أُحِبُّكَ، قَالَ:” أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ تَقُولُهَا فِي دُبُرِ كُلِّ صَلاتِكَ؟ “قُلْتُ: نَعَمْ، قَالَ: “قُلِ: اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ، وَشُكْرِكَ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ “. ([24])

وقد تعمل هذه الحركات كمعزز إيجابي يتبعه تعزيز لفظي ومثاله: ما روي عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ” أَبَا الْمُنْذِرِ أَيُّ آيَةٍ مَعَكَ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ أَعْظَمُ؟ ” قَالَ: قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:” يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ قَالَ: قُلْتُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ:” يَا أَبَا الْمُنْذِرِ أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ؟” قَالَ قُلْتُ : )اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ( قالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي، وَقَالَ:” وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ” ([25]). فهنا عزز الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- إجابة أُبَي الصحيحة بتعزيز إيجابي، وذلك بالحركة المتمثلة بضربه على صدره أولًا، ثم باللفظ المتمثل بالمدح والدعاء. قال القاضي عياض رحمه الله: “فيه تنشيط المعلم لمن يعلمه إذا رآه أصاب، وتنويهه به، وسروره بما أدركه من ذلك”.([26])

وأحيانًا كان يكتفي بالإشارة عن صريح العبارة، ومن أمثلته: عن أبي هريرة رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- ذَكَرَ يَوْمَ الْجُمُعَةِ فَقَالَ: ” فِيهِ سَاعَةٌ لا يُوَافِقُهَا عَبْدٌ مُسْلِمٌ، وَهْوَ قَائِمٌ يُصَلِّي، يَسْأَلُ اللَّهَ تَعالَى شَيْئًا إِلّا أَعْطَاهُ إِيَّاهُ”. وَأَشَارَ بِيَدِهِ يُقَلِّلُهَا.([27]) قال الحافظ ابن حجر في الفتح: قال الزين بن المنير: الإشارة لتقليلها هو للترغيب فيها والحض عليها ليسارة وقتها وغزارة فضلها.([28])

ثانيًا: الوسائل التعليمية.

نقصد بالوسيلة التعليمية: كل أداة يستخدمها المعلم لتحسين عملية التعلم والتعليم، وتوضيح المعاني والأفكار، أو التدريب على المهارات، أو تعويد التلاميذ على العادات الصالحة، أو تنمية الاتجاهات، وغرس القيم المرغوب فيها، دون أن يعتمد المعلم أساسًا على الألفاظ والرموز والأرقام، لجعل درسه أكثر إثارة وتشويقاً.

كما أن الوسيلة التعليمية تعين في نقل المجرد إلى محسوس، مما يُرسخ الفكرة في الذهن، وتجعل التدريس أكثر جاذبية.([29]) وقد استخدم النبي -صلّى الله عليه وسلّم- المواد الطبيعة الموجودة في عصره كوسيلة تعليمية تحفيزية تعين في الشرح، وتستجلب الانتباه، وتساعد على حفظ الفكرة وترسيخها، فاستخدم الحجارة، والشجر، والرسم على الأرض، واستعان ببعض الحيوانات.([30])

فمن أمثلة الوسائل التي استخدمها عليه الصلاة والسلام:

1ـ  رسمه على الأرض والتراب: عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قَالَ: خَطَّ النَّبِيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- خَطًّا مُرَبَّعًا، وَخَطَّ خَطًّا فِي الْوَسَطِ خَارِجًا مِنْهُ، وَخَطَّ خُطُطًا صِغَارًا إِلَى هَذَا الَّذِي في الْوَسَطِ، مِنْ جَانِبِهِ الَّذِي في الْوَسَطِ وَقَالَ:” هَذَا الإِنْسَانُ، وَهَذَا أَجَلُهُ مُحِيطٌ بِهِ – أَوْ قَدْ أَحَاطَ بِهِ – وَهَذَا الَّذِي هُوَ خَارِجٌ أَمَلُهُ، وَهَذِهِ الْخُطُطُ الصِّغَارُ الأَعْرَاضُ،([31]) فَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا، وَإِنْ أَخْطَأَهُ هَذَا نَهَشَهُ هَذَا ” ([32]). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: في الحديث إشارة إلى الحض على قصر الأمل والاستعداد لبغتة الأجل وعبر بالنهش وهو لدغ ذات السم مبالغة في الإصابة والإهلاك([33])، وهذه الوسيلة التي استعملها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- تعد من أهم الوسائل وأكثرها نجاحًا، إذ من المسلّمات لدى التربويين في الوقت الراهن أنه كلما زاد عدد الحواس التي تشترك في الموقف التعليمي، زادت فرص الإدراك والفهم، كما أن المتعلم يحتفظ بأثر التعليم فترة أطول، فالرسم يعد من أعلى الأساليب في التوضيح والتوجيه والإبلاغ خاصة مع قوم أُميين، فتقع أعظم موقع في نفس السامع المشاهد وعقله، وذلك لاشتراك البصر مع السمع في استيعاب المعنى.

2ـ استخدم العصا: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- غَرَزَ بَيْنَ يَدَيْهِ غَرْزًا، ثُمَّ غَرَزَ إِلَى جَنْبِهِ آخَرَ، ثُمَّ غَرَزَ الثَّالِثَ فَأَبْعَدَهُ، ثُمَّ قَالَ: ” هَلْ تَدْرُونَ مَا هَذَا؟” قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ، قَالَ: “هَذَا الإِنْسَانُ، وَهَذَا أَجَلُهُ، وَهَذَا أَمَلُهُ، يَتَعَاطَى الأَمَلَ، وَالأَجَلُ يَخْتَلِجُهُ دُونَ ذَلِكَ” ([34]). بين الحديث الشريف توظيف النبي -صلّى الله عليه وسلّم- للعصا في عملية التعليم وذلك للتوضيح وتقريب المعنى في الأذهان، فقام بغرس ثلاثة عصي، اثنتان قريبتان والثالثة أبعد منهما، مبينًا لهم بتلك الطريقة اهتمام الإنسان بالدنيا وتغافله عن الموت الذي يأتي فجأة قبل أن يحقق الإنسان ما يأمل به.

3ـ استخدام الحصى: عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: دَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- فِي بَيْتِ بَعْضِ نِسَائِهِ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَيُّ الْمَسْجِدَيْنِ الَّذِي أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى؟ قَالَ: فَأَخَذَ كَفًّا مِنْ حَصْبَاءَ، فَضَرَبَ بِهِ الْأَرْضَ، ثُمَّ قَالَ: “هُوَ مَسْجِدُكُمْ هَذَا” لِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ.([35]) قال الإمام النووي رحمه الله: وأما أخْذُه الحصباء وضربه في الأرض، فالمراد به المبالغة في الإيضاح لبيان أنه مسجد المدينة، والحصباء بالمدِّ: الحصى الصغار.(([36]

4ـ الاستعانة ببعض الحيوانات الميتة: فعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أنَ رَسُولَ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- مَرَّ بِالسُّوقِ، دَاخِلًا مِنْ بَعْضِ الْعَالِيَةِ، وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ، فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ ([37]) مَيِّتٍ، فَتَنَاوَلَهُ فَأَخَذَ بِأُذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ: ” أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنَّ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ؟” فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ قَالَ: “أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟” قَالُوا: وَاللهِ لَوْ كَانَ حَيًّا، كَانَ عَيْبًا فِيهِ، لِأَنَّهُ أَسَكُّ، فَكَيْفَ وَهُوَ مَيِّتٌ؟ فَقَالَ: “فَوَاللهِ لَلدُّنْيَا أَهْوَنُ عَلَى اللهِ، مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ “.([38]) بيَّن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- في هذا الحديث المفهوم الذي أراد إيصاله إلى أصحابه مستخدمًا هذه الوسيلة العجيبة من الوسائل المعينة، وهي وسيلة يراها الناس، ويمرون بها كثيرًا، ولكن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أراد أن يستخدمها أداة لتوضيح قيمة الدنيا التي يتهافت إليها الناس، بل ويقتتلون عليها، فاستعمال هذه الوسيلة  لبيان تفاهة الدنيا عند الله لا يمكن أن يمحى من الذهن أو ينسى من الذاكرة، لارتباطه بالجدي الأسك الميت، وبمسلك النبي، وهو يأخذ بأذنه، ويسألهم: أيّكم يحب أن هذا له بدرهم؟ ويجيبون، ويسألهم حتى يقرر لهم الحقيقة المرادة في النهاية: والله للدنيا أهون على الله من هذا عليكم.

5ـ  استخدام الأشياء الحقيقية: جاء في جملة من الأحاديث الشريفة أن الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- استخدم الأشياء الحقيقية في تعليم أصحابه مثل الحرير والذهب والوبر ونحوها، ومن المسَلَّم به تربويًا أن التعليم باستخدام الأشياء الحقيقية أشد وضوحًا وأبقى من التعليم اللفظي المجرد، ومن أمثلة ذلك: عنْ عَبْدِاللَّهِ ابْنِ زُرَيْرٍ الْغَافِقِيَّ أَنَّهُ سَمِعَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ رَضِي اللَّه عَنْهم يَقُولُ: إِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- أَخَذَ حَرِيرًا فَجَعَلَهُ فِي يَمِينِهِ وَأَخَذَ ذَهَبًا فَجَعَلَهُ فِي شِمَالِهِ، ثُمَّ قَالَ:” إِنَّ هَذَيْنِ حَرَامٌ عَلَى ذُكُورِ أُمَّتِي”.([39]) ففي الحديث الشريف أراد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بيان الحكم الشرعي في لبس الذهب والحرير بالنسبة للرجال، ولتوضيح وتوكيد حرمة لبس الرجال لهما قام عليه الصلاة والسلام برفعهما بيديه ليصاحب القول النظر فيكون آكد للسامع المشاهد من اللفظ المجرد ليرسخ الحكم ويتأكد التحريم.

المبحث الثاني: المهارات النبوية في التحفيز:

لقد حرص النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وهو القائد والمربي على تحفيز أصحابه رضوان الله عليهم في غير موضع، وقد كانت آثار هذا التحفيز النبوي بادية واضحة في سيرته -صلّى الله عليه وسلّم- لأنه القدوة والأسوة، كما قال ربنا سبحانه وتعالى: )لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا ( (الأحزاب 33/ 21)، لم يكن التحفيز النبوي مقصورًا على جانب العبادات، بل امتد ليشمل جميع مجالات الحياة الدنيوية والأخروية، فشمل التاجر في سوقه، وولي الأمر، والمجاهد في سبيل الله، وهذا ما سنكشفه في هذا المبحث.

أولًا: التحفيز في مجال العقيدة:

بدأ النبي عليه الصلاة والسلام دعوته ببناء العقيدة في قلوب الناس، مستخدمًا أنواعا من المحفزات التربوية، وهذا يدل على أهمية العقيدة في الدين، فهي الأساس الذي يبنى عليه الدين، ومن دونها لا قيمة لأي عمل. فتوعد من أشرك بالله بالعقاب الأخروي، فقال صلّى الله عليه وسلّم:” مَنْ مَاتَ يُشْرِكُ بِاللَّهِ شَيْئًا دَخَلَ النَّارَ”.([40])

وكل ذنب عسى الله يغفره إلا الشرك، فعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول:” كُلُّ ذَنْبٍ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَغْفِرَهُ إِلَّا الرَّجُلُ يَقْتُلُ الْمُؤْمِنَ مُتَعَمِّدًا أَوْ الرَّجُلُ يَمُوتُ كَافِراً”[41]، فالمشرك مخلد في النار وعليه الإجماع.([42])

أما من مات موحدًا فهو موعود بدخول الجنة، فعن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: ” أتانِي آتٍ مِنْ رَبّي فَأَخْبَرَني، أَوْ قَالَ بَشَّرَني، أَنَّهُ مَنْ ماتَ مِنْ أُمَّتِي لا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا دَخَلَ الْجَنَّةَ قلْتُ: وَإِنْ زَنى وَإِنْ سَرَقَ قَالَ: وَإِنْ زَنى وَإِنْ سَرَقَ”.([43])، ([44]) وبين قبح الشرك بالله مستثيرًا بذلك عاطفة الكره له.

فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أَيُّ الذَّنْبِ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ؟ قَالَ: “أَنْ تَجْعَلَ لِلَّهِ نِدًّا وَهُوَ خَلَقَكَ”.([45]) فهذا من شأنه إيقاظ عاطفة الكره والبغض لمن جعل إلها آخر مع الله.

ثانيًا: التحفيز في مجال العبادات:

لقد حفز النبي عليه الصلاة والسلام وشجع على العبادة، ورهب من تركها، وسلك طرقًا في تعليمها فاستعمل الترغيب والترهيب في تحفيزه على أداء العبادات، وعرج على العواطف في تهييج المؤمن على فعلها.

1ـ ففي مجال الصلاة: بين -صلّى الله عليه وسلّم- أهمية الصلاة، وأنها عماد الدين، مستثيرًا عاطفة حب الله.

فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: سألت النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أيُّ الْعَمَلِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ قَالَ:” الصَّلاةُ عَلَى وَقْتِهَا “، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: ” بِرُّ الْوَالِدَيْنِ “، قُلْتُ: ثُمَّ أَيُّ؟ قَالَ: ” الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ “، قَالَ: حَدَّثَنِي بِهِنَّ وَلَوِ اسْتَزَدْتُهُ لَزَادَنِي.([46])

وهدد التارك لها بالكفر، مستثيرًا بذلك عاطفة الكره له فقال عليه الصلاة والسلام: ” إِنَّ بَيْنَ الرَّجُلِ وَبَيْنَ الشِّرْكِ وَالْكُفْرِ تَرْكَ الصَّلاةِ “.([47])

2ـ الصيام: وفي الصيام استثار دافعية الناس بعاطفة الحب لله، وحب القرب منه، فأخبر بأن الصوم لله، وأن ريح فم الصائم أطيب من ريح المسك عند الله.

فقال عليه الصلاة والسلام: “كلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ يُضَاعَفُ الْحَسَنَةُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا إِلَى سَبْعمِائَة ضِعْفٍ، قَالَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ: “إِلَّا الصَّوْمَ فَإِنَّهُ لِي، وَأَنَا أَجْزِي بِهِ، يَدَعُ شَهْوَتَهُ وَطَعَامَهُ مِنْ أَجْلِي، لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ، وَلَخُلُوفُ فِيهِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ رِيحِ الْمِسْكِ” .([48])

وهناك في الجنة باب خاص اسمه الريان خاص للصائمين فعنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:”إِنَّ فِي الْجَنَّةِ بَابًا يُقَالُ لَهُ الرَّيَّانُ يَدْخُلُ مِنْهُ الصَّائِمُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ يُقَالُ أَيْنَ الصَّائِمُونَ فَيَقُومُونَ لَا يَدْخُلُ مِنْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُمْ فَإِذَا دَخَلُوا أُغْلِقَ فَلَمْ يَدْخُلْ مِنْهُ أَحَد”.([49])

3ـ الزكاة: الزكاة حق الفقراء في المال، وأساس التكافل الاجتماعي، وزرع المحبة بين المسلمين، وانتزاع البغضاء من قلوبهم، لذا فقد حفز عليها النبي -صلّى الله عليه وسلّم- مستخدمًا عدة أنواع في ذلك، فجعلها مطهّرة لنفس المؤمن.

فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أتَى رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ رَسُولَ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي ذُو مَالٍ كَثِيرٍ، وَذُو أَهْلٍ، وَمَالٍ، وَحَاضِرَةٍ، فَأَخْبِرْنِي كَيْفَ أَصْنَعُ، وَكَيْفَ أَنْفِقُ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: “تُخْرِجُ الزَّكَاةَ مِنْ مَالِكَ فَإِنَّهَا طُهْرَةٌ تُطَهِّرُكَ، وَتَصِلُ أَقْرِبَاءَكَ، وَتَعْرِفُ حَقَّ الْمِسْكِينِ، وَالْجَارِ، وَالسَّائِلِ)”[50])

أما مانع الزكاة فقد صور النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بعضًا من عذابه تصويرًا يثير مكامن الخوف من هذا الفعل كي يبتعد المؤمن عنه.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:” مَنْ آتَاهُ اللَّهُ مَالًا فَلَمْ يُؤَدِّ زَكَاتَهُ مُثِّلَ لَهُ مَالُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ شُجَاعًا أَقْرَعَ ([51]) لَهُ زَبِيبَتَانِ يُطَوَّقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ يَأْخُذُ بِلِهْزِمَتَيْهِ([52]) (يَعْنِي بِشِدْقَيْهِ) ثُمَّ يَقُولُ: أَنَا مَالُكَ أَنَا كَنْزُكَ، ثُمَّ تَلَا ( لَا يَحْسِبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ…) الْآيَةَ “.([53])

4ـ الحج: عدَّ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الحج من أفضل الأعمال تحفيزًا للمسارعة في أداء مناسكه. 

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ  ‏-صلّى الله عليه وسلّم- سُئِلَ‏:‏ أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ‏؟ ‏فَقَالَ‏:‏ إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ‏، قِيلَ‏:‏ ثُمَّ مَاذَا‏؟ ‏قَالَ‏:‏ الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏، ‏قِيلَ‏:‏ ثُمَّ مَاذَا‏؟ ‏قَالَ‏:‏ حَجٌّ مَبْرُورٌ‏”‏[54].وجعل أجر من حج ولم يرفث أو يفسق التطهير التام من الذنوب كما ولدته أمه. فعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: “مَنْ حَجَّ فَلَمْ يَرْفُثْ وَلَمْ يَفْسُقْ رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ” ([55]). قال الحافظ ابن حجر: وظاهره غفران الصغائر والكبائر.([56])

كما عدَّ الحج والعمرة عاملين أساسيين في مغفرة الذنوب وطرد الفقر، تحفيزًا على أدائهما والمتابعة بينهما.

فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم:”تابِعُوا بَيْنَ الحَجِّ وَالعُمْرَةِ، فَإِنَّهُمَا يَنْفِيَانِ الفَقْرَ وَالذُّنُوبَ كَمَا يَنْفِي الكِيرُ خَبَثَ الحَدِيدِ وَالذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلَيْسَ لِلْحَجَّةِ المَبْرُورَةِ ثَوَابٌ إِلَّا الجَنَّةَ”.([57])

ثالثا: التحفيز في مجال الأخلاق الفاضلة:

حفز النبي عليه الصلاة والسلام على الاتَّصاف بالأخلاق الفاضلة، ملتمسًا أنواعًا من المرغبات والمحفزات والمؤثرات الحاملة على التخلق بهذه الصفات، فبين أن صاحب الخلق الحسن من أحب الناس إليه: فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال: لمْ يَكُنِ النَّبِيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- فَاحِشًا وَلا مُتَفَحِّشًا وَكَانَ يَقُولُ: “إِنَّ مِنْ خِيَارِكُمْ أَحْسَنَكُمْ أَخْلاقًا”.([58])

 وبيَّن أنَّ صاحب الخلق الحسن أقرب الناس منه مجلسًا يوم القيامة. فعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنه سمع النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: ” ألا أُخْبِرُكُمْ بِأَحَبِّكُمْ إِلَى اللَّهِ، وَأَقْرَبِكُمْ مِنِّي مَجْلِسًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ ” فَسَكَتَ الْقَوْمُ، فَأَعَادَهَا مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاثًا، فَقَالَ الْقَوْمُ: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ:” أَحْسَنُكُمْ خُلُقًا “.([59])

وأخبر عن عِظَم ثقل الأخلاق في ميزان العبد يوم القيامة، فعن أبي الدرداء عن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قال:” مَا مِنْ شَيْءٍ أَثْقَلُ فِي الْمِيزَانِ مِنْ حُسْنِ الْخُلُقِ”.([60])

رابعًا: التحفيز في مجال الحُكم:

اهتمّ الإسلام بتكوين الدولة السياسية التي تطبق أحكام الإسلام، وتؤمن القاطنين فيها، ومن مستلزمات وجودها وجود قائد يعطيه المواطنون البيعة على السمع والطاعة إلا في معصية، فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: ” مَنْ خَلَعَ يَدًا مِنْ طَاعَةٍ لَقِيَ اللَّهَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا حُجَّةَ لَهُ، وَمَنْ مَاتَ وَلَيْسَ فِي عُنُقِهِ بَيْعَةٌ مَاتَ مِيتَةً جَاهِلِيَّةً”([61]). فهنا يحذر النبي عليه الصلاة والسلام من عدم مبايعة ولي المسلمين، وأن المعرض عنها سيموت ميتة جاهلية، ومعنى ميتة الجاهلية كما قال ابن حجر:” حالة الموت كموت أهل الجاهلية على ضلال، وليس له إمام مطاع، لأنهم كانوا لا يعرفون ذلك، وليس المراد أنه يموت كافرًا، بل يموت عاصيًا، ويحتمل أن يكون التشبيه على ظاهره، ومعناه أنه يموت مثل موت الجاهلي، وإن لم يكن هو جاهليًا، أو أن ذلك ورد مورد الزجر والتنفير، وظاهره غير مراد “.([62])

ويحذر من الخروج عن طاعة الأمير. عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- ” مَنْ رَأَى مِنْ أَمِيرِهِ شَيْئًا يَكْرَهُهُ فَلْيَصْبِرْ فَإِنَّهُ مَنْ فَارَقَ الْجَمَاعَةَ شِبْرًا فَمَاتَ فَمِيتَةٌ جَاهِلِيَّةٌ”.([63])

وكذلك كانت العاقبة لمن قاتل تحت راية عصبية، أو حاول تفريق الأمة، لأنه مهدد لأمن المسلمين وجماعتهم. عن عرفجة بن شريح رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: “مَنْ أَتَاكُمْ وَأَمْرُكُمْ جَمِيعٌ عَلَى رَجُلٍ وَاحِدٍ يُرِيدُ أَنْ يَشُقَّ عَصَاكُمْ، أَوْ يُفَرِّقَ جَمَاعَتَكُمْ فَاقْتُلُوهُ “.([64])

خامسًا: التحفيز في المجال الاقتصادي:

لا ريب أن الأخوة الإيمانية التي أقامها الله بين المسلمين تتطلب منهم أمورًا عدة، ومن بين هذه المتطلبات التكافل الاقتصادي فيما بينهم فرغب عليه الصلاة والسلام في التكافل الاقتصادي ووصف من يقوم به بقوله: ” فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ “فعن أبي موسى الأشعري -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “إنَّ الْأَشْعَرِيِّينَ إِذَا أَرْمَلُوا فِي الْغَزْوِ أَوْ قَلَّ طَعَامُ عِيَالِهِمْ بِالْمَدِينَةِ جَمَعُوا مَا كَانَ عِنْدَهُمْ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ ثُمَّ اقْتَسَمُوهُ بَيْنَهُمْ فِي إِنَاءٍ وَاحِدٍ بِالسَّوِيَّةِ، فَهُمْ مِنِّي وَأَنَا مِنْهُمْ “.([65])

ودعا النبي -صلّى الله عليه وسلّم- المسلمين إلى التكافل، وحفزهم على الصدقة، وبين للمتصدق أن ماله لا ينقص. فعن أبي هريرة عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قال:” مَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ، وَمَا زَادَ اللَّهُ عَبْدًا بِعَفْوٍ إِلَّا عِزًّا، وَمَا تَوَاضَعَ أَحَدٌ لِلَّهِ إِلَّا رَفَعَهُ اللَّهُ “.([66])

وضرب مثالًا للمتصدق والبخيل، يحفز من خلاله على الكرم وينفر من البخل. عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: ” مَثَلُ الْبَخِيلِ، وَالْمُنْفِقِ كَمَثَلِ رَجُلَيْنِ عَلَيْهِمَا جُبَّتَانِ مِنْ حَدِيدٍ مِنْ ثُدِيِّهِمَا إِلَى تَرَاقِيهِمَا، فَأَمَّا الْمُنْفِقُ فَلَا يُنْفِقُ إِلَّا سَبَغَتْ أَوْ وَفَرَتْ عَلَى جِلْدِهِ حَتَّى تُخْفِيَ بَنَانَهُ وَتَعْفُوَ أَثَرَهُ، وَأَمَّا الْبَخِيلُ فَلَا يُرِيدُ أَنْ يُنْفِقَ شَيْئًا إِلَّا لَزِقَتْ كُلُّ حَلْقَةٍ مَكَانَهَا فَهُوَ يُوَسِّعُهَا وَلَا تَتَّسِعُ”.([67])

ورغَّبَ التجارَ بالصدق في المعاملة: عن رفاعة بن رافع رضي الله عنه قال: خرجت مع رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- إلى المُصَلَّى، فَرَأى النّاسَ يَتَبَايَعُونَ فقَالَ “يَا مَعْشَرَ التّجّارِ” فَاسْتَجَابُوا لِرَسولِ الله -صلّى الله عليه وسلّم- ورَفَعُوا أَعْنَاقَهُمْ وَأَبْصَارَهُمْ إِلَيْهِ، فقَالَ “إنّ التّجّارَ يُبْعَثُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فُجّارًا إلَّا مَنِ اتّقَى الله وَبَرّ وصَدَقَ”.([68])

سادسًا: التحفيز في مجال التعلُّم والتعليم:

رغب النبي عليه الصلاة والسلام بطلب العلم فجعل الخروج من أجله ممهدًا لطريق الجنة.

فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَلْتَمِسُ فِيهِ عِلْمًا سَهَّلَ اللَّهُ لَهُ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّة”.([69])

وأخبر باستغفار المخلوقات لطالب العلم: عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- يقول: ” مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَطْلُبُ فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الْجَنَّةِ، وَإِنَّ الْمَلَائِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ الْعِلْمِ رِضًا بِهِ، وَإِنَّهُ يَسْتَغْفِرُ لِطَالِبِ الْعِلْمِ مَنْ فِي السَّمَاءِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ حَتَّى الْحُوتُ فِي الْبَحْرِ، وَفَضْلُ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ النُّجُومِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ، وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الْأَنْبِيَاءِ، إِنَّ الْأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلَا دِرْهَمًا وَلَكِنْ وَرَّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَ مِنْهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ.([70])

ورهَّب من ترك طلب العلم: فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: “سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- يَقُولُ:” أَلَا إِنَّ الدُّنْيَا مَلْعُونَةٌ مَلْعُونٌ مَا فِيهَا إِلَّا ذِكْرُ اللَّهِ وَمَا وَالَاهُ وَعَالِمٌ أَوْ مُتَعَلِّمٌ”.([71])

المبحث الثالث: مهارات الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في تصويب الأخطاء.

من خلال تتبع الأحاديث النبوية الشريفة أمكن الوقوف على جملة من المهارات العملية المتنوعة التي استخدمها الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- في تصويب أخطاء الأفراد، يُمكن تلخيصها في الآتي:

1ـ المُسارعة إلى تصحيح الخطأ وعدم إهماله.

كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- يعلم أصحابه ويصحِّح لهم أخطاءهم، ويأمرهم بذلك، بل ويلزمهم بتدارك الخطأ فورًا، وبتصحيحه، ليَتمّ لهم بذلك فعل ما أُمروا به على الوجه المطلوب، ويُعلّمهم ويُعلّم من بعدهم أن هناك من الأخطاء ما لا يُحتمل السكوت عنها، أو تأخير تصحيحها لبعض الوقت، إما لفواتها، أو أن البعض قد لا يقوم بتصحيحها إذا تأخر البيان عنها ولا سيما أنه لا يجوز في حقّه تأخير البيان عن وقت الحاجة، وأنه مكلّف بأن يبين للناس الحقّ ويدلهم على الخير ويحذرهم من الشر، ومسارعته -صلّى الله عليه وسلّم- إلى تصحيح أخطاء الناس واضحة في مناسبات كثيرة كقصة المسيء صلاته التي رواها  أَبِو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَجُلًا دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَرَسُولُ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- جَالِسٌ في نَاحِيَةِ الْمَسْجِدِ فَصَلَّى، ثُمَّ جَاءَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:« وَعَلَيْكَ السَّلاَمُ ارْجِعْ فَصَلِّ فَإِنَّكَ لَمْ تُصَلِّ»… الحديث،([72]) وقصة أسامة وفيها قول رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «أَتَشْفَعُ في حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ؟»([73]) والثلاثة الذين أرادوا التشديد والتبتل والتي يرويها أَنَسَ ابْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه يَقُولُ: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِي-صلّى الله عليه وسلّم- يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا، فَقَالُوا: وَأيْنَ نَحْنُ مِنَ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ، قَالَ أَحَدُهُمْ أَمَّا أَنَا فإني أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا، وَقَالَ آخَرُ أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ، وَقَالَ آخَرُ: أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ فَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا، فَجَاءَ رَسُولُ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- فَقَالَ: «أَنْتُمُ الَّذِينَ قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ وَأَتْقَاكُمْ لَهُ، لَكِنِّى أَصُومُ وَأُفْطِرُ، وَأُصَلِّى وَأَرْقُدُ وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّى».([74]) وإن عدم المبادرة إلى تصحيح الأخطاء قد يفوّت المصلحة ويضيّع الفائدة وربما تذهب الفرصة وتضيع المناسبة ويبرد الحدث ويضعف التأثير.

2ـ المطالبة بالكف عن الخطأ وتقديم البديل الصحيح:

لم يكتفِ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ببيان الخطأ فحسب بل بادر إلى شرحه وتوضيحه واقتراح البديل الصحيح ومن الأمثلة على ذلك ما جاء في الحديث الشريف عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: كُنَّا نُصَلِّي خَلْفَ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- فَنَقُولُ السَّلاَمُ عَلَى اللَّهِ، فَقَالَ النبي صلّى الله عليه وسلّم: «إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّلاَمُ وَلَكِنْ قُولُوا: التَّحِيَّاتُ لِلَّهِ وَالصَّلَوَاتُ وَالطَّيِّبَاتُ، السَّلاَمُ عَلَيْكَ أَيُّهَا النبي وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ، السَّلاَمُ عَلَيْنَا وَعَلَى عِبَادِ اللَّهِ الصَّالِحِينَ، أَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ».([75])

وقدّم لبلال الحبشي رضي الله عنه البديل عن ربا الفضل عندما جاء إلى النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بِتَمْرٍ بَرْنِيٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُ صلّى الله عليه وسلّم: “مِنْ أَيْنَ هَذَا؟” قَالَ بِلاَلٌ: كَانَ عِنْدَنَا تَمْرٌ رَدِيءٌ، فَبِعْتُ مِنْهُ صَاعَيْنِ بِصَاعٍ لِمَطْعَمِ النَّبِيِ -صلّى الله عليه وسلّم- فَقَالَ النَّبِيُ -صلّى الله عليه وسلّم- عِنْدَ ذَلِكَ: “أَوَّهٍ أَوَّهٍ([76])، عَيْنُ الرِّبَا، عَيْنُ الرِّبَا، لاَ تَفْعَلْ، وَلَكِنْ إِذَا أَرَدْتَ أَنْ تَشْتَرِيَ فَبِعْ التَمْرَ بِبَيْعٍ آخَرَ، ثُمَّ اشْتَرِ بِهِ”([77]) ومعلوم أن الشريعة الإسلامية  تقدّم البدائل عوضًا عن أي منفعة محرمة فلما حرّمت الزنا شرعت النكاح، ولما حرّمت الربا، أباحت البيع، ولما حرّمت الخنزير والميتة وكلّ ذي ناب ومخلب أباحت الذبائح من بهيمة الأنعام وغيرها وهكذا، وكذلك في كثير من المعاملات المالية وأنظمة الاستثمار الغربية التي تم نقلها لبلاد المسلمين تم استبعادها ووضع البديل الصحيح المناسب لها كالمرابحات والمضاربات وغيرها، ثمّ لو وقع الشخص في أمر محرّم فقد أوجدت له الشريعة المخرج بالتوبة والكفارة كما هو مبيّن في نصوص الكفارات، فينبغي على المربي أن يحذوا حذو الشريعة في تقديم البدائل وإيجاد المخارج الشرعية حسب الإمكان والقدرة.

3ـ  الحوار المقنع:

 من الطُرق التي ترتكز على كل من المُعلم والمتعلم، وتقوم في جوهرها على الحوار الذي ينمي روح التعاون، وتدرب على مهارات الإلقاء، والاستماع، والتفكير، واحترام آراء الآخرين، والجرأة في إبداء الرأي، كما أنها تحفز الذاكرة وتساعدها على استرجاع المعلومات وتثبيتها. وقد انتشر التعليم بالطريقة الحوارية في حديثه -صلّى الله عليه وسلّم- متضمنًا معاني وأهدافًا تربوية متعددة، وكانت غالبية الحوارات تُبتدأ بسؤال منه عليه الصلاة والسلام.

وقد استخدم النبي -صلّى الله عليه وسلّم- الحوار المتلطف الهادئ مع شاب جاء يطلب منه الإذن بفعل الفاحشة فعن أبي أمامة رضي الله عنه أنَّ فَتًى شَابًّا أَتَى النَّبِيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، ائْذَنْ لِي بِالزِّنَا، فَأَقْبَلَ الْقَوْمُ عَلَيْهِ، فَزَجَرُوهُ، قَالُوا: مَهْ مَهْ، فَقَالَ: “ادْنُهْ”، فَدَنَا مِنْهُ قَرِيبًا، قَالَ: فَجَلَسَ، قَالَ: “أَتُحِبُّهُ لِأُمِّكَ؟ “قَالَ:لَا وَاللَّهِ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: “وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأُمَّهَاتِهِمْ”، قَالَ: “أَفَتُحِبُّهُ لِابْنَتِكَ؟”، قَالَ: لَا وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: “وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِبَنَاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِأُخْتِكَ؟”، قَالَ:لَا وَاللَّهِ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ: “وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِأَخَوَاتِهِمْ، قَال: أَفَتُحِبُّهُ لِعَمَّتِكَ؟”، قَالَ: لَا وَاللَّهِ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ:” وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِعَمَّاتِهِمْ، قَالَ: أَفَتُحِبُّهُ لِخَالَتِكَ؟”، قَالَ: لَا وَاللَّهِ، جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاءَكَ، قَالَ:”وَلَا النَّاسُ يُحِبُّونَهُ لِخَالَاتِهِمْ، قَالَ: فَوَضَعَ يَدَهُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: “اللَّهُمَّ اغْفِرْ ذَنْبَهُ، وَطَهِّرْ قَلْبَهُ، وَحَصِّنْ فَرْجَهُ”، فَلَمْ يَكُنْ بَعْدُ ذَلِكَ الْفَتَى يَلْتَفِتُ إِلَى شَيْءٍ.([78]). ففي هذا الحوار بيّن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- للشاب قبح الزنى نتيجة لما بدأ به النبي عليه الصلاة والسلام من مقدمات منطقية مقنعة، وكشف الحديث عن رحمة النبي المُربي -صلّى الله عليه وسلّم- بالشاب السائل ورفقه به وحرصه على معالجة سلوكه وحب الخير له.

ومن ذلك: حواره مع الأعرابي الذي شك في امرأته لمّا ولدت غلامًا أسود اللون: فعن أبي هريرة رضي الله عنه: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- جَاءَهُ أَعْرَابِيٌّ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ امْرَأَتِي وَلَدَتْ غُلاَمًا أَسْوَدَ‏.‏ فَقَالَ‏ “هَلْ لَكَ مِنْ إِبِلٍ‏”‏‏، قَالَ نَعَمْ‏، قَالَ‏”‏ مَا أَلْوَانُهَا‏”؟‏ قَالَ حُمْرٌ‏،‏ قَالَ: ‏”‏فِيهَا مِنْ أَوْرَقَ‏”‏‏؟‏ قَالَ: نَعَمْ‏، قَالَ: ‏”‏فَأَنَّى كَانَ ذَلِكَ”‏‏؟‏ قَالَ: أُرَاهُ عِرْقٌ نَزَعَهُ‏، قَالَ: ‏”‏فَلَعَلَّ ابْنَكَ هَذَا نَزَعَهُ عِرْقٌ‏”‏‏.‏([79])

4ـ  أسلوب التعريض وعدم مواجهة بعض المخطئين بالخطأ.

التعريض خلاف التصريح والمعاريض التورية بالشيء عن الشيء.([80])

ﻭﻗﺩ أوصى الإمام الغزالي المُعلم “بأن يزجر المتعلم على سوء الأخلاق بطريقة التعريض ما أمكن ولا يصرح، فإن التصريح يهتك حجاب الهيئة ويورث الجرأة على الهجوم بالخلاف ويُهيج الحرص على الإصرار.”([81])

ومن الأمثلة على استخدامه -صلّى الله عليه وسلّم- لأسلوب التعريض في تقويم السلوك ما روي عن أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَرْفَعُونَ أَبْصَارَهُمْ إِلَى السَّمَاءِ في صَلاَتِهِمْ». فَاشْتَدَّ قَوْلُهُ في ذَلِكَ حَتَّى قَالَ: «لَيَنْتَهُنَّ عَنْ ذَلِكَ أَوْ لَتُخْطَفَنَّ أَبْصَارُهُمْ».([82])

وحينما حذر الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- من التقصير في قيام الليل خاطب عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ -رضى الله عنهما– قائلًا: «يَا عَبْدَ اللَّهِ، لاَ تَكُنْ مِثْلَ فُلاَنٍ، كَانَ يَقُومُ اللَّيْلَ فَتَرَكَ قِيَامَ اللَّيْلِ»([83])

وعن عَائِشَةُ رضي الله عنها قالت: صَنَعَ النَّبِيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- شَيْئًا فَرَخَّصَ فِيهِ فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ: «مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّيْءِ أَصْنَعُهُ، فَوَاللَّهِ إِنِّي لأعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً»([84])

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: أما المعاتبة فقد حصلت منه لهم بلا ريب وإنما لم يميز الذي صدر منه ذلك سترًا عليه فحصل منه الرفق من هذه الحيثية.([85])

وأسلوب التعريض بالمخطئ وعدم مواجهته بالخطأ تجنّب ردّ الفعل السلبي للمخطئ وإبعاده عن تزيين الشيطان له بالانتقام الشخصي والانتصار للنفس، كما أنه أكثر قبولًا وتأثيرًا في النفس، وأستر للمخطئ بين الناس، وتزرع الثقة بين المعلم والمتعلم، وهي فرصة للآخرين بأن يراجعوا أنفسهم ويصححوا سلوكهم.

5ـ  طلب إعادة الفعل على الوجه الصحيح.

كان النبي -صلّى الله عليه وسلّم- ينتبه لأفعال الناس من حوله كي يعلمهم إذا أخطؤوا، فمن صفة المُربي أن يكون يقظًا لأفعال من معه، ومن الحكمة في التعليم طلب إعادة الفعل من المخطئ لعله ينتبه إلى خطئه فيصححه بنفسه فإذا لم ينتبه إلى خطئه وجب البيان والتفصيل ومن أمثلة طلب إعادة الفعل الخطأ على الوجه الصحيح أيضًا ما روي عَنْ جَابِرٍ رضي الله عنه أَخْبَرَنِي عُمَرُ ابْنُ الْخَطَّابِ أَنَّ رَجُلا تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفُرٍ عَلَى قَدَمِهِ فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- فَقَالَ: «ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ»، فَرَجَعَ ثُمَّ صَلَّى.([86]) ومن أمثلته كذلك ما روي عن كَلَدَةَ ابْنَ حَنْبَلٍ أَنَّ صَفْوَانَ بْنَ أُمَيَّةَ بَعَثَهُ بِلَبَنٍ وَلِبَأٍ([87]) وَضَغَابِيسَ([88]) إِلَى النَّبِيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- وَالنَّبِيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- بِأَعْلَى الْوَادِي قَالَ: فَدَخَلْتُ عَلَيْهِ وَلَمْ أُسَلِّمْ وَلَمْ أَسْتَأْذِنْ فَقَالَ النَّبِيُّ صلّى الله عليه وسلّم: «ارْجِعْ فَقُلِ السَّلامُ عَلَيْكُمْ أَأَدْخُلُ».([89])

6ـ المُداعبة وإظهار الرحمة بالمخطئ.

المُداعبة في اللغة: داعبه مداعبة مازحه، والاسم الدُّعابة والمُداعبة الممازحة.([90])

وعرّف الحافظ ابن حجر رحمه الله المداعبة بـ: المُلاطفة في القول بالمزاح وغيره.([91])

ويُقصد بالمداعبة هنا: “استثمار بعض المواقف بقول أو فعل، يُدخل السرور على الآخرين دون جرح للمشاعر أو اهدار للكرامات”([92]).

وكثيرًا ما كان الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- يستخدم أسلوب المُداعبة مع الصَّحابة الكرام، ولعل مداعبته للغلمان كانت هي الأكثر، بسبب ميلهم لهذا الأسلوب وحبهم له، ورغبة منه -صلّى الله عليه وسلّم- في التودد إليهم وتعليمهم وإرشادهم وتصحيح أخطائهم من خلال ذلك. قال أنَس رضي الله عنه: «كَانَ رَسُولُ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- مِنْ أَحْسَنِ النَّاسِ خُلُقًا»، فَأَرْسَلَنِي يَوْمًا لِحَاجَةٍ، فَقُلْتُ: وَاللهِ لَا أَذْهَبُ، وَفِي نَفْسِي أَنْ أَذْهَبَ لِمَا أَمَرَنِي بِهِ نَبِيُّ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- فَخَرَجْتُ حَتَّى أَمُرَّ عَلَى صِبْيَانٍ وَهُمْ يَلْعَبُونَ فِي السُّوقِ، فَإِذَا رَسُولُ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- قَدْ قَبَضَ بِقَفَايَ مِنْ وَرَائِي، قَالَ: فَنَظَرْتُ إِلَيْهِ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَقَالَ: «يَا أُنَيْسُ أَذَهَبْتَ حَيْثُ أَمَرْتُكَ؟» قَالَ قُلْتُ: نَعَمْ، أَنَا أَذْهَبُ، يَا رَسُولَ اللهِ.([93])       

 ففي الحديث إشارة ملفتة في تصحيح الأخطاء من خلال أسلوب المداعبة مع الغلام المخطئ، حيث كان من عادته -صلّى الله عليه وسلّم- استخدام أسلوب تصغير اسم الغلام تعبيرًا منه عن المداعبة والتودد له، وتصحيحًا منه للخطأ بهذا الأسلوب اللطيف والمحبب.

7ـ الوعظ والتخويف من عقاب الله تعالى.

يعتبر الوعظ من أسهل العقوبات وأيسرها، يُلجأ إليه لتأديب الأشخاص الذين لا يرتكبون الأخطاء إلا على سبيل الزلة والندور والسهو والغفلة من غير قصد وتعمد.([94])

وينفع هذا الأسلوب من عرف عنه الاستقامة والصلاح، لأن هؤلاء هم الذين يتعظون بالوعظ وينـزجرون به، فيكفيهم التذكير والتنبيه على خطأ ما وقعوا فيه، فلا يخاطب به إلا من يغلب على الظن انزجاره به، ومن أمثلة الهدي النبوي في الوعظ ما روي عن أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال: قَالَ رَجُلٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ، لاَ أَكَادُ أُدْرِكُ الصَّلاَةَ مِمَّا يُطَوِّلُ بِنَا فُلاَنٌ، فَمَا رَأَيْتُ النَّبِيَّ -صلّى الله عليه وسلّم- فِي مَوْعِظَةٍ أَشَدَّ غَضَبًا مِنْ يَوْمِئِذٍ فَقَالَ: «أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ مُنَفِّرُونَ، فَمَنْ صَلَّى بِالنَّاسِ فَلْيُخَفِّفْ، فَإِنَّ فِيهِمُ الْمَرِيضَ وَالضَّعِيفَ وَذَا الْحَاجَةِ».([95])

فقد دَلَّ الحديث دلالة واضحة على مشروعية التأديب بالوعظ، إذ أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- وعظ من أطال في الصلاة إطالة تضر بالمأمومين، وبيَّن له أن السنة إنما في الاعتدال، واتباع طريقته عليه الصلاة والسلام.

ومن أمثلة الوعظ بالتخويف من عقاب الله تعالى: ما روي عن أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه قَالَ بَعَثَنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- فِي سَرِيَّةٍ فَصَبَّحْنَا الْحُرَقَاتِ مِنْ جُهَيْنَةَ فَأَدْرَكْتُ رَجُلا، فَقَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فَطَعَنْتُهُ فَوَقَعَ فِي نَفْسِي مِنْ ذَلِكَ، فَذَكَرْتُهُ لِلنَّبِيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:«أَقَالَ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَقَتَلْتَهُ؟» قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّمَا قَالَهَا خَوْفًا مِنَ السِّلاحِ، قَالَ: «أَفَلا شَقَقْتَ عَنْ قَلْبِهِ حَتَّى تَعْلَمَ أَقَالَهَا أَمْ لا؟» فَمَا زَالَ يُكَرِّرُهَا عَلَيَّ حَتَّى تَمَنَّيْتُ أَنِّي أَسْلَمْتُ يَوْمَئِذٍ.([96])

فهنا وعظ النبي -صلّى الله عليه وسلّم- أسامة بن زيد -رضي الله عنه- مخوفا إياه من عقاب الله سبحانه وهو يعلم أن مثل أسامة من يردعه هذا الأسلوب، ويرده إلى الصواب. لذا كان من أهم فوائد أسلوب الوعظ أنه يوقظ العواطف الربانية في نفوس الناشئين، كعاطفة الخضوع لله، والخوف من عذابه، والرغبة في جنّته.

المبحث الرابع: المهارات النبوية في العقاب:

لمّا كان المتعلمون متنوعين في طبائعهم متباينين في أخلاقهم وفي استجاباتهم السلوكية، وردود أفعالهم، فإن المُعلم مطالب لاستيعاب جميع هذه الأطياف السلوكية فيتعامل معها بما يناسبها وفق معطيات علمية صحيحة، تتطابق مع أحكام الشريعة الإسلامية للحد من السلوك غير المرغوب فيه.

ولقد أقرَّت السنة النبوية العقاب فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «عَلِّمُوا الصَّبِيَّ الصَّلاَةَ ابْنَ سَبْعِ سِنِينَ وَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا ابْنَ عَشْرٍ».([97]) ولا يفهم من حديث السيدة عائشة رضي الله عنها تحريم مطلق الضرب حين قالت: «مَا ضَرَبَ رَسُولُ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- شَيْئًا قَطُّ بِيَدِهِ، وَلَا امْرَأَةً، وَلَا خَادِمًا، إِلَّا أَنْ يُجَاهِدَ فِي سَبِيلِ اللهِ، وَمَا نِيلَ مِنْهُ شَيْءٌ قَطُّ، فَيَنْتَقِمَ مِنْ صَاحِبِهِ، إِلَّا أَنْ يُنْتَهَكَ شَيْءٌ مِنْ مَحَارِمِ اللهِ، فَيَنْتَقِمَ لِلَّهِ عَزَّ وَجَلَّ»([98]) وإنما هو الأفضل إن أمكن.

قال الإمام النووي: “فيه أن ضرب الزوجة والخادم والدابة وإن كان مباحًا للأدب فتركه أفضل”([99]) فإن أمكن حصول المقصود بغير ضرب كان هو المتعين على المربي، إذ إن الإيلام غير مقصود لذاته.

وقد مارس بعض الصحابة شيئًا من العقوبات البدنية مع أولادهم حين يخطئون في اللغة، فقد كان عبد الله بن عمر يضرب ابنه حين يخطئ في الإعراب.([100]) وروى الخطيب البغدادي عن عمرو بن دينار: أَنَّ ابْنَ عُمَرَ وَابْنَ عَبَّاسٍ كَانَا يَضْرِبَانِ أَوْلَادَهُمَا عَلَى اللَّحْنِ.([101]) كما روى عن أَبِي إِسْحَاقَ الطَّلْحِيِّ: أَنَّ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ، كَانَ يَضْرِبُ الْحَسَنَ وَالْحُسَيْنَ عَلَى اللَّحْنِ.([102])

وكذلك كان حال التأديب في زمن التابعين، فقد أرسل عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي ولده عمر بن عبد العزيز في زمن صباه إلى المدينة ليتأدب بها وكتب إلى صالح بن كيسان يتعاهده، وكان يلزمه الصلوات، فأبطأ يومًا عن الصلاة، فقال: ما حبسك؟ قال: كانت مرجّلتي تسكّن شعري، فقال: بلغ مِن تسكين شعرك أن تؤثره على الصلاة! وكتب بذلك إلى والده، فبعث عبد العزيز رسولًا إليه، فما كلمه حتى حلق شعره.([103])

ولم تكن الأسر المسلمة في الماضي تأنف من التأديب بشيء من الإيلام البدني حين يمارس مع صغار أبنائها، حتى أسر الحكام من الخلفاء لم تكن تأنف هي الأخرى من ذلك.([104]) فقد قال الخليفة الرشيد لمعلم ولده الأمين: “إن أمير المؤمنين قد دفع إليك مهجة نفسه، وثمرة قلبه، فصيّر يدك عليه مبسوطة، وطاعته لك واجبة… ولا تُمْعن في مسامحته فيستجلي الفراغ ويألفه، وقوّمه ما استطعت بالقرب والملاينة، فإنْ أباهما فعليك بالشدة والغلظة”([105]) وإن نجاح المربي في تربيته قد يحتاج إلى الحزم والحكمة والحيوية، ومرونة الأفق التربوي، والتوجيه السلبي والإيجابي.([106]) وقد أقر جمهور الفقهاء في القديم والحديث على جواز ضرب التلاميذ للتأديب، بما يحقق مصالحهم الخلقية والسلوكية والتعليمية.([107]) وقد سُئِل الإمام أحمد عن ضرب المعلم للصبيان فقال: “على قدر ذنوبهم، ويتوقى بجهده الضرب، وإذا كان صغيرًا لا يعقل فلا يضربه، ومَن ضرب من هؤلاء الضرب المأذون فيه لم يضمن ما تلف… وللمعلم ضرب الصبيان للتأديب”.([108])

وإن مشروعية استخدام العقوبة البدنية لا تعني إطلاق يد المعلم في ضرب التلميذ دون ما ضوابط تحكم تصرفاته ضمن مصلحة التلميذ التربوية([109]).

وفيما يأتي بيان بجملة من المهارات النبوية في ضبط العقوبة:

1 ـ معرفة التلميذ بالحدود السلوكية: والمقصود هنا ضرورة أن يعلم التلميذ مسبقًا العلم بالسلوك الذي يصح أن يتحرك فيه من الذي لا ينبغي له أن يتجاوزه، فلا يجوز عقاب التلميذ على أمر يجهله ولا علم له بأنه ممنوع، والنبي -صلّى الله عليه وسلّم- يقول في حق المكلفين حين يخطئون دون قصد:” إِنَّ اللَّهَ وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ، وَالنِّسْيَانَ، وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ”.([110]) ولاشك أن المتعلم أولى بهذا العفو، ولذا يتعين على المعلم أن يعرّف تلاميذه الحدود السلوكية الجائزة وعقوبة انتهاكها.

2 ـ التأكد من المرحلة العمرية: يُعد السن أول المعالم التي يستدل به على فهم الصبي، وقدرته على التمييز بين الخطأ والصواب. وقد أذن بعض الفقهاء بإيقاع العقوبة على التلميذ بعد سن السابعة وهو سن التمييز.([111])، وبعضهم يجعل سن العاشرة هي الحد في جواز عقاب الصغار مستدلين بحديث أمر الصبي بالصلاة “وَاضْرِبُوهُ عَلَيْهَا ابْنَ عَشْرٍ”([112]) بمعنى أنَّ الشرع لم يأذن بضربه على الصلاة إلا في العاشرة، فعلى غير الصلاة أولى ألا يُضرب حتى يبلغها.([113]) والمقصود من ذلك ضمان عدم ضرب من لا يعقل من الغلمان فالاتفاق قائم على تجنيب هؤلاء الضرب.([114]) وضمان عدم ضرب من لا يحتمله من الغلمان، وسن العاشرة غالبًا ما يتحمل فيه الصبي الضرب.([115])

3 ـ العفو والتغافل: والمقصود هنا هو تجنب المواجهة المباشرة مع التلميذ حين يخطئ المرة الأولى، فلا ينبغي للمربي أن يحاسب التلميذ على كل هفوة تصدر منه، وأن يعاقب على كل أمر، ولنا في رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وهو المربي والمعلم الأول القدوة الحسنة، فقد ضرب الحبيب المصطفى أروع الأمثلة في العفو والصفح والتغافل ومن أمثلة ذلك ما روي عن أنس رضي الله عنه قَالَ: كُنْتُ أمشي مَعَ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وَعَلَيْهِ بُرْدٌ نَجْرَانيٌّ غَلِيظُ الحَاشِيَةِ، فأدْرَكَهُ أعْرَابِيٌّ فَجَبذَهُ بِرِدَائِهِ جَبْذَةً شَديدةً، فَنَظَرْتُ إِلَى صَفْحَةِ عَاتِقِ النَّبيِّ -صلّى الله عليه وسلّم- وَقَدْ أثَّرَتْ بِهَا حَاشِيَةُ الرِّدَاءِ مِنْ شِدَّةِ جَبْذَتِهِ، ثُمَّ قَالَ: يَا مُحَمَّدُ، مُر لِي مِنْ مَالِ اللهِ الَّذِي عِنْدَكَ. فَالتَفَتَ إِلَيْهِ، فَضَحِكَ ثُمَّ أَمَرَ لَهُ بِعَطَاءٍ.([116])

يقول الإمام النووي: وفيه كمال خلق رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- وحلمه وصفحه الجميل.([117]) وعن أَبي هريرة رضي الله عنه: أنَّ رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- قَالَ: «لَيْسَ الشَّديدُ بِالصُّرَعَةِ، إنَّمَا الشَّدِيدُ الَّذِي يَمْلِكُ نَفْسَهُ عِنْدَ الْغَضَبِ».([118]) قال ابن حجر: الغضب يؤول إلى التقاطع ومنع الرفق وربما آل إلى أن يؤذي المغضوب عليه ويظهر أثر الغضب أيضًا في الفعل بالضرب أو القتل.([119]) وفي هذا يقول ابن جماعة بعد ذكر ضرورة شفقة المعلم على تلميذه: “والصبر على جفاء ربما وقع منه لايكاد يخلو الإنسان عنه، وسوء أدب في بعض الأحيان، ويبسط عذره بحسب الإمكان، ويوقفه مع ذلك على ما صدر منه بنصح وتلطف، لا بتعنيف وتعسف، قاصدًا بذلك حسن تربيته، وتحسين خلقه، وإصلاح شأنه”.([120])

4 ـ التهديد بالعقوبة: المقصود بالتهديد بالعقوبة هو التلميح بها، والإيحاء بأداتها، ففي الحديث عن ابن عباس رضي الله عنهما أَنَّ النَّبِيَّ صلّى الله عليه وسلّم: “أَمَرَ بِتَعْلِيقِ السَّوْطِ فِي الْبَيْتِ”.([121]) ومن الجدير بالذكر أن التهديد بالعقوبة يفقد أثره التربوي في نفس الطفل حينما يكون لمجرد التهديد فحسب دون تنفيذ مقتضاه المستلزم لإيقاع العقوبة عند استحقاقها في حين يبقى للتهديد أثره الإيجابي في سلوك الطفل لفترات طويلة حينما يتيقن مصداقيته، لاسيما إذا عاينه مرة بوقوعه عليه.([122])

5 ـ النهي عن الإتلاف بالعقوبة: اتفق الفقهاء على منع التأديب بقصد الإتلاف.([123]) قال ابن قدامة: “والتعزير يكون بالضرب والحبس والتوبيخ، ولا يجوز قطع شيء منه، ولا جرحه، ولا أخذ ماله، لأن الشرع لم يرد بشيء من ذلك عن أحد يقتدى به، ولأن الواجب أدب، والتأديب لا يكون بالإتلاف” ([124]).

ولهذا جاء التحذير الشديد من مثل هذه المسالك وخاصة مع الصغار، فقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: «إِنَّ اللهَ يُعَذِّبُ الَّذِينَ يُعَذِّبُونَ فِي الدُّنْيَا».([125])، وروى أبو مسعود البدري رضي الله عنه عن خطئه حين تجاوز في التأديب فقال: كُنْتُ أَضْرِبُ غُلَامًا لِي، فَسَمِعْتُ مِنْ خَلْفِي صَوْتًا: «اعْلَمْ، أَبَا مَسْعُودٍ، لَلَّهُ أَقْدَرُ عَلَيْكَ مِنْكَ عَلَيْهِ»، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ رَسُولُ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، هُوَ حُرٌّ لِوَجْهِ اللهِ، فَقَالَ: « أَمَا لَوْ لَمْ تَفْعَلْ لَلَفَحَتْكَ النَّارُ»، أَوْ « لَمَسَّتْكَ النَّارُ».([126])

قال النووي: ” فيه الحث على الرفق بالمملوك والوعظ والتنبيه على استعمال العفو وكظم الغيظ والحكم كما يحكم الله على عباده”.([127]) ولهذا يلزم التشريع الإسلامي المعلم المتعدي بالضمان في حال إتلافه شيئًا من الغلام.([128]) قال أبو بكر الخلال: “… وإن ضربه ضربًا شديدًا، مثله لا يكون أدبًا للصبي ضمن لأنه قد تعدى في الضرب”،([129]) ولهذا نص العلماء أنه:”لا يجوز للجلاد رفع يده بحيث يبدو بياض إبطه، ولا يخفضها خفضًا شديدًا، بل يتوسط بين خفض ورفع، فيرفع ذراعه لا عضده.([130]) وهذا في حق الجناة البالغين، فكيف بحق الصبيان الصغار؟

6 ـ موضع العقوبة: لقد حددت السنة النبوية المواضع التي لا يجوز ضربها كالوجه ومواضع مقاتل الإنسان كالرأس، والعين، والأذن، فَعنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم: «إِذَا قَاتَلَ أَحَدُكُمْ أَخَاهُ، فَلَا يَلْطِمَنَّ الْوَجْهَ».([131]) قال ابن حجر: “يدخل في النهي كل من ضرب في حد أو تعزير أو تأديب… وإذا كان ذلك في حق من تعين إهلاكه فمن دونه أولى”([132]) وقال النووي: ” هذا تصريح بالنهي عن ضرب الوجه لأنه لطيف يجمع المحاسن، وأعضاؤه نفيسة لطيفة، وأكثر الإدراك بها، فقد يُبطلها ضرب الوجه، وقد ينقصها، وقد يشوّه الوجه، والشَّين فيه فاحش لأنه بارز ظاهر لا يمكن ستره، ومتى ضربه لا يسلم من شَين غالبًا ويدخل في النهي إذا ضرب زوجته، أو ولده، أو عبده ضرب تأديب فليجتنب الوجه”.([133])

7 ـ  أداة العقوبة: ورد في السنة النبوية، وفعل بعض الصحابة رضوان الله عليهم عدة أدوات استُعْمِلت في إقامة عقوبة التعزير، والتأديب ومنها:

أ ـ العصا الصغيرة: كالقضيب الصغير «وهو الغصن الرقيق جدًا.([134]) ويدل على جواز استعمال العصا الصغيرة في التأديب الخاص أثر ابن عباس رضي الله عنهما في تفسير قوله تعالى: ﴿ وَاضْرِبُوهُنَّ ﴾ (النساء4/34)  حيث قال: “هو السواك وشبهه”. ولأنه إذا قام الدليل على جواز استعمال العصا الغليظة من جريد النخل ونحوه في إقامة الحد والتعزير، فإن المناسب استعماله في الولاية الخاصة هو ما كان دون ذلك، وهو العصا الصغيرة بحيث لا يتجاوز في ذلك الإيلام المناسب.([135])

 ب ـ الدّرَّة: وهي سوط رفيع مجدول من الجلد يضرب به.([136]) فيجوز التأديب بالدِّرة كما كان عمر رضي الله عنه يُؤدب بها، بشرط ألا يجاوز بها التأديب المعتاد حيث لا تصل إلى أن تكون مثل ألم السوط أو أكثر منه ([137]).

 ج ـ أطراف الثياب: وقد ورد الحديث الصحيح في جواز استعمال طرف الثوب في التأديب سواء أكان الطرف مشدودًا أم لا، خلافًا للحد فـ “لا بد من شدِّ طرف الثوب وفتله حتى يؤلم”([138]) فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أُتِيَ النَّبِيُّ -صلّى الله عليه وسلّم- بِرَجُلٍ قَدْ شَرِبَ قَالَ: «اضْرِبُوهُ ». قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ، وَالضَّارِبُ بِنَعْلِهِ، وَالضَّارِبُ بِثَوْبِهِ، فَلَمَّا انْصَرَفَ قَالَ بَعْضُ الْقَوْمِ أَخْزَاكَ اللَّهُ. قَالَ: «لَا تَقُولُوا هَكَذَا لاَ تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ».([139]) فدلّ الحديث على جواز استعمال الثوب في ضرب التأديب، “إذ إنّ الذي وقع في عهد النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان أدبًا وتعزيرًا”.([140])

د ـ اليد المجردة عن الآلة: وقد دلَّ على جواز هذه الصفة في الضرب الحديث المتقدم آنفًا، في قول أبي هريرة رضي الله عنه: «فَمِنَّا الضَّارِبُ بِيَدِهِ»، وعَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ قَالَ: كُنَّا نُؤْتَى بِالشَّارِبِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- وَإِمْرَةِ أَبِي بَكْرٍ وَصَدْرًا مِنْ خِلاَفَةِ عُمَرَ، فَنَقُومُ إِلَيْهِ بِأَيْدِينَا وَنِعَالِنَا وَأَرْدِيَتِنَا، حَتَّى كَانَ آخِرُ إِمْرَةِ عُمَرَ، فَجَلَدَ أَرْبَعِينَ، حَتَّى إِذَا عَتَوْا وَفَسَقُوا جَلَدَ ثَمَانِينَ.([141])

وإنما صير إلى هذه الأدوات الأربع في التأديب الخاص دون غيرها لأن هذه الأدوات المستعملة في التأديب لا تجزئ في إيقاع الحد، بل لو نُفِّذ بها الحد لم يكف وأعيد، على ما ذهب إليه جماعة من الفقهاء.([142])

هذه بعض صور الآلات التي يمكن استعمالها في ممارسة تأديب التلاميذ بحسب ما يليق بحالهم فلا يجوز استعمال آلة تؤثر في بدن التلميذ تأثيرًا بليغًا؛ لأن استعمال ذلك يخرج الضرب عن المقصود به من كونه تأديبًا واستصلاحًا إلى كونه تعذيبًا أو إهلاكًا.

8 ـ تجنب فزع التلميذ وذعره: على المربي الحكيم أن يدرك مدى انضباط عقوبته وجدواها من درجة ردة فعل التلميذ وحجم الفزع الذي انتابه من جراء العقوبة، ولهذا كتب عمر بن عبد العزيز إلى الأمصار: “لا يقرن المعلم فوق ثلاث فإنها مخافة للغلام”،([143]) وقد ورد عن النبي-صلّى الله عليه وسلّم- النهي عن ترويع المسلم بشكل عام فعَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِى لَيْلَى قَالَ حَدَّثَنَا أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ -صلّى الله عليه وسلّم- أَنَّهُمْ كَانُوا يَسِيرُونَ مَعَ النَّبِي-صلّى الله عليه وسلّم- فَنَامَ رَجُلٌ مِنْهُمْ فَانْطَلَقَ بَعْضُهُمْ إِلَى حَبْلٍ مَعَهُ فَأَخَذَهُ فَفَزِعَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلّى الله عليه وسلّم- «لاَ يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يُرَوِّعَ مُسْلِمًا».([144])

9 ـ تجنب العتاب والتعيير بالذنب: على المربي الحكيم أن يتجنب ملاحقة التلميذ بذنبه بعد العقوبة، وتعييره بها، بحيث يصبح ذلك الذنب لصيقًا بصاحبه لا ينفك عنه، مما يؤدي إلى تثبيط التلميذ عن اختيار السلوك الإيجابي مستقبلًا، ومحطمًا نفسيًا له، وقد نبه النبي -صلّى الله عليه وسلّم- لهذا المعنى حين سمع أحدهم يقول لشارب الخمر: أَخْزَاكَ اللَّهُ. قَالَ: «لاَ تَقُولُوا هَكَذَا لاَ تُعِينُوا عَلَيْهِ الشَّيْطَانَ».([145])  وكذلك يُلمح هذا المعنى من صلاة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- على المرأة الغامدية بعد أن رجمت في حدّ الزنا، ونهيه عن سبّها، ففي الحديث: فَيُقْبِلُ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ بِحَجَرٍ، فَرَمَى رَأْسَهَا فَتَنَضَّحَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِ خَالِدٍ فَسَبَّهَا، فَسَمِعَ نَبِيُّ اللهِ -صلّى الله عليه وسلّم- سَبَّهُ إِيَّاهَا، فَقَالَ: «مَهْلًا يَا خَالِدُ، فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ تَابَتْ تَوْبَةً لَوْ تَابَهَا صَاحِبُ مَكْسٍ لَغُفِرَ لَهُ»، ثُمَّ أَمَرَ بِهَا فَصَلَّى عَلَيْهَا، وَدُفِنَتْ.([146]) والأصرح من ذلك قوله -صلّى الله عليه وسلّم- في حق الأمَة الزانية، حين يتكرر منها الزنا: «إِذَا زَنَتْ أَمَةُ أَحَدِكُمْ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتْ، فَلْيَجْلِدْهَا الْحَدَّ، وَلَا يُثَرِّبْ عَلَيْهَا، ثُمَّ إِنْ زَنَتِ الثَّالِثَةَ، فَتَبَيَّنَ زِنَاهَا، فَلْيَبِعْهَا، وَلَوْ بِحَبْلٍ مِنْ شَعَرٍ».([147]) والمراد بالنهي عن التثريب أي: النهي عن التوبيخ واللوم على الذنب.([148]) وهذه المعاملة تعد محفزًا إيجابيًا للسلوك القويم لما وقع منه الخطأ ثم عوقب عليه، ويمكنه أن يستأنف نشاطًا إيجابيًا جديدًا دون عتاب أو لوم، ولا شك أن التلميذ المعاقب أولى بهذا المعنى من أصحاب الحدود، فلا بد من تجنيبه ذلك الشعور المزعج ليبدأ سلوكًا إيجابيًا جديدًا دون إرهاق نفسي، وكأنه لم يقترف شيئاً.

الخاتمة

ثبت لنا أن شخصية النبي -صلّى الله عليه وسلّم- منارة يهتدي بها كل من يبحث عن الهدى، والاقتداء به مكسب لكل من يريد النجاح، والاستعانة بمهاراته التربوية لا يستغني عنها أحد من علماء التربية والتعليم.

وقد توصلت إلى بعض النتائج المهمة، منها:

1ـ أن السنة النبوية غنية بالمهارات التربوية والتي تخاطب العقول والقلوب وفق ما يقتضيه الحال، ووفق طبيعة الموقف وظروفه، ووفق وضع المقصود من التربية والتعليم وقدراته ومستواه.

2ـ أن النبي -صلّى الله عليه وسلّم- كان ينوع بين المهارات والمثيرات ووسائل جذب الانتباه خلال عملية التعليم ومن أهمها: استخدام حركات الجسد ونبرات الصوت، الوسائل التعليمية، وهذه من شأنها إثارة دافعية المتعلم والمحافظة على استمرار انتباه المتعلمين.

3ـ ﺍتَّصف منهج الرسول -صلّى الله عليه وسلّم- ومهاراته في تقويم سلوك الأفراد بالشمول والتنوع، حيث استوعب جوانب الحياة الإنسانية المختلفة وتعامل مع جميع المراحل العمرية.

٤- غلب على أساليبه -صلّى الله عليه وسلّم- ومهاراته في تقويم السلوك الجانب العملي الذي تجسد في المسارعة في تصحيح الخطأ، وتقديم البديل الصحيح للسلوك السلبي، وفي الحوار والمقارنة.

5ـ أقرت السنة النبوية العقوبة البدنية لمواجهة السلوك الخاطئ، عند الحاجة بضوابطه الشرعية، كما أقرّ جماهير الفقهاء في القديم والحديث على جواز ضرب التلاميذ للتأديب، بما يحقق مصالحهم الخلقية والسلوكية والتعليمية.

6ـ حفلت السنة النبوية بحزمة من المهارات التي تضبط تصرفات المعلمين تجاه التلاميذ عند الحاجة إلى عقابهم.


[1]) ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، بيروت: دار صادر، ط1 ج:5، ص:184

[2]) أبو النصر، مدحت محمد، مهارات الاتصال مع الآخرين، القاهرة: المجموعة العربية للتدريب والنشر، 2012م، ص: 94.

[3]) الشيباني، عمر محمد التومي، فلسفة التربية الإسلامية، (طرابلس: المنشأة العامة للنشر،1985م) ص: 405.

[4]) النهاية في غريب الأثر لابن الأثير، مادة ( حفز) 1/407.

[5]) لسان العرب لابن منظور، مادة ( حفز)  5/337.

[6]) منصور، عبد المجيد سيد أحمد، علم النفس التربوي، الرياض: مكتبة العبيكان، 1420هـ، ص 243.

[7]) ابن منظور، لسان العرب، مادة (صوب)، ج: 1، ص: 535.

[8] ) عمارة، محمد، قاموس المصطلحات الاقتصادية في الحضارة الإسلامية، (القاهرة: دار الشروق، 1413هـ)، ص: 336.

[9])  ابن منظور، لسان العرب، مادة (خطأ)، ج:1، ص: 65.

[10]) ابن رجب، عبد الرحمن بن شهاب الدين ابن رجب، جامع العلوم والحكم، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، إبراهيم باجس، (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1419 هـ) ص: 35

 [11] الجرجاني، علي بن محمد بن علي الزين الشريف، التعريفات، بيروت: دار الكتب العلمية، 1403 هـ، ط1، ص: 99.

[12]) المصدر السابق: 1، ص: 619

[13]) وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، الموسوعة الفقهية الكويتية، الكويت، 1425ه، ج:3، ص: 269.

[14]) المصدر السابق، ج: 30، ص: 269.

[15]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب عقوق الوالدين من الكبائر، رقم (5631) ج: 5، ص: 2229.

ورواه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، رقم (87)، ج:1، ص: 91.

[16]) النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم، ج:2، ص:88.

[17]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب طيب الكلام، رقم (5677)، ج: 5، ص: 2241.

ورواه مسلم، كتاب الزكاة، باب الحث على الصدقة ولو بشق تمرة أو كلمة طيبة وأنها حجاب من النار، رقم (1016)، ج: 2، ص: 704.

[18]) رواه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب تحريم ظلم المسلم وخذله، رقم (2564)، ج: 4، ص: 1986.

[19]) النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم، ج: 16، ص: 121.

[20]) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل التهليل والتسبيح والدعاء، رقم (2697)، ج:4، ص: 2073.

[21]) رواه مسلم، كتاب صفة القيامة والجنة والنار، رقم (2788)، ج: 4، ص: 2148.

[22]) رواه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب نهي من أكل ثومًا، أو بصلًا، أو كراثًا أو نحوها، رقم (567)، ج:1، ص:369.

[23]) القرطبي، أبو العباس أحمد بن عمر بن إبراهيم، المُفهم لما أشكل من تلخيص مسلم، تحقيق: محيي الدين ديب مستو، وآخرون، دمشق: دار ابن كثير، 1417هـ، ج:7، ص: 82.

[24]) رواه أبو داود في سننه، كتاب سجود القرآن، باب في الاستغفار، رقم (1522)، ج:2، ص: 86.

ورواه النسائي، في سننه، كتاب صفة الصلاة، باب نوع آخر من الدعاء، رقم (1303)، ج: 3، ص:53.

قال ابن حجر في بلوغ المرام: إسناده قوي (ابن حجر، أحمد بن علي العسقلاني، بلوغ المرام من أدلة الأحكام، تحقيق: أحمد بن سليمان، الرياض: مكتبة الرشد، 1426 ه ج: 1، ص: 85)، وقال النووي في رياض الصالحين: صحيح.  (النووي، حيي بن شرف، رياض الصالحين، تحقيق: عصام موسى هادي، ط 4، بيروت: مؤسسة الريان، 1428ه، رقم (384)، ص:116).

[25]) رواه مسلم في صحيحه، كتاب صلاة المسافرين وقصرها، باب فضل سورة الكهف وآية الكرسي، رقم (810)، ج:1، ص: 556.

[26]) اليحصبي، القاضي أبو الفضل بن موسى بن عياض، إكمال المعلم شرح صحيح مسلم، تحقيق: يحيى إسماعيل، (الإسكندرية: دار الوفاء، 1419 هـ)، ط 1، ج: 3، ص: 100.

وانظر: أبو العباس القرطبي، المفهم لما أشكل من تلخيص مسلم، ج: 3، ص: 304.

[27]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة، رقم (893)، ج:1، ص:316.

رواه مسلم في صحيحه، كتاب الجمعة، باب الساعة التي في يوم الجمعة، رقم (852)، ج:2، ص: 583.

[28]) ابن حجر، فتح الباري، ج: 2، ص: 416.

[29]) منصور، عبد المجيد، علم النفس التربوي، ص: 303. أبو غدة، عبد الفتاح، الرسول المعلم، ص:118.

[30]) منصور، عبد المجيد، علم النفس التربوي، ص: 303.

[31]) الأعراض: هو ما ينتفع به في الدنيا في الخير وفي الشر. ابن حجر، فتح الباري، ج: 11، ص: 238.

[32]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الرقاق، باب في الأمل وطوله، رقم (6054)، ج: 5، ص: 2359.

[33]) ابن حجر، فتح الباري، ج: 11، ص: 238.

[34]) رواه أحمد في مسنده، رقم (11148)، ج: 3، ص: 17.

قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح، غير علي بن علي الرفاعي، وهو ثقة. (الهيثمي، مجمع الزوائد ومنبع الفوائد، ج: 11، ص:152). وقال الحافظ ابن حجر: إسناده جيد (أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، هداية الرواة إلى تخريج أحاديث المصابيح والمشكاة، تحقيق:علي بن حسن بن عبد الحميد الحلبي، الدمام:دار ابن القيم، 1422 هـ)، ط 1، ج: 5، ص: 45.

[35]) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب بيان أن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد النبي r  بالمدينة، رقم (1398) ج:2، ص: 1015.

[36]) النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم، ج: 9، ص: 169.

[37]) جدي أسَك: صغير الأذنين. (النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم، ج: 18، ص:93).

[38]) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الزهد والرقائق، رقم (7607)، ج: 4، ص: 2272.

[39]) صحيح. رواه أبو داود في سننه، كتاب اللباس، باب في الحرير للنساء، رقم (4057)، ج:4، ص: 50. والنسائي في كتاب الزينة، باب تحريم الذهب على الرجال، رقم (5144)، ج: 8، ص: 160. وابن ماجة في كتاب اللباس، باب لبس الحرير والذهب للنساء، رقم (3595)، ج: 2، ص: 1189. وأحمد في المسند رقم (750) ج: 1، ص: 96. وصححه ابن حبان، رقم ( 5434)، ج: 12، ص: 249.

[40]) رواه البخاري في صحيحه كتاب الجنائز، باب من كان آخر كلامه لا إله إلا الله، رقم (1181)، ج:1، ص: 417.

ورواه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان باب من مات لا يشرك بالله شيئًا، رقم (92)، ج:1، ص:94.

[41]) صحيح، رواه النسائي في كتاب تحريم الدم، رقم (3984) 7/81، والحاكم في مستدركه رقم (8031) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، ج:4، ص: 391.

[42]) انظر: ابن عبد البر، التمهيد، ج22، ص: 298.

[43]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الجنائز، باب من كان آخر كلامه لا إله إلا الله، رقم (1180)، ج: 1، ص: 417

ومسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب من مات لا يشرك بالله شيئًا، رقم (94)، ج: 1، ص، 94.

[44]) بحث العلماء في مثل هذه الأحاديث هل هي مطلقة، أم مقيدة، فقال البعض: بأن هذه الأحاديث كانت قبل نزول الفرائض، وقال البعض: بأنها باقية لكن مع شروط تضاف إليها، وقال البعض: هي باقية على مطلقها، لكن أهل المعاصي من الموحدين قد يعذبون في النار، ثم يدخلون الجنة في النهاية، انظر هذه الأقوال في: شرح السنة، ج: 1، ص: 103، وشرح النووي على مسلم، ج: 1، ص: 219 (، وفتح الباري، ج: 18، ص: 262.

[45]) رواه البخاري في كتاب التفسير، باب في قوله تعالى:” فلا تجعلوا لله أندادًا وأنتم تعلمون”، رقم (4207) ج:4، ص: 1626.

ورواه مسلم في كتاب الإيمان، باب كون الشرك أقبح الذنوب وبيان أعظمها بعده، رقم (86)، ج: 1، ص:90.

[46]) رواه البخاري في صحيحه كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل الصلاة لوقتها، رقم (504)، ج: 1، ص: 197.

ورواه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، رقم (85)، ج: 1، ص: 90.

[47]) رواه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان إطلاق اسم الكفر على تارك الصلاة، رقم (82)، ج:1، ص:88.

[48]) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الصيام، باب في فضل الصيام، رقم (1151)، ج: 2، ص: 80 .

ورواه البخاري بلفظ مقارب عن إبراهيم بن موسى، أخبرنا هشام بن يوسف، عن ابن جريج قال: أخبرني عطاء، عن أبي صالح الزيات، أنه سمع أبا هريرة، كتاب الصوم، باب هل يقول إني صائم إذا شئتم، رقم (1805).

[49]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب: الصوم، باب: الريان للصائمين، رقم (1797)، ج:2، ص: 671.

ورواه مسلم في صحيحه، كتاب: الصوم، باب في فضل الصيام رقم (1152)، ج:2، ص:808.

[50]) إسناده صحيح، رواه أحمد في المسند رقم (12417)، ج:3، ص: 136، والحاكم في المستدرك رقم ( 3374) وقال: صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، ج:2، ص:392، ورواه الطبراني في الأوسط رقم (8802)، ج:8، ص:338.، قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رجاله رجال الصحيح، ج: 3، ص: 90.

[51]) الشُّجاع بالضم والكسر: الحيّة الذكر، وقيل الحيّة مطلقًا، والأقرع: الذي لا شعر له. (النهاية في غريب الأثر لابن الأثير، ج:2، ص:4 وج:447، ص:44 ).

[52]) اللَّهازِم أصول الحَنكين واحدتها لِهزِمة بالكسر، وقيل هما عظمان ناتئان تحت الأذنين، وقيل هما مضغتان عَليَّتان تحتهما. (النهاية في غريب الأثر لابن الأثير، ج:4، ص:281).

[53]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الزكاة، باب إثم مانع الزكاة، رقم (1338)، ج:2، ص: 508. 

[54]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الإيمان، باب من قال إن الإيمان هو العمل، رقم (26)، ج:1 ص: 18.

ورواه مسلم كتاب الإيمان، باب كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، رقم (83)، ج:1، ص: 88. 

[55]) رواه البخاري، كتاب الحج، باب فضل الحج المبرور، رقم (1449)، ج: 2، ص: 553.

ورواه مسلم في صحيحه، كتاب الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة، رقم (1350)، ج: 2، ص:983.

[56] ) فتح الباري لابن حجر، ج: 3، ص:383

[57]) صحيح، رواه النسائي في سننه، كتاب مناسك الحج، باب فضل المتابعة بين الحج والعمرة، رقم (2631)، ج:5، ص:115. ورواه الترمذي في سننه، كتاب الحج باب ما جاء في ثواب الحج والعمرة، رقم (810)، ثم قال: حديث حسن صحيح غريب، ج:3، ص:175، ورواه أحمد في مسنده رقم (3669)، ج:1، ص:387.

[58]) رواه البخاري في صحيحه كتاب المناقب، باب صفة النبي r، رقم (3366)، ج:3، ص:1305.

ورواه مسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب كثرة حيائه r، رقم (2321) بلفظ ” إن من خياركم أحاسنكم أخلاقاً”، ج:4، ص: 1810.

[59]) إسناده حسن، رواه أحمد في مسنده، رقم (6735)، ج:2، ص:185، وصححه ابن حبان رقم (485) ج:2، ص: 235.

قال الهيثمي: إسناده جيد. (مجمع الزوائد، ج: 7، ص: 329)  

[60]) صحيح، رواه أبو داود في سننه، كتاب الأدب، باب في حسن الخلق، رقم (4799)، ج:4، ص: 253.

ورواه الترمذي في سننه، كتاب البر والصلة، باب حسن الخلق، رقم (2002) وقال: حديث حسن صحيح، ج:4، ص: 362.

ورواه أحمد في مسنده، رقم (27536)، ج:6، ص:442، وصححه ابن حبان، رقم (481)، ج: 2، ص:230.

[61]) رواه مسلم كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن وفي كل حال وتحريم الخروج على الطاعة ومفارقة الجماعة، رقم (1851)، ج: 3، ص: 1478.

[62]) ابن حجر، فتح الباري، ج: 13، ص:7.

[63]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الفتن، باب قول النبي r سترون بعدي أمورًا تنكرونها، رقم (6646)، ج: 6، ص: 2588.

ورواه مسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن، رقم (1849)، ج:3، ص: 1477.

[64]) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الإمارة، باب حكم من فرق أمر المسلمين وهو مجتمع، رقم (1852)، ج: 3، ص: 1480

[65]) رواه البخاري، في صحيحه، كتاب الشركة، باب الشركة في الطعام والنهد والعروض، رقم (2354)، ج:2، ص: 880.

ورواه مسلم، في صحيحه، كتاب الفضائل، باب: في فضائل الأشعريين، رقم (2500)، ج: 4، ص: 1944.

[66]) رواه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب استحباب العفو والتواضع، رقم (2588)، ج:4، ص: 2001.

[67]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الزكاة، باب مثل البخيل والمتصدق، رقم (1375)، ج:2، ص:523.

ورواه مسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب مثل المنفق والبخيل، رقم، (1021)، ج:2، ص:708.

[68]) إسناده صحيح، رواه الترمذي في جامعه، كتاب البيوع، باب ما جاء في التجار، وتسمية النبي r إياهم، رقم (1210)، وقال: هذا حديث حسن صحيح، ج:3، ص:515، وابن ماجه في سننه كتاب الحث على المكاسب، باب: التوقي في التجارة رقم (2146)، ج:2، ص:726، وصححه ابن حبان رقم (4910)، ج:11، ص:276، والحاكم في المستدرك رقم (2144) وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي، ج:2، ص:8. 

[69]) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن وعلى الذكر، رقم (2699)، ج:4، ص:2074. 

[70]) حسن لغيره، رواه أبو داود في السنن، كتاب العلم، باب الحث على طلب العلم، رقم (3641)، ج:3، ص: 317. ورواه الترمذي، كتاب العلم، باب فضل الفقه على العبادة، رقم (2682) وقال: ولا نعرف هذا الحديث إلا من حديث عاصم بن رجاء بن حيوة وليس هو عندي بمتصل هكذا حدثنا محمود بن خداش بهذا الإسناد، وإنما يروى هذا الحديث عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن الوليد بن جميل عن كثير بن قيس عن أبي الدرداء عن النبي r وهذا أصح من حديث محمود ابن خداش ورأي محمد بن إسماعيل هذا أصح، ج:5، ص:48. ورواه ابن ماجه في المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم، رقم (223)، ج:1، ص:81، وصححه ابن حبان، رقم (88)، ج:1، ص:289.

[71]) حسن، رواه الترمذي، كتاب الزهد، باب منه، رقم (2322) وقال: حديث حسن غريب، ج:4، ص:561.

ورواه ابن ماجه، كتاب الزهد، باب مثل الدنيا رقم (4112)، ج:2، ص: 1377. 

[72]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب صفة الصلاة، باب وجوب القراءة للإمام والمأموم، رقم (724)، ج: 1، ص: 263. ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب وجوب قراءة الفاتحة في كل ركعة، رقم (397)، ج: 1، ص: 298.

[73] ) رواه البخاري في صحيحه، كتاب حديث الأنبياء، باب حديث الغار، رقم (3288)، ج: 3، ص: 1282. ومسلم في صحيحه، كتاب الحدود، باب قطع السارق الشريف وغيره والنهي عن الشفاعة في الحدود، رقم (1688)، ج: 3، ص: 1315.

[74] ) رواه البخاري في صحيحه، كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، رقم (4776)، ج: 5، ص: 1949.  ومسلم، في صحيحه، كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، رقم (1401)، ج: 2، ص:1020.

[75]) رواه البخاري، في صحيحه، كتاب التوحيد، باب قول الله تعالى السلام المؤمن، رقم (6946)، ج: 6، ص: 2688. ومسلم، في صحيحه، كتاب الصلاة، باب التشهد في الصلاة، رقم (402)، ج: 1، ص: 301.

[76]( أَوَّهٍ أَوَّهٍ: كلمة معناها التحزن.  (ابن منظور، لسان العرب، ج: 13، ص:472)

[77]( رواه البخاري في صحيحه، كتاب الوكالة، باب إذا باع الوكيل شيئًا فاسدًا فبيعه مردود، رقم (2188)، ج:2،ص:813. ومسلم في صحيحه، كتاب المساقاة، باب بيع الطعام مثلًا بمثل، رقم (1594)، ج:3، ص:1215.

والتمر البَرني هو: تمر أحمر مُشرَّب بصفرة كثيرة اللحاء عذب الحلاوة. (ابن الأثير، النهاية في غريب الأثر، ج13: ص50).

[78]) رواه أحمد، رقم (22265)، ج:5، ص:256. قال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح. (مجمع الزوائد، ج:1، ص: 155).

وقال الشيخ شعيب الأرناؤوط في تحقيقه للمسند: إسناده صحيح، رجاله ثقات رجال الصحيح.(المسند، رقم (22265)، ج:5، ص:256)

[79]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب المحاربين من أهل الكفر، باب ما جاء في التعريض، رقم (6455)، ج:6، ص:2511. ورواه مسلم في صحيحه، كتاب اللعان، رقم (1500)، ج:2، ص: 1137.

[80]) ابن منظور، لسان العرب، مادة (عَرَض)، ج: 7، ص:183.

[81]) الغزالي، ﺃﺒو حامد محمد بن محمد، إحياءﻋﻠﻭﻡ ﺍﻟﺩﻴﻥ،( القاهرة: ﺩﺍﺭ ﺍﻟﻤﻨﺎﺭﺓ)، ج: 8، ص: 1471.

[82]) صحيح البخاري، كتاب صفة الصلاة، باب رفع البصر إلى السماء في الصلاة، رقم (717)، ج:1، ص: 261

[83]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب التهجد، باب ما يكره من ترك قيام الليل لمن كان يقومه، رقم (1101) ج:1، ص: 387. ومسلم في صحيحه، كتاب الصيام، باب النهي عن صوم الدهر لمن تضرر به، رقم (1159)، ج: 2، ص:814

[84]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب من لم يواجه الناس بالعتاب، رقم (5750)، ج: 5، ص: 2263، ومسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب علمه r بالله تعالى وشدة خشيته، رقم (2356)، ج: 4، ص: 1829.

[85]) ابن حجر، فتح الباري، ج: 10، ص: 514.

[86]) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الطهارة،باب وجوب استيعاب جميع أجزاء محل الطهارة، رقم (243)، ج:، ص: 215

[87]) لبأ: اللِّبَأُ، علـى فِعَلٍ، بكسر الفاء وفتـح العين: أَوّلُ اللبن فـي النِّتاج.(ابن منظور، لسان العرب، مادة (لبأ)، ج: 1، ص: 150).

[88]) الضَّغابِـيسُ: القِثَّاء الصغار، وقـيل: شبـيه به يؤكل، وقـيل: الضُّغْبُوسُ أَغْصانٌ شِبْهُ العُرْجُون تنبت بالغَوْرِ فـي أُصول الثُّمامِ. (ابن منظور، لسان العرب، مادة (ضغبس)، ج: 6، ص:120)

[89]) رواه أبو داود في سننه، كتاب الأدب، باب كيف الاستئذان، رقم (5176)، ج: 5، ص: 344. والترمذي في سننه، كتاب الاستئذان عن رسول الله r، باب ما جاء في التسليم على أهل الذمة رقم (2710)، وقال:حديث حسن غريب وضغابيس هو حشيش يؤكل، ج: 5، ص: 64.والنسائي في السنن الكبرى، كتاب الوليمة، باب الضغابيس، رقم (6735)، ج:4، ص:169. وأحمد في المسند، رقم (1563) وقال الشيخ أحمد شاكر في تحقيقه للمسند: إسناده صحيح، ج:3، ص: 414.

وقال النووي: إسناده صحيح.(النووي، محيي الدين يحيى بن شرف،الأذكار، ص: 327). وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، ج: 6، ص:478).

[90]) ابن منظور، لسان العرب، مادة (دَعَبَ): 1، ص: 375.

[91]) ابن حجر، فتح الباري، ج: 1، ص: 526.

[92]) خليل بن عبد الله بن عبد الرحمن، التربية الوقائية في الإسلام، مكة المكرمة: جامعة أم القرى 1997، ص: 306 

[93]) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب كان رسول الله r  أحسن الناس خلقا رقم (2310)، ج: 4، ص: 1805.

[94]) ابن عابدين، محمد أمين بن عمر بن عبد العزيز، رد المحتار على الدر المختار شرح تنوير الأبصار، تحقيق: عادل أحمد عبد الموجود، علي محمد معوض، (بيروت: دار الكتب العلمية)، ج: 3، ص:179.

[95]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب العلم، باب الغضب في الموعظة والتعليم إذا رأى ما يكره رقم (90)، ج:1، ص:46. ومسلم في صحيحه، كتاب الصلاة، باب أمر الأئمة بتخفيف الصلاة في تمام، رقم (466) ج: 1، ص: 340

[96]) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب تحريم قتل الكافر بعد أن قال لا إله إلا الله، رقم (96)، ج: 96، ص: 96.

[97]) رواه الترمذي في سننه، كتاب أبواب الصلاة، باب ما جاء متى يؤمر الصبي بالصلاة، الحديث (407)، وقال: حسن صحيح، ج: 2، ص:259.

وأبو داود في سننه، كتاب الصلاة، باب متى يؤمر الغلام بالصلاة، الحديث (494)، ج: 1، ص:133. وصححه ابن خزيمة، الحديث (1002)، ج: 2، ص: 102. وصححه الحاكم في المستدرك، الحديث (721)، وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم، ووافقه الذهبي، ج: 1، ص: 317.وقال النووي:صحيح. (المجموع، ج: 3، ص: 10) وصححه من المعاصرين الشيخ الألباني، وأحمد شاكر.

[98]) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الفضائل، باب مباعدته r للآثام واختياره من المباح أسهله وانتقامه لله عند انتهاك حرماته، الحديث (2328)، ج: 4، ص: 1813

[99]) النووي، المنهاج، ج: 15، ص: 84.

[100]) ابن أبي الدنيا، أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد البغدادي، العيال، تحقيق: نجم عبد الرحمن خلف، الرياض: دار ابن القيم، 1410 ه، ج:1، ص:508.

[101]) الخطيب البغدادي، أحمد بن علي بن ثابت، الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع، تحقيق: محمود الطحان، بيروت: مكتبة المعارف 1403ه، رقم (1090).

[102]) المصدر السابق، رقم (1089).

[103]) الذهبي، شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان الدمشقي، سير أعلام النبلاء، تحقيق: شعيب الأرناؤوط، ط3، بيروت: مؤسسة الرسالة، 1405ه، ج: 5، ص:116.

[104]) حمدان، نذير، في التراث التربوي، دمشق: دار المأمون للتراث، 1409 ه، ص: 107.

[105]) ابن خلدون، ولي الدين عبد الرحمن بن محمد الحضرمي، تاريخ ابن خلدون، بيروت: دار الكتب العلمية، 1413ه، ص: 336

[106]) حمدان، في التراث التربوي، ص:106.

107) الهيتمي، أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن حجر المكي، تحرير المقال في آداب وأحكام وفوائد يحتاجها مؤدبو الأطفال، تحقيق: مجدي السيد إبراهيم، الرياض: مكتبة الساعي، ص: 66. البنا، أحمد عبد الرحمن الساعاتي، الفتح الرباني، ط2، بيروت: دار إحياء التراث العربي، ج:19، ص:45.

[108]) ابن قدامة، المغني، ج:6، ص:133.

[109]) انظر: باحارث، عدنان حسن، عقوبة التلاميذ البدنية في التشريع التربوي الإسلامي، ص: 103ـ 112 بتصرف.

[110]) رواه ابن ماجه في سننه، كتاب الطلاق، باب طلاق المكره والناسي، الحديث (2045)، ج: 1، ص: 659. وصححه ابن حبان، رقم (7219)، ج: 16، ص: 202، وصححه الحكم في مستدركه، رقم (2801)، ج: 2، ص: 216.

جاء هذا الحديث عن: عبد الله بن عباس، وأبي ذر، وأبي بكرة، وعقبة بن عامر، وابن عمر، وثوبان، وأبي الدرداء، وأم الدرداء – رضي الله عنهم –والحسن البصري، والشعبي، وعطاء، وعبيد بن عمير، وقتادة مرسلاً. 

والحديث صححه ابن حزم (المحلى، ج:9، ص:466)، وأورده الضياء المقدسي في الأحاديث المختارة رقم (190)، ج:11، ص:200.

وقال النووي في الأربعين:(رقم39)، حديث حسن وقال في المجموع: رواه البيهقي بأسانيد صحيحة. ج:6، ص:309

وقال السخاوي في المقاصد: ومجموع هذه الطرق يظهر أن للحديث أصلًا، لا سيما وأصل الباب حديث أبي هريرة في الصحيح من طريق زرارة بن أوفى عنه بلفظ: ” إن الله تجاوز لأمتي عما حدثت به أنفسها ما لم تعمل به، أو تكلم به”. ص:240 

وقال ابن كثير: في تحفة الطالب رقم (158): إسناده حسن.

وقال ابن حجر في فتح الباري: رجاله ثقات الا أنه أعل بعلة غير قادحة، ج:5، ص:161:

وصححه الشيخ أحمد شاكر؛ نقل ذلك عنه الألباني في إرواء الغليل، رقم (82)، ج:1، ص:123، والألباني في إرواء الغليل، ج:1، ص:123. 

وأحمد بن الصديق الغماري؛ حيث ألَّف رسالةً بعنوان: ” شهود العيان، بثبوت حديث ” رفع عن أمتي الخطأ والنسيان”، وقال واصفًا لكتابه، وذلك في الهداية في تخريج أحاديث البداية، ج:1، ص:168: في جزءٍ خصصته لبيان صحة هذا الحديث.

[111]) البهوتي، منصور بن يونس بن إدريس، كشاف القناع عن متن الإقناع، بيروت، عالم الكتب، ج: 6، ص: 16.

[112] ) سبق تخريجه.

[113] ) انظر: سويد، محمد نور، منهج التربية النبوية للطفل، الكويت: مكتبة المنار الإسلامية، 1407ه، ص:339.

يالجن، مقداد، جوانب التربية الإسلامية الأساسية، بيروت: مؤسسة دار الريحاني، 1406ه، ص: 430-431

لبابيدي، إبراهيم عبد الوهاب، العقوبة التأديبية للطفل بين النظريات التربوية والأحكام الشرعية، دمشق: دار طيبة، 1432 ه، ص: 297ـ298.

[114]) ابن قدامة، المغني، ج: 6، ص: 133.

[115]) العظيم أبادي، عون المعبود، ج: 2، ص: 114.

[116]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب اللباس، باب البرود والحبرة والشملة، الحديث (5472)، ج: 5، ص:2188.

ومسلم في صحيحه، كتاب الزكاة، باب إعطاء من سأل بفحش وغلظة، الحديث (1057)، ج: 2، ص: 730.

[117]) النووي، المهذب، ج:7، ص: 147.

[118]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الأدب، باب الحذر من الغضب، الحديث (5763)، ج:5،ص:2267.

ورواه مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب فضل من يملك نفسه عند الغضب وبأي شيء يذهب الغضب، الحديث (2609)، ج: 4، ص: 2014.

[119]) ابن حجر، فتح الباري، ج: 10، ص: 520.

[120]) ابن جماعة، بدر الدين أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الكناني، تذكرة السامع والمتكلم في آداب العالم والمتعلم، بيروت: دار الكتب العلمية. ص: 49ـ50

[121]) رواه البخاري في الأدب المفرد، الحديث (1229)، ص:421 وفيه النضر بن علقمة وهو مجهول. (ابن حجر: تقريب التهذيب، ص:562)

ورواه الطبراني في الكبير، الحديث (10669)، ج:10، ص:284، وفيه مندل بن علي وهو ضعيف. (ابن حجر: تقريب التهذيب، ص:545). والحديث صححه الألباني (صحيح الأدب المفرد، ص: 477)

[122]) قطب، منهج التربية الإسلامية، ج:2، ص:144.

[123]) وزارة الأوقاف، الموسوعة الفقهية الكويتية، ج:10، ص:25.

[124]) ابن قدامة، المغني، ج: 10، ص: 343.

[125]) رواه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب الوعيد الشديد لمن عذب الناس بغير حق، الحديث (2613)، ج: 4، ص: 2017.

[126] ) رواه مسلم في صحيحه، كتاب الإيمان، باب صحبة المماليك وكفارة من لطم عبده، الحديث (1659)، ج: 3، ص:1281.

[127]) النووي، المنهاج، ج: 11، ص: 130.

[128]) ابن قدامة، المغني، ج:6، ص:133.

[129]) المصدر السابق، ج:10، ص:344

[130]) الشربيني، مغني المحتاج، ج: 4، ص: 190.

[131]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب العتق، باب إذا ضرب العبد فليجتنب الوجه، الحديث (2420)، ج: 2، ص: 902.

ورواه مسلم في صحيحه، كتاب البر والصلة والآداب، باب النهي عن ضرب الوجه، الحديث (2612)، ج: 4، ص: 2017.

[132]) ابن حجر، فتح الباري، ج: 5، ص: 182 ـ 183.

[133]) النووي، المنهاج، ج: 16، ص: 165.

[134]) انظر: الشربيني، مغني المحتاج، ج: 4، ص: 190، الماوردي، الحاوي، ج:13، ص: 423، ابن قدامة، المغني، ج: 12، ص: 330.

[135])  التنم، إبراهيم بن صالح بن إبراهيم، التأديب بالضرب، الشبكة العنكبوتية، موقع ألوكة.

[136]) الفيومي، أحمد بن محمد بن علي المقرئ، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، بيروت: مكتبة لبنان، مادة «دَرَّ»، ج: 1، ص: 192.

[137] ) انظر:العبدري، محمد بن يوسف بن أبي القاسم بن يوسف الغرناطي، التاج والإكليل لمختصر خليل، بيروت: دار الكتب العلمية، ط1، 1994 م، ج: 6، ص: 318.

خرشي، محمد، مشرح مختصر خليل وبهامشه حاشية العدوي، المطبعة الأميرية الكبرى: القاهرة، 1317 ه، ج:8، ص: 109.

الصاوي، أحمد، بلغة السالك لأقرب المسالك، دار الكتب العلمية: بيروت، ط1 1995، ج:2، ص: 439.

[138]) الرملي، محمد بن أبي العباس أحمد بن حمزة بن شهاب الدين، نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج، ط 3، بيروت: دار الكتب العلمية، 1424ه، ج: 8، ص: 15.

[139]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الحدود، باب الضرب بالجريد والنعال، الحديث (6495)، ج: 6، ص: 2488

[140] ) ابن حجر، فتح الباري، ج:12، ص: 74.

[141]) رواه البخاري في صحيحه، كتاب الحدود، باب الضرب بالجريد والنعال، الحديث(6397)، ج:6، ص: 2488

[142]) انظر:الشربيني، مغني المحتاج، ج: 4، ص:189، الماوردي، الحاوي، ج: 13، ص: 423.

[143]) ابن أبي الدنيا، العيال، ج:1، ص:531.

[144]) رواه أبو داود، كتاب الأدب، باب من يأخذ الشيء على مزاح، الحديث (5004)، ج:4، ص: 301.

والإمام أحمد في مسنده، الحديث (23114)، ج: 5، 362.                                                                

والطبراني في المعجم الأوسط، الحديث (1673)، ج: 2، ص: 187.

والحديث إسناده صحيح ورجاله ثقات، قال السيوطي: صحيح (الجامع الصغير، رقم (9958))، وقد صححه الشيخ الألباني رحمه الله.

[145]) رواه البخاري، كتاب الحدود، باب الضرب بالجريد والنعال، الحديث (6495)، ج: 6، ص: 2488.

[146]) رواه مسلم، كتاب الحدود، باب من اعترف على نفسه بالزنا، الحديث (1695)، ج: 3، ص: 1323.

[147]) رواه مسلم كتاب الحدود، باب رجم اليهود أهل الذمة في الزنا، الحديث (1703)، ج:3، ص: 1328.

[148]) النووي، المنهاج، ج: 11، ص: 211.

للاطلاع على المصادر والمراجع وقراءة البحث كاملاً اضغط هنا