ملخص:

جاءت هذه الدراسة لبيان أهم الأحكام الفقهية المستنبطة من حديث “لا تبع ما ليس عندك”، وما هو بعيد عن معناه، مع ذكر تطبيقاته، وعلاقته ببعض العقود المعاصرة من حيث شموله لها من عدمه، ومن أبرز ما توصلت إليه الدراسة: أن الحديث الشريف دلَّ على عدم جواز بيع ما ليس عند البائع لوجود الغرر، وهو لا يشمل السَّلم المؤجل؛ لأن السَّلم له مدلوله الخاص فهو عقد على موصوف في الذمة، ويشمل بيع المعدوم المصاحب للغرر والذي لا وجود له وليس المعدوم الذي لا غرر فيه المرتبط بموصوف في الذمة ، ولا يشمل بيع الفضولي الذي يتصرف في حق الغير بلا إذن شرعي إذا أجازه المالك. وأما تعلُّق الحديث الشريف بالمعاملات المصرفية المعاصرة فهو لا يدخل في عقد المرابحة للآمر بالشراء لأن المصرف لا يقوم ببيع شيء لا يملكه، ولا يدخل أيضًا في عقد الاستصناع لأنه عقد على عمل موصوف بالذمة، ولا في التسوق الالكتروني لعدم وجود الغرر والجهالة، أما بالنسبة للبيع على المكشوف الذي تجريه بعض الأسواق المالية (البورصة) فإنه ينطبق تمامًا على الحديث وبالتالي فهو محرم شرعًا.

المقدمة:

لقد منَّ الله على البشرية بمحمد صلى الله عليه وسلم، فأرسله إلى النَّاس كافَّةً بشيراً ونذيراً؛ ليكون هدايةً لهم، وليُخرجًهم من الظُّلمات إلى النُّور، وأنزل الله عليه وحيين عظيمين أولهما: الوحي المَتْلُو وهو القرآن الكريم والآخر: الوحي غير المَتْلُو، وهو السُّنة المُطهَّرة، وقد أجمع العلماء من عصر الصحابة إلى يومنا هذا بأن السُّنّة هي الأصل الثاني من أصول التشريع، وأنها حُجّة في إثبات الأحكام تَبَعاً للقرآن، واستقلالاً في بعض الأحكام.

قال الإمام الشافعي: أجمع الناسُ على أنَّ من استبانت له سُنَّةُ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لم يكن له أن يَدَعَها لِقَولِ أحدٍ[1].

وقال أيضاً: ولا أعلمُ من الصحابةِ ولا التابعين أحداً أُخبِرَ عن رسولِ الله صلى الله عليه وسلم إلا قَبِلَ خَبَرَه وانْتَهى إليه، وأَثْبتَ ذلك سُنّةً[2].

لذا فإن أقوم الطرق للوصول إلى معرفة الأحكام الشرعية يكمُن في العودة إلى الكتاب والسنة، و إذا تعلق الأمر بحكم شرعي لم يرد صراحة في القرآن الكريم فأوردته السنة النبوية بشيء من الإيضاح والتفصيل فما لنا إلا اللجوء إلى كتب السنة وشروحها خاصة بما يتعلق بالقضايا المعاصرة والتي واكبها العلماء في كل عصر وقاموا بتكييفها الشرعي وفق كتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ومن هذا المبدأ وقع اختياري على حديث النبي صلى الله عليه وسلم ، “لا تبع ما ليس عنك”، فقد ثار حول معناه كثير من الجدل والنقاش، ووضع منه البعض أحكامًا بعيدة عن معناه وفحواه واستدلوا به على بعض العقود المعاصرة فكان مجالًا لبحثي لأقوم بدراسته دراسة حديثية لرواياته وألفاظه ودرجة صحته، مع دراسة لأهم الأحكام الفقهية المستنبطة منه، وما هو بعيد عن معناه ومناطه، مع ذكر تطبيقاته، وعلاقته ببعض العقود المعاصرة من حيث شموله لها من عدمه.

ولا أزعم أن لي السبق في اختيار هذا الحديث للدراسة وبيان تطبيقاته المعاصرة فقد سبقني لذلك العلامة الشيخ علي القره داغي في بحثه المسمى حديث: “لا تبع ما ليس عندك” سنده وفقهه دراسة تحليلية، وهناك جوانب مشتركة بين بحثي هذا وبحث الشيخ حفظه الله إلا أنني ركزت في بحثي على ما يتعلق بالتطبيقات المعاصرة بشكل أوسع.

مشكلة البحث:

يحتج بعض العلماء بحديث ” لاتبع ما ليس عنك” على تحريم بعض العقود التي تجري في المصارف الإسلامية كالمرابحة والسَّلم والاستصناع فجاء هذا البحث ليبن هل يتناول الحديث هذه العقود؟ أم أنه لا علاقة للحديث بها؟ فجاء هذا البحث ليجيب على هذه التساؤلات بشكل مفصل.

منهج البحث:

اتخذت لبحثي هذا المنهج الاستقرائي التحليلي فقمت باستقراء طرق الحديث وتحليلها، إضافة للمنهج الاستنباطي والذي استخدمته في استنباط أهم الأحكام المتعلقة بالحديث ومدى تطبيقه على العقود المعاصرة.

خطة البحث:

قسمت هذا البحث بعد المقدمة إلى ثلاثة مباحث وهي:

المبحث الأول: ألفاظ حديث ” لا تبع ما ليس عندك” وطرقه.

المبحث الثاني: المقصود من الحديث.

المبحث الثالث: المعاملات المصرفية المعاصرة وعلاقتها بالحديث الشريف.

ثم خاتمة شملت أهم النتائج التي توصلت لها.

المبحث الأول: ألفاظ حديث “لا تبع ما ليس عندك” وطرقه:

روي هذا الحديث الشريف بعدة ألفاظ وطرق:

1ـ طريق حكيم بن حزام رضي الله عنه:

أـ عن بيان بن بشر الأحمسي الكوفي عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام:

بلفظ: “يَا رَسُولَ اللهِ، يَأْتِينِي الرَّجُلُ، فَيُرِيدُ مِنِّي الْبَيْعَ لَيْسَ عِنْدِي أَفَأَبْتَاعُهُ لَهُ مِنَ السُّوقِ؟ فَقَالَ: لَا تَبِعْ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ”.

رواه أبو داود في سننه، كتاب البيوع والإيجارات، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، 3/768، برقم: (3503).

 والترمذي في جامعه، كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، 3/534، برقم: (1232) وقال: حديث حسن.

والنسائي في سننه، كتاب البيوع، باب بيع ما ليس عند البائع، 7/309، برقم: (4622).

وابن ماجه في سننه: كتاب التجارات، باب النهي عن بيع ما ليس عندك من ربح ما لم يضمن، 2/737، برقم: (2187).

وأحمــد في مسنده، 3/509، برقم: (15290).

والبيهقي في السنن الكبرى، 5/267، برقم: (10202).

والطيالسي في مسنده، ص193، برقم: (1359).

والطبراني في المعجم الكبير، 3/ 194، برقم: (3097)

وعبد الرزاق في مصنفه، 8/38، برقم: (14212).

والحديث رجاله ثقات إلا أن هذا الإسناد حكم عليه بعض المحدثين بالانقطاع لأن يوسف بن ماهك لم يسمع من حكيم بن حزام فيما نقل العلائيُّ في “جامع التحصيل” عن الإمام أحمد، وقال: بينهما عبد الله بن عصمة الجُشَمي الحجازي[3]، والإسناد الذي فيه عبد الله بن عصمة قد أورده الحافظ ابن حجر في “أطراف المسند”[4]، وهو إسناد حسن بسبب عبد الله بن عصمة الجشمي قال عنه الحافظ: “حجازي روى عن حكيم بن حزام ذكره ابن حبان في الثقات، روى له النسائي حديثًا واحدًا في البيع قلت: قال ابن حزم في البيوع من المحلي متروك، وتلقى ذلك عبد الحق فقال ضعيف جدًا، وقال ابن القطان: بل هو مجهول الحال وقال شيخنا (العراقي): لا أعلم أحدًا من أئمة الجرح والتعديل تكلم فيه بل ذكره ابن حبان في الثقات[5].

والحديث أخرجه عبد الرزاق في مصنفه عن يوسف بن ماهك، عن رجل، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحكيم بن حزام 8/38.

ب ـ عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِصْمَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ إِنِّي أَشْتَرِي بُيُوعًا فَمَا يَحِلُّ لِي وَمَا يَحْرُمُ عَلَيَّ؟ فَقَالَ لِي: إِذَا بِعْتَ شَيْئًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ.

رواه النسائي في “الكبرى” (6 / 55) برقم: (6163)

والبيهقي في “سننه الكبير” (5 / 312) برقم: (10796)

والدارقطني في “سننه” (3 / 390) برقم: (2820)

وأحمد في “مسنده” (6 / 3230) برقم: (15549)

والطيالسي في “مسنده” (2 / 654) برقم: (1415)

وعبد الرزاق في “مصنفه” (8 / 39) برقم: (14214)

ج ـ عَنْ أَيُّوبَ السختياني عَنْ يُوسُفَ بْنِ مَاهَكَ عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ.

بلفظ: نَهَانِي رَسُولُ اللهِ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ – أَنْ أَبِيعَ مَا لَيْسَ عِنْدِي.

رواه النسائي في “الكبرى” (10 / 357) برقم: (11678)

رواه البيهقي في سننه الكبرى، برقم: (10966).

وأحمد في “مسنده”   (6 / 3229) برقم: (15546)

والطبراني في معجمه الكبير (3 / 195) برقم: (3104)

دـ عَنْ خَالِدِ بْنِ دِينَارٍ، حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ سِيرِينَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ:

بلفظ “لَا تَبِيعَنَّ مَا لَيْسَ عِنْدَكَ”.

رواه الطبراني في معجمه الكبير، برقم: (3143).

قال الحافظ: ولم يسمعه ابن سيرين منه إنما سمعه من أيوب عن يوسف بن ماهك عن حكيم (تلخيص الحبير 3/10)

ه ـ عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ:

بلفظ: “كُنْتُ أَشْتَرِي الطَّعَامَ وَأَبِيعُهُ، فَنَهَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَبِيعَ مَا لَيْسَ عِنْدِي”.

رواه الطبراني في معجمه الكبير، برقم: (3132).

والنسائي في “الكبرى” (6 / 55) برقم: (6150) بلفظ: ابْتَعْتُ طَعَامًا مِنْ طَعَامِ الصَّدَقَةِ فَرَبِحْتُ فِيهِ قَبْلَ أَنْ أَقْبِضَهُ فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لَهُ فَقَالَ لَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ.

ه ـ عن يُوسُفُ بْنُ مَاهَكَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عِصْمَةَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ، قَالَ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي رَجُلٌ أَشْتَرِي بُيُوعًا فَمَا يَحِلُّ مِنْهَا وَمَا يَحْرُمُ؟ فَقَالَ: يَا ابْنَ أَخِي، إِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا فَلَا تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ.

رواه ابن الجارود في “المنتقى” (1 / 226)، برقم: (655).

وابن حبان في “صحيحه” (11 / 358)، برقم: (4983).

حكم المحدثين على الحديث:

قال النووي: “حديث حكيم صحيح رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه وغيرهم بأسانيد صحيحة”[6].

وقال ابن الملقن: “صحيح، وذكره الشيخ تقي الدين (ابن دقيق العيد) في آخر «الاقتراح» في أحاديث احتج برواتيها الشيخان ولم يخرجاها”[7].

وقال الشيخ شعيب الأرنؤوط: صحيح لغيره[8].

الخلاصة: يتضح مما سبق أن طريق حكيم بن حزام رضي الله عنه روي منقطعًا ومتصلًا وأنَّ السقط كان في عبد الله بن عصمة وقد وثقه ابن حبان، وخطَّأ العلامة الزيلعي كلا من ابن القطان وعبد الحق الإشبيلي في تضعيفهما له، وقال الحافظ العراقي:”لا أعلم أحدًا من أئمة الجرح والتعديل تكلم فيه بل ذكره ابن حبان في الثقات”، ولذلك يكون هذا الطريق لا يقل عن درجة الحسن كما صرح بذلك البيهقي [9].  

2ـ طريق عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما:

عن أيوب السختياني قال: حدثني عمرو بن شعيب حدثني أبي عن أبيه حتى ذكر عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما، قال: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “لا يحلُّ سَلَفٌ وبَيْع، ولا شَرطَانِ في بيع، ولا رِبْحُ ما لم تَضمَن، ولا بيعُ ما ليسَ عِندَكَ “.

رواه أبو داود، كتاب البيوع والإجارات، باب في الرجل يبيع ما ليس عنده، 3/ 769، برقم: (3504) من طريق: زهير بن حرب ثنا إسماعيل عن أيوب حدثني عمرو بن شعيب حدثني أبي عن أبيه حتى ذكر عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.

والترمذي، كتاب البيوع، باب ما جاء في كراهية بيع ما ليس عندك، 3/535، الحديث (1234) من طريق: أحمد بن منيع حدثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثنا أيوب به وقال: حسن صحيح.

 والنسائي، كتاب البيوع، باب شرطان في بيع وهو أن يقول أبيعك هذه السلعة إلى شهر بكذا وإلى شهرين بكذا، 7/613، برقم: (4639).

وابن ماجه، كتاب التجارات، باب النهي عن بيع ما ليس عندك وعن ربح ما لم يضمن، 2/737، الحديث (2188).

وأحمــد في مسنده، 2/232، برقم: (6625).

والحاكم في المستدرك، 2/21، برقم: (2185) وقال: هذا حديث على شرط حمله من أئمة المسلمين صحيح، ووافقه الذهبي.

والبيهقي في السنن الكبرى، 5/267، برقم: (10199).

والدارمي في سننه،2/329، برقم:(2560).

والدارقطني في سننه، 4 / 46، برقم: (3073)

والطيالسي في مسنده، ص298، برقم: (2257).

وعبد الرزاق في مصنفه، 8/39، برقم: (14215).

وابن الجارود في المنتقى، 1 / 226، برقم: (654).

الحكم على الحديث:

الحديث إسناده حسن فيه عمرو بن شعيب: صدوق[10]، وشعيب بن محمد: صدوق[11] .

قال ابن حزم: “هذا صحيح، وبه نأخذ، ولا نعلم لعمرو بن شعيب حديثًا مسندًا إلا هذا وحده، وآخر في الهبات”[12].

وقال المنذري بعد أن ذكر تصحيح الترمذي للحديث:  “ويشبه أن يكون صححه لتصريحه فيه بذكر عبد الله بن عمرو، ويكون مذهبه في الامتناع من الاحتجاج بحديث عمرو بن شعيب إنما هو للشك في إسناده، لجواز أن يكون الضمير عائداً على محمد بن عبد الله بن عمرو فإذا صُرح بذكر عبد الله بن عمرو انتفى ذلك والله أعلم” [13].

ويشهد للحديث ما رواه صفوان بن يعلى عن أبيه قال: اسْتَعْمَلَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَتَّابَ بْنَ أَسِيد، عَلَى مَكَّة، فَقَال: إِنِّي قَدْ  أَمَّرْتُكَ عَلَى أَهْلِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِتَقْوَى اللَّهِ عَزَّ وَجَل، وَلا يَأْكُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ مِنْ رِبْحِ مَا لَمْ يُضْمَن، وَانْهَهُمْ عَنْ سَلَفٍ وَبَيْعٍ وَعَنِ الصَّفَقْتَيْنِ فِي الْبَيْعِ الْوَاحِد، وَأَنْ يَبِيعَ أَحَدُهُمْ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ [14].

كما يشهد للحديث ما رواه عطاء بن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال: يا رسول الله إنا نسمع منك أحاديث أفتأذن لنا أن نكتبها ؟ قال: نعم، فكان أول ما كتب كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة: ” لا يَجوزُ شَرطانِ في بيعٍ واحد، ولا بيعٌ وسلف جميعًا، ولا بيع مَا لَمْ يُضْمَنْ “[15].

المبحث الثاني: المقصود من الحديث:

دلَّ الحديث الشريف على عدم جواز بيع ما ليس عند البائع لوجود الغرر، وهذه طائفة من أقوال شراح الحديث:

قال البغوي: ” هذا في بيوع الأعيان دون بيوع الصفات، فلو قبل لسلم في شيء موصوف عام الوجود عند المحل المشروط، يجوز، وإن لم يكن في ملكه حالة العقد، وفي معنى بيع ما ليس عنده في النساء، وبيع العبد الآبق، والطير المنفلت، وبيع المبيع قبل القبض، وفي معناه بيع مال غيره بغير إذنه لا يصح لأنه غرر، لأنه لا يدري هل يجيزه مالكه أو لا يجيزه، وبه قال الشافعي، وقال جماعة: يكون العقد موقوفا على إجازة المالك، فإن أجازه نفذ، وهو قول مالك، وأصحاب الرأي، وأحمد، وإسحاق”[16].

وقال الإمام ابن القيم: “فاتفق لفظ الحديثين (حديث حكيم، وابن عمرو) على نهيه صلى الله عليه وسلم عن بيع ما ليس عنده، فهذا هو المحفوظ من لفظه صلى الله عليه وسلم وهو يتضمن نوعا من الغرر، فإنه إذا باعه شيئًا معينًا، وليس في ملكه، ثم مضى ليشتريه، أو يسلمه له، كان مترددًا بين الحصول وعدمه، فكان غررًا يشبه القمار، فنهي عنه”[17].

قال الخطابي: “قوله لا تبع ما ليس عندك يريد بيع العين دون بيع الصفة، ألا ترى أنه أجاز السلم إلى الآجال وهو بيع ما ليس عند البائع في الحال وإنما نهى عن بيع ما ليس عند البائع من قبل الغرر وذلك مثل أن يبيعه عبده الآبق أو جمله الشارد ويدخل في ذلك كل شيء ليس بمضمون عليه مثل أن يشتري سلعة فيبيعها قبل أن يقبضها ويدخل في ذلك بيع الرجل مال غيره موقوفاً على إجازة المالك لأنه يبيع ما ليس عنده ولا في ملكه وهو غرر لأنه لا يدري هل يجيزه صاحبه أم لا والله أعلم”[18].

وقال ابن بطال: “بيع ما ليس عندك بالمعنى ما يكون في ملكك غائبًا من الذهب والفضة، لا يجوز بيع غائب منها بناجز، وكذلك البر والتمر والشعير لا يباع شيء منها بجنسه ولا بطعام مخالف لجنسه إلا يدًا بيد، وكذلك ما كان في معناها من سائر أنواع الطعام، لا يباع منها طعام بطعام إلا يدًا بيد، لقوله عليه السلام: (إلا هاء وهاء)، يعنى خذ وأعط حياطة من الله – تعالى – لأصول الأموال وحرزًا لها إلا ما خصت السنة بالجواز من بيع ما ليس عندك ومن ربح ما لم يضمن وهو السلم، فجوزت فيه بيع ما ليس عندك مما يكون في الذمة من غير الأعيان، توسعة من الله – تعالى – لعباده ورفقًا بهم. قال ابن المنذر: وبيع ما ليس عندك يحتمل معنيين: يحتمل أن ول: أبيعك عبدًا لي أو دارًا مغيبة عني في وقت البيع، فلعل الدار أن تتلف أو لا يرضاها، وهذا يشبه بيع الغرر، ويحتمل أن يقول: أبيعك هذه الدار بكذا على أن أشتريها لك من صاحبها، أو على أن يسلمها لك صاحبها، وهذا مفسوخ على كل حال، لأنه غرر، إذ قد يجوز أن لا يقدر على تلك السلعة، أو لا يسلمها إليه مالكها، وهذا أصح القولين عندي”[19].

وقال السيوطي: “لا تبع ما ليس عندك كالآبق أو ما لم يقبض أو مال لغير ويستثنى منه السلم بالشرائط المعتبرة فيه وكذا بيع مال الغير جائز موقوفا عند الأئمة الثلاثة سوى الشافعي فإنه لا يجوزه كذا في اللمعات”[20].

وقال الإمام السندي: “لا تبع ما ليس عندك قيل: هو بيع الآبق ومال الغير بلا إذنه، أو المبيع قبل القبض، والجمهور على جواز بيع مال الغير بلا إذنه موقوفا، ومنعه الشافعي لهذا الحديث”[21].

وقال الشوكاني: “لا تبع ما ليس عندك أي: ما ليس حاضرًا عندك ولا غائبًا في ملكك وتحت حوزتك”[22].

وقال العظيم أبادي: “وفي معناه بيع مال غيره بغير إذنه لأنه لا يدري هل يجيز مالكه أم لا وبه قال الشافعي رحمه الله، قال جماعة يكون العقد موقوفا على إجازة المالك وهو قول مالك وأصحاب أبي حنيفة وأحمد رحمهم الله”[23].

وقال الحسين المغربي: “وقوله: (ولا بيع ما ليس عندك) قد فُسر أيضًا بالغصب؛ لأنه لما كان الغاصب مأمورا بتفريغ ساحته وتبرئة ذمته من الغصب فهو ليس عنده، وقد فسر أيضًا بالبيع قبل القبض. وكلاهما محتملان، وفي حديث حكيم بن حزام ما يدل على أن المقصود به النهي عن بيع الشيء قبل أن يملكه وإن كان في نيته تملكه لأجل تسليمه إلى المشتري، وهو الأولى، والله أعلم”[24].

ويظهر مما سبق أن المقصود من الحديث: النهي عن بيع شيء معين بذاته لا يملكه الإنسان، ويكون الحصول على غرر واحتمال، كما أوضح ذلك سؤال الراوي نفسه[25].

لذا فإن النهي في الحديث ينحصر عن بيع شيء معين لا يملكه البائع وليس لديه قدرة على تحصيله، فالمقصود بالعنديَّة في الحديث عنديَّة الملك والتمكين وليست عنديَّة المشاهدة فلو كانت السلعة موجودة بالفعل عند البائع ولكنها أمانة عنده، أو مستعيرًا لها، أو مستأجرًا إياها فلا يجوز له بيعها.

يقول الإمام ابن القيم: “العنديَّة هنا ليست عنديَّة الحس والمشاهدة فإنه يجوز أن يبيعه ما ليس تحت يده ومشاهدته وإنما هي عنديَّة الحكم والتمكين”[26].

ويقول الإمام ابن حزم: ” فكل ما يملكه المرء فهو عنده ولو أنه بالهند يقول: عندي ضيعة سرية، وعندي فرس فارَّة وسواء عندنا كان مغصوبًا أو لم يكن، وهو عند صاحبه، أي في ملكه وله”[27].

وقد بين الإمام ابن القيم أن المقصود من الحديث: “بيع معدوم لا يدرى يحصل أو لا يحصل، ولا ثقة لبائعه بحصوله، بل يكون المشتري منه على خطر، فهذا الذي منع الشارع بيعه لا لكونه معدوما، بل لكونه غررا، فمنه صورة النهي التي تضمنها حديث حكيم بن حزام وابن عمرو رضي الله عنهما، فإن البائع إذا باع ما ليس في ملكه، ولا له قدرة على تسليمه؛ ليذهب ويحصله، ويسلمه إلى المشتري، كان ذلك شبيها بالقمار والمخاطرة من غير حاجة بهما إلى هذا العقد، ولا تتوقف مصلحتهما عليه، وقد ظن طائفة أن بيع السلم مخصوص من النهي عن بيع ما ليس عنده، وليس هو كما ظنوه، فإن السلم يرد على أمر مضمون في الذمة، ثابت فيها، مقدور على تسليمه عند محله، ولا غرر في ذلك ولا خطر، بل هو جعل المال في ذمة المسلم إليه، يجب عليه أداؤه عند محله”[28].

ومما سبق يتبين أن الحديث الشريف لا يتناول السَّلم؛ لأنه بيع لموصوف في الذمة إلا إذا كان في لا يمكن البائع تسليمه أو لا يدرى هل يمكن الحصول عليه أم لا، وكذلك لا يشمل الحديث بيع الغائب الذي يملكه البائع ما دام أنه قادر على تسليمه، ولا يشمل بيع المغصوب بالنسبة لمن هو قادر على تسليمه، ونحو ذلك مما لا غرر في الحصول عليه[29].

وأما ما جاء في لفظ “كُنْتُ أَشْتَرِي الطَّعَامَ وَأَبِيعُهُ، فَنَهَانِي النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ أَبِيعَ مَا لَيْسَ عِنْدِي”. فهو خاص بعدم جواز بيع الطعام حتى يشتريه الإنسان ويحوزه، وفيه مزيد من التأكيد على الطعام بشكل خاص ولا يدل بمفهومه المخالف على أن غير الطعام يجوز بيعه قبل تملكه وحيازته لأنه يتعارض مع عموم الألفاظ الأخرى.

وقد بين النووي اختلاف العلماء في ذلك فقال: “واختلف العلماء في ذلك فقال الشافعي: لا يصح بيع المبيع قبل قبضه سواء كان طعامًا أو عقارًا أو منقولًا ونقدًا أو غيره، وقال أبو حنيفة: لا يجوز في كل شيء إلا العقار وقال مالك لا يجوز في الطعام ويجوز فيما سواه، ووافقه كثيرون، وقال آخرون: لا يجوز في المكيل والموزون ويجوز فيما سواهما”[30].

قال الصنعاني: “ذكر حكم الخاص لا يخص به العام، وحديث حكيم عام فالعمل عليه وإليه ذهب الجمهور وأنه لا يجوز البيع للمشتري قبل القبض مطلقا وهو الذي دل له حديث حكيم واستنبطه ابن عباس”[31].

وقال الشوكاني: “ويكفي في رد هذا المذهب (المخصص للطعام) حديث حكيم فإنه يشمل بعمومه غير الطعام”[32].

وذكر العظيم أبادي ردًا على من خصص النهي بالطعام فقال: “قيل عن هذا جوابان أحدهما: أن ثبوت المنع في الطعام بالنص وفي غيره إما بقياس النظير كما صح عن بن عباس أنه قال: ولا أحسب كل شيء إلا بمنزلة الطعام أو بقياس الأولى لأنه إذا نهى عن بيع الطعام قبل قبضه مع كثرة الحاجة إليه وعمومها فغير الطعام بطريق الأولى، وهذا مسلك الشافعي ومن تبعه.

الجواب الثاني: أن اختصاص الطعام بالمنع إنما هو مستفاد من مفهوم اللقب وهو لو تجرد لم يكن حجة فكيف وقد عارضه عموم الأحاديث المصرحة بالمنع مطلقًا”[33].

الخلاصة:

ومما سبق بيانه في شرح الحديث الشريف يمكننا القول بأن الحديث لا يشمل ما يأتي:

1ـ  السّلم المؤجل: لأن السلم له مدلوله الخاص فهو عقد على موصوف في الذمة، وكذلك فهو ليس بعقد وارد على المعدوم بل على موصوف ثابت مقدور على التسليم ولا غرر فيه[34].

2ـ المعدوم الذي لا غرر فيه: فالحديث الشريف بمفهومه يدل على النهي عن بيع المعدوم الذي يصاحبه الغرر فقط وهو الذي لا يمكن حصوله أبدًا.

يقول ابن القيم : “المعدوم الذي لا يدرى يحصل أو لا يحصل، ولا ثقة لبائعه بحصوله، بل يكون المشتري منه على خطر، فهذا الذي منع الشارع بيعه لا لكونه معدومًا، بل لكونه غررًا، فمنه صورة النهي التي تضمنها حديث حكيم بن حزام”[35].

أما المعدوم الذي لا وجود له في الواقع، ولا في الذمة فهذا لا يجوز بيعه كبيع حبل الحبلة، وما في بطن الدابة، وبيع الثمار قبل بدو صلاحها فهذا لا يجوز بيعه بالإجماع.

قال ابن المنذر: “وأجمعوا على فساد بيع حبل الحَبَلَة، وما في بطن الناقة، وبيع المجر: وهو بيع ما في بطون الإناث، وعلى فساد بيع المضامين والملاقيح، وهو: ما في الأصلاب، وما في البطون”[36].

أما المعدوم المرتبط بموصوف في الذمة كالسَّلم والاستصناع فهو ليس معدومًا في جميع الوجوه بل هو موجود في الذمة بالوصف والتقدير[37].

3ـ بيع الفضولي إذا أجازه المالك: والفضولي هو: “من يتصرف في حق الغير بلا إذن شرعي”[38].

وبيع الفضولي فيه خلاف بين العلماء فذهب الشافعي إلى بطلانه[39]

والقول الثاني: أن تصرف الفضولي موقوف على الإجازة، فإن أجازه المالك صح وإلا فلا. 

وبه قال أبو حنيفة [40]ومالك [41]والشافعي في قول عنه[42]، وأحمد في رواية [43]وهو الذي رجحه شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم، وهو قول جماعة من كبار فقهاء الصحابة منهم بعض الخلفاء[44].

يقول الشيخ علي القره داغي: ” والتحقيق أن مورد الحديث مختلف عن عقد الفضولي، وذلك لأن الحديث وارد في جواب سائل تلاحظ فيه الظروف والملابسات التي أحاطت به، فهو في شخص يأتي إليه آخر طالبًا منه شيئًا، فيعقد البيع معه عليه مباشرة، ثم يذهب للسوق فيشتري فيسلمه، أما بيع الفضولي فهو شخص يريد أن يقدم خدمة لصاحبه فيبيع له أو يشتري ظنًا منه أن له رغبة في ذلك”[45].

المبحث الثالث: المعاملات المصرفية المعاصرة وعلاقتها بالحديث الشريف:

تقوم المصارف الإسلامية في العصر الحالي بمعاملات لها أصل شرعي وإن اختلفت الطريقة مما دعى بعض العلماء إلى تحريمها بناءً على حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه وسنقوم بعرض أبرز تلك المعاملات للكشف عن طبيعتها وطريقتها التي تقوم بها المصارف الإسلامية ومن ثمًّ التحقق من دخولها ضمن حديث حكيم رضي الله عنه من عدمه.

1ـ عقد المرابحة للآمر بالشراء:

لقد انفردت البنوك الاسلامية عن غيرها من البنوك باستخدام طرق وأساليب تمويلية عديدة ومتميزة تهدف كلها لتحقيق الربح الحلال، وتعد المرابحة واحدة من أهم الصيغ التمويل الأكثر تطبيقا في الصناعة المصرفية الاسلامية، والتي بدأ استخدامها مع بداية نشأة البنوك الإسلامية حيث يقوم البنك من خلال هذه الصيغة بتمويل النشاطات الاستثمارية في مجال الصناعة والتجارة وكذا تمويل الاحتياجات الشخصية لمختلف العملاء[46].

تعريف المرابحة: عرفها ابن قدامة بأنها ” البيع برأس المال وربح معلوم”[47].

وعرفها الشيخ أبو اسحق الشيرازي الشافعي بقوله: “أن يبين رأس المال وقدر الربح بأن يقول ثمنها مئة وقد بعتكها برأس مالها وربح درهم في كل عشرة”[48].

وخلاصة القول في تعريف بيع المرابحة أنه: بيع بمثل الثمن الأول وزيادة ربح معلوم متفق عليه بين المتعاقدين.

وفي المعاملات المصرفية التي تجري في المصارف الإسلامية في العصر الحاضر يكون بيع المرابحة كما يأتي:

يأتي شخص يحتاج إلى تمويل “مبلغ من المال” إلى المصرف الإسلامي  ليشتري سلعة ما، كسيارة أو عقار ونحو ذلك وهو في الغالب ليس معه ثمن هذه السلعة، فيخبر المصرف برغبته في شراء هذه السلعة، ثم يقوم المصرف بدراسة عن هذه السلعة وعن هامش الربح الذي يكسبه من وراء شرائها ثم بيعها لطالبها، وإذا وافق المصرف على الشراء يعد ورقة متضمنة وعداً من الآمر بالشراء أنه متى اشترى المصرف السلعة فإنه ملزم بشرائها من المصرف وإلا تحمل الضرر الناتج عن ذلك، ثم يقوم المصرف بشراء السلعة نقداً ثم يقوم ببيعها إلى الآمر بالشراء بالأجل (بالتقسيط)، ويكون ربح المصرف هو الفرق بين السعرين النقدي الذي دفعه والآجل الذي يدفعه الآمر بالشراء.

وقد اختلف الفقهاء المعاصرون في حكم بيع المرابحة للآمر بالشراء إذا كان الوعد ملزمًا، فذهبت طائفة منهم إلى  أنه بيع محرم، وحجتهم في ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع ما ليس عند البائع، وعن ربح مالم يضمن؛ والإلزام بالوعد على شراء السلعة يدخل في النهي؛ لأن الإلزام بالوعد في حقيقته بيع، وإن سُمي وعدًا، والعبرة بالحقائق، فالبنك على ذلك يعد بائعًا لما ليس عنده، وداخلًا في ربح مالم يضمن[49].

وأجيب على هذا بأن البنك لم يبع ما ليس عنده، ولم يربح ما لم يضمن؛ لأنه لن يتم العقد حتى يمتلك السلعة، وتدخل في ضمانه، وما يجري بينه وبين المشتري في المرة الأولى إنما هو وعد، وليس عقدًا[50].

وأن النهي عن بيع ما ليس عند البائع، إذا كانت عينًا معينة يبيعها، وهي ليست ملكه، بل ملك غيره ثم يسعى في تحصيلها، أو بيع ما لا يقدر على تسليمه، فيكون قد ضمن له شيئًا لا يدري هل يحصل أو لا يحصل؟ وفي بيع المرابحة يكون البيع لموصوف في الذمة مما جرى العرف على إمكان تسليمه في وقته[51].

وبناءً على ما سبق يتبين أن المرابحة لا تدخل ضمن حديث حكيم رضي الله عنه لأن المصرف لا يقوم ببيع شيء لا يملكه، وإنما قام بأخذ وعد من الراغب بالشراء ثم قام بشرائه بالفعل، ثم باعه للراغب بربح معلوم، فهناك فرق كبير بين هذه المعاملة وبين النهي عن بيع ما لا يملكه الإنسان.

وفيما يأتي قرار مجمع الفقه الإسلامي بشأن بيع المرابحة للآمر بالشراء:

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره الخامس بالكويت من 1-6 جمادى الأولى 1409هـ الموافق 10-15 كانون الأول (ديسمبر) 1988م، بعد اطلاعه على البحوث المقدمة من الأعضاء والخبراء في موضوعي الوفاء بالوعد، والمرابحة للآمر بالشراء، واستماعه للمناقشات التي دارت حولهما، قرر ما يلي:

أولًا: أن بيع المرابحة للآمر بالشراء إذا وقع على سلعة بعد دخولها في ملك المأمور، وحصول القبض المطلوب شرعًا، هو بيع جائز، طالما كانت تقع على المأمور مسؤولية التلف قبل التسليم، وتبعة الرد بالعيب الخفي ونحوه من موجبات الرد بعد التسليم، وتوافرت شروط البيع وانتفت موانعه.

ثانيًا: الوعد -وهو الذي يصدر من الآمر أو المأمور على وجه الانفراد- يكون ملزمًا للواعد ديانة إلا لعذر، وهو ملزم قضاء إذا كان معلقًا على سبب ودخل الموعود في كلفة نتيجة الوعد. ويتحدد أثر الإلزام في هذه الحالة إما بتنفيذ الوعد، وإما بالتعويض عن الضرر الواقع فعلًا بسبب عدم الوفاء بالوعد بلا عذر.

ثالثًا: المواعدة -وهي التي تصدر من الطرفين- تجوز في بيع المرابحة بشرط الخيار للمتواعدين، كليهما أو أحدهما، فإذا لم يكن هناك خيار فإنها لا تجوز، لأن المواعدة الملزمة في بيع المرابحة تشبه البيع نفسه، حيث يشترط عندئذ أن يكون البائع مالكًا للمبيع حتى لا تكون هناك مخالفة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الإنسان ما ليس عنده[52].

2ـ الاستصناع:

عُرِّف الاستصناع بأنه: “عقدٌ على مَبِيع في الذمة شرط فيه العمل”[53].

وعُرِّف بأنه: “طلب العمل من العامل في شيء خاص، على وجه مخصوص”[54].

وعرَّفه الشيخ مصطفى الزرقا بأنه: “عقد يُشترى به في الحال شيء مما يُصنع صنعًا يلتزم البائع بتقديمه مصنوعًا بمواد من عنده بأوصاف معينه، وبشيء محدد”[55].

يتضح من التعريف ما يلي:

1 – أن عقد الاستصناع عقد بيع وليس عقد إجارة أو وعدًا.

2 – أنّ الأصل في المبيع فيه أنه معدوم عند العقد والمقصود هو صنعه، فلا يجري الاستصناع في الأمور التي لا تدخلها الصنعة كالثمار والحبوب، فهذه تباع سلمًا.

3 – أنَّه لا بد في الاستصناع من تحديد الأوصاف للمستصنع بما ينفي عنه الجهالة.

وقد أصبح التمويل عن طريق عقد الاستصناع في المصارف الإسلامية في العصر الحاضر له دور رئيس في الصناعة المصرفية الإسلامية، إذ قامت المصارف بتمويل إنشاء المباني السكنية والاستثمارية بنظام الاستصناع، وساهمت بذلك في حل مشكلات معاصرة كثيرة، فقد ساهمت في توفير السلع التي يطلبها العميل وفقًا لاحتياجاته ومتطلباته بما يؤدي لتلبية احتياجات العميل، غير أن أبرزها حجماً في المعاملات هو المجال العقاري مثل عقود تمويل إنشاء المدارس وإنشاء محطات الكهرباء وإنشاء الفنادق، والمساكن الشخصية وغيرها من العقارات.

أما عن طريقة تعامل المصارف الإسلامية بعقد الاستصناع فيكون عن طريق تقديم العميل بطلب إلى المصرف أن ينشأ له مبنى، ويرفق مع طلبه بيانا كاملًا مدعمًّا بالرسوم والخرائط من المهندس الاستشاري عن شكل ومواصفات المبنى، ثم يعرض المتعامل أيضًا مع طلبه الدفعة المقدمة التي يمكن سدادها للمصرف الإسلامي، والضمانات التي يعرضها، وطريقة السداد، ومن ثمَّ  يقوم المصرف بعمل دراسة جدوى فنية متخصصة للمشروع بمعرفة خبراء التمويل في المصرف مع الاستعانة بمكتب استشاري هندسي يتبع المصرف،  وبعد الاتفاق النهائي يقوم المصرف بتوقيع عقد بيع استصناع مع العميل يحدد فيه جميع حقوق والتزامات كل طرف من أطراف العقد، وهما (المصرف والعميل)، وبعد توقيع عقد بيع الاستصناع بين المصرف والعميل، يقوم المصرف بتوقيع عقد تنفيذ مع المقاول الذي رسا عليه العطاء عن طريق المناقصة يسمى «عقد استصناع موازي» أو عقد المقاولة، وتكون علاقة المتعامل بالمصرف مباشرة ولا علاقة له بالمقاول.

وقد اختلف الفقهاء في حكم الاستصناع على قولين؛ قول بالجواز وآخر بالمنع فالجمهور على منع الاستصناع وعدم صحته، وذلك لكونه بيعًا لمعدوم ليس عنده على غير صفة السَّلم، ورخص فيه الحنفية استحسانًا، وللإجماع العملي عليه، وللحاجة العامة إليه[56]،  إلا أنه استقر رأي جواز الاستصناع وصحته عند فقهاء العصر ، وإليك قرار مجمع الفقه الإسلامي:

إن مجلس مجمع الفقه الإسلامي الدولي المنعقد في دورة مؤتمره السادس بجدة في المملكة العربية السعودية من 7-12 ذي القعدة 1412هـ الموافق 9-14 أيار (مايو) 1992م، بعد اطلاعه على البحوث الواردة إلى المجمع بخصوص موضوع عقد الاستصناع، وبعد استماعه للمناقشات التي دارت حوله، ومراعاة لمقاصد الشريعة في مصالح العباد والقواعد الفقهية في العقود والتصرفات، ونظرًا لأن عقد الاستصناع له دور كبير في تنشيط الصناعة، وفي فتح مجالات واسعة للتمويل والنهوض بالاقتصاد الإسلامي، قرر ما يلي:

أولًاإن عقد الاستصناع -وهو عقد وارد على العمل والعين في الذمة- ملزم للطرفين إذا توافرت فيه الأركان والشروط.

ثانيًايشترط في عقد الاستصناع ما يلي:

أ- بيان جنس المستصنع ونوعه وقدره وأوصافه المطلوبة.

ب- أن يحدد فيه الأجل.

ثالثًايجوز في عقد الاستصناع تأجيل الثمن كله، أو تقسيطه إلى أقساط معلومة لآجال محددة.

رابعًا: يجوز أن يتضمن عقد الاستصناع شرطًا جزائيًّا بمقتضى ما اتفق عليه العاقدان ما لم تكن هناك ظروف قاهرة[57].

وبناء على ما سبق يتضح أن عقد الاستصناع عقد على عمل موصوف بالذمة وبذلك هو يشبه عقد السَّلم، ويختلف عنه في أن السَّلم وارد على العين فقط دون العمل، وبالتالي فإن حديث حكيم رضي الله عنه لا يشمله ولا يدخل فيه بيع ما لا يملكه الإنسان.

3ـ التسوق الالكتروني:

بدأ التسوق عن طريق الإنترنت خلال النصف الثاني من تسعينيات القرن الماضي، ويشمل جميع عمليات البيع والشراء، والتحويل، والمقايضة، وغيرها من المعاملات التجارية.

وقد شاع وانتشر هذا النوع من التسوق عبر الإنترنت في الآونة الأخيرة بشكل كبير، فالمعظم بدأ في اللجوء إليه كحل سريع وفعال في شراء ما يود ويتمنى، وكذلك تعددت المواقع الخاصة بهذه النوعية من التسويق.

ويعرف التسوق الالكتروني بأنه: ن مجموعةٌ من عمليّات البيع والشّراء التي تشملُ على العديدِ من أنواع السّلع كالمنازل، أو الثّياب، أو الأجهزة الإلكترونيّة، أو الإكسسوارات بأنواعها، وغيرها مِنَ المُنتجات الأُخرى[58].

طريقة التسوق الالكتروني:

تتم عملية الشراء عبر الإنترنت بمنتهى السهولة و اليسر، فكل ما عليك فعله هو الدخول على الموقع الذي ترغب في الشراء منه، حيث تعددت و تنوعت هذه المواقع بشكل ملحوظ في الآونة الأخيرة، و بعدها تقوم بتحديد واختيار كل ما تود و ترغب، ثم تليها مرحلة الدفع التي تتم بواسطة البطاقة الإئتمانية الخاص بك، و من ثم يتم تحديد الوقت الذي ستستغرقه هذا المنتجات في الوصول، و أخيراً و في نهاية المطاف تصل إليك أما عن طريق شركات الشحن أو المندوبين المكلفين بتوصيلها[59].

التكييف الشرعي للتسوّق الالكتروني:

التسوق الالكتروني غالبا ما تكون السلعة المبيعة فيه إما غائبة أو معدومة:

فهي غائبة عندما يعرضها صاحب المحل التجاري وكان مالكا لها موجودة عنده غائبة عن مجلس العقد، إلا أنها موصوفة وصفًا دقيقًا.

ومعدومة عندما يعرض التاجر سلعة معينة عن طريق تقديم نموذج لها، أو يقوم بوصفها وصفاً دقيقًا، ثم يعد المشتري بمثلها مع إيصالها له.

ومن المعلوم أن شروط المبيع عند الجمهور: أن يكون المبيع موجودًا حين العقد فلا يصح بيع المعدوم، وأن يكون مالًا والمال ما يميل إليه الطبع ويجري فيه البذل والمنع، وأن يكون مملوكًا لمن يلي العقد، وأن يكون مقدور التسليم، وأن يكون معلومًا لكل من العاقدين[60].

وقد اختلف الفقهاء في حكم بيع الغائب: فذهب الحنفية إلى جوازه سواء تم وصفه أم لا، أما المالكية ورواية عن أحمد فقد أجازوه بشروط وهي: ألا يكون قريبًا جدًا يمكن رؤيته بغير مشقة، وأن يكون بعيدًا جدًا لاحتمال تعذر تسليمه، وأن يصفه البائع بصفاته التي تتعلق الأغراض بها، والأظهر في مذهب الشافعية: أنه لا يصح بيع الغائب، وهو: ما لم يره المتعاقدان أو أحدهما، وإن كان حاضرًا[61].

وجاء في الموسوعة الفقهية الكويتية بيان كيفية وصف الغائب على النحو الآتي:

“إذا كان المبيع غائبًا عن المجلس ولم تتم معرفة المبيع برؤيته أو الإشارة إليه على ما سبق، فإنها تتم بالوصف الذي يميزه عن غيره، مع بيان مقداره، وإذا كان عقارا كان لا بد من بيان حدوده، لاختلاف قيمة العقار باختلاف جهته وموقعه. وإذا كان من المكيلات أو الموزونات أو المذروعات أو المعدودات فإنه تحصل معرفتها بالمقدار الذي تباع به”[62].

وبناء عليه فإن السلعة إذا كانت غائبة عن مجلس العقد وتم وصفها وصفًا دقيقًا فإن بيعها جائز عند الجمهور وبالتالي فإن حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه لا يدخل في هذا البيع ولا يشمله.

أما بيع المعدوم فقد اتفق الفقهاء على أنه لا يصح بيع المعدوم كبيع ما لم يخلق، وبيع المضامين، وبيع الملاقيح، وحبل الحبلة للنص؛ ولأجل الجهالة[63].

ولكن الحديث لا يتناول المعدوم لأنه معدوم، بل إنما يشمله إذا كان فيه غرر.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: “ليس في كتاب الله ولا سنة رسوله بل ولا عن أحد من الصحابة أن بيع المعدوم لا يجوز لا لفظ عام ولا معنى عام وإنما فيه النهي عن بيع بعض الأشياء التي هي معدومة كما فيه النهي عن بيع بعض الأشياء التي هي موجودة وليست العلة في المنع لا الوجود ولا العدم بل الذي ثبت في الصحيح {عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الغرر} والغرر ما لا يقدر على تسليمه سواء كان موجودًا أو معدومًا كالعبد الآبق والبعير الشارد ونحو ذلك مما قد لا يقدر على تسليمه بل قد يحصل وقد لا يحصل هو غرر لا يجوز بيعه وإن كان موجودًا … وهكذا المعدوم الذي هو غرر نهى عن بيعه لكونه غررًا لا لكونه معدوما “[64]

وقد سبق معنا قول ابن القيم رحمه الله في بيان المقصود بالنهي عن بيع المعدوم وهو : “المعدوم الذي لا يدرى يحصل أو لا يحصل، ولا ثقة لبائعه بحصوله، بل يكون المشتري منه على خطر، فهذا الذي منع الشارع بيعه لا لكونه معدومًا، بل لكونه غررًا، فمنه صورة النهي التي تضمنها حديث حكيم بن حزام”[65].

أما المعدوم الذي لا وجود له في الواقع، ولا في الذمة فهذا لا يجوز بيعه كبيع حبل الحبلة، وما في بطن الدابة، وبيع الثمار قبل بدو صلاحها فهذا لا يجوز بيعه بالإجماع.

وبالتالي فإن النهي الوارد في حديث حكيم رضي الله عنه يشمل المعدوم المصاحب للغرر والذي لا وجود له وليس المعدوم المرتبط بموصوف في الذمة كالسَّلم والاستصناع فهو ليس معدومًا في جميع الوجوه بل هو موجود في الذمة بالوصف والتقدير.

4ـ البيع على المكشوف:

والمراد به: “قيام شخص ببيع أسهم لا يملكها، عن طريق اقتراضها من آخرين، مقابل الالتزام بإعادة شرائها، وتسليمها للمقرض، في وقت محدد”[66].

صورته: أن يتوقع شخص ما أن سهم شركة من الشركات والذي يباع حاليًا بثمن معين سوف يهبط سعره في السوق بعد شهر مثلًا، فيعطي أوامره للسمسار الذي يتعامل معه بأن يبيع له على المكشوف 100 سهم مثلًا بالسعر الحالي وهذا يعني الاتفاق بين البائع والسمسار على أن يقوم السمسار بإقراض البائع هذه الأسهم، أو أن يقوم باقتراضها له من طرف آخر، والأسهم التي يقرضها السمسار إما أن تكون مملوكة له، وإما أن تكون مملوكة لعملاء آخرين يحتفظ بها السمسار رهنًا لديه من عمليات أخرى.

حكم البيع على المكشوف:

ذهب عامة أهل العلم المعاصرين إلى أن البيع على المكشوف بصورتها الموجودة في البورصة لا يجوز شرعا[67].

وقد جاء في مجلة مجمع الفقه الإسلامي: ” أما بيع الأسهم على المكشوف أي إذا كان البائع لا يملكها في أثناء التعاقد، فلا يجوز، للنهي الثابت شرعا عن بيع ما لا يملك الإنسان”[68].

وجاء في قرار المجمع الفقهي الإِسلامي: “إن العقود الآجلة بأنواعها التي تجري على المكشوف: أي على الأسهم والسلع التي ليست في ملك البائع بالكيفية التي تجري في السوق المالية (البورصة) غير جائزة شرعاً؛ لأنها تشتمل على بيع الشخص ما لا يملك، اعتمادًا على أنه سيشتريه فيما بعد، ويسلمه في الموعد، وهذا منهي عنه شرعًا لما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: (لا تبع ما ليس عندك)[69].

فالبيع بهذه الطريقة يشمل بيع الشخص ما لا يملك اعتمادا على أنه سيشتريه فيما بعد ويسلمه في الموعد وهذا ينطبق تمامًا على حديث حكيم رضي الله عنه: “لا تبع ما ليس عندك”.

الخاتمة:

بعد هذا العرض لحديث حكيم بن حزام رضي الله عنه “لا تبع ما ليس عندك” ورواياته، وبيان حكمه، والمراد منه، والتعرف على مدى تطبيقه على العقود المعاصرة نصل إلى النتائج الآتية:

1ـ تعددت طرق حديث ” لاتبع ما ليس عندك” وتنوعت ألفاظه، وهو حديث صححه جمع من المحدثين، وبه تقوم الحجة ويستنبط منه الحكم الشرعي.

2ـ دل حديث حكيم رضي الله عنه على تحريم بيع السلعة غير المملوكة للبائع، والتي لم يتم وصفها وصفًا دقيقًا؛ لما في هذا العقد من غرر وجهالة بالمبيع.

3ـ هذا الحديث يشمل بيع المعدوم إذا كان فيه غرر فقط ولا يشمل كل معدوم.

4ـ لا يمكن تطبيق حديث حكيم على بيع السَّلم؛ لأن السلم عقد على موصوف في الذمة وهو يختلف عن المراد من الحديث.

5ـ مورد الحديث مختلف عن عقد الفضولي، وذلك لأن الفضولي شخص يريد أن يقدم خدمة لصاحبه فيبيع له أو يشتري ظنًا منه أن له رغبة في ذلك.

6ـ عقد المرابحة للآمر بالشراء لا يدخل ضمن حديث حكيم رضي الله عنه لأن المصرف لا يقوم ببيع شيء لا يملكه، وإنما قام بأخذ وعد من الراغب بالشراء ثم قام بشرائه بالفعل، ثم باعه للراغب بربح معلوم، فهناك فرق كبير بين هذه المعاملة وبين النهي عن بيع ما لا يملكه الإنسان.

7ـ عقد الاستصناع عقد على عمل موصوف بالذمة وبذلك هو يشبه عقد السَّلم، ويختلف عنه في أن السَّلم وارد على العين فقط دون العمل، وبالتالي فإن حديث حكيم رضي الله عنه لا يشمله ولا يدخل فيه بيع ما لا يملكه الإنسان.

8ـ في التسوق الالكتروني تكون السلعة غائبة عن مجلس العقد ومعدومة ولكن يتم وصفها وصفًا دقيقًا وبالتالي لا غرر فيها ولا جهالة فيكون بيعها جائز عند الجمهور ولا يشمل حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه هذا البيع. 9ـ البيع على المكشوف الذي تجريه بعض الأسواق المالية (البورصة) يشمل بيع الشخص ما لا يملك اعتمادا على أنه سيشتريه فيما بعد ويسلمه في الموعد وهذا ينطبق تمامًا على حديث حكيم رضي الله عنه، وبالتالي هو محرم شرعًا


[1] نقله عنه: محمد بن أبي بكر بن أيوب بن سعد، ابن قَيِّم الجوزية، إعلام الموقعين عن رب العالمين، (بيروت: دار الكتب العلمية، 1991م)، 2/201.

[2] نقله عنه: عبد الرحمن بن أبي بكر، جلال الدين السيوطي، مفتاح الجنة في الاحتجاج بالسنة، ط3، (المدينة المنورة: الجامعة الإسلامية، 1989م)، 34.

[3] صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي، العلائي، جامع التحصيل في أحكام المراسيل، (بيروت: عالم الكتب، 1986م)، 305.

[4] أحمد بن علي بن محمد بن أحمد، ابن حجر العسقلاني، إطراف المُسْنِد المعتَلِي بأطراف المسنَد الحنبلي، (دمشق: دار ابن كثير، د.ت)، 2/283.

[5] أحمد بن علي بن محمد بن أحمد، ابن حجر العسقلاني، تهذيب التهذيب، (الهند: مطبعة دائرة المعارف النظامية، 1326ه)، 5/322.

[6] محيي الدين يحيى بن شرف، النووي، المجموع شرح المهذب، (بيروت: دار الفكر، د.ت)، 9/259.

[7] سراج الدين أبو حفص عمر بن علي بن أحمد، ابن الملقن، البدر المنير في تخريج الأحاديث والأثار الواقعة في الشرح الكبير، (الرياض: دار الهجرة للنشر والتوزيع،2004ه)، 6/448.

[8] أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، الشيباني، مسند الإمام أحمد بن حنبل، تح. شعيب الأرنؤوط – عادل مرشد، وآخرون، (بيروت: مؤسسة الرسالة، 2001م)، 24/26

[9] أحمد بن الحسين بن علي، البيهقي، ط3، (بيروت: دار الكتب العلمية،2003م)، 5/511.

[10] أحمد بن علي بن محمد بن أحمد، ابن حجر العسقلاني، تقريب التهذيب، (سوريا: دار الرشيد، 1986)، ص423.

[11]  ابن حجر، التقريب، ص267.

[12] علي بن أحمد بن سعيد، ابن حزم القرطبي، المحلى بالآثار، (بيروت: دار الفكر، د.ت.)، 7/475.

[13] عبد العظيم بن عبد القوي، المنذري، مختصر سنن أبي داود، (الرياض: مكتبة المعارف للنشر والتوزيع،2010م)، 2/485

[14]  رواه البيهقي في السنن الكبرى،5/313، الحديث (10462)، وإسناده حسن إلا أن فيه محمد بن إسحاق صدوق، مدلس، وقد عنعن، ولم يصرح بالسماع.

[15] رواه ابن حبان، 10/161، الحديث (4321)، والنسائي في الكبرى، 3/197، الحديث (5027)، ورجاله ثقات إلا الوليد بن مسلمة صدوق، مدلس، وقد عنعن.

[16] الحسين بن مسعود بن محمد بن الفراء، البغوي، شرح السنة، ط2، (بيروت: المكتب الإسلامي، 1983م)، 8/141.

[17] محمد بن أبي بكر بن أيوب، ابن القيم الجوزية، زاد المعاد في هدي خير العباد، (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1994م)، 5/716.

[18] حمد بن محمد بن إبراهيم بن الخطاب البستي، بالخطابي، معالم السنن، (حلب: المطبعة العلمية، 1932م)، 3/140.

[19] علي بن خلف بن عبد الملك، ابن بطال، شرح صحيح البخاري، (الرياض: مكتبة الرشد، 2003م)، 6/261.

[20] جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، السيوطي، شرح سنن ابن ماجه، (كراتشي: قديمي كتب خانة، د.ت.)، ص158.

[21] محمد بن عبد الهادي التتوي، نور الدين السندي، كفاية الحاجة في شرح سنن ابن ماجه، (بيروت: دار الجيل، د.ت.)، 2/16.

[22] محمد بن علي بن محمد، الشوكاني، نيل الأوطار، (مصر: دار الحديث،1993)، 5/184.

[23] محمد أشرف بن أمير، العظيم أبادي، عون المعبود شرح سنن أبي داود، (بيروت: دار الكتب العلمية، 1415ه)، 9/291.

[24] الحسين بن محمد بن سعيد اللاعيّ، المغربي، البدرُ التمام شرح بلوغ المرام، (القاهرة: دار هجر، 2007م)، 6/77.

[25] علي محيي الدين، القره داغي، بحوث في فقه المعاملات المالية المعاصرة، (بيروت: دار البشائر الإسلامية،2010م)، ص 67.

[26] العظيم أبادي، عون المعبود، 9/299.

[27] ابن حزم، المحلى، 7/475.

[28] ابن القيم، زاد المعاد، 5/719.

[29] انظر: القره داغي، بحوث في فقه المعاملات المالية المعاصرة، ص71.

[30] يحيى بن شرف، النووي، المنهاج شرح صحيح مسلم بن الحجاج، (بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1392ه)،10/170.

[31] محمد بن إسماعيل، الصنعاني، سبل السلام، (القاهرة: دار الحديث، د.ت.)، 2/ 19.

[32] الشوكاني نيل الأوطار، 5/189.

[33] العظيم أبادي، عون المعبود، 9/278.

[34] انظر: ابن القيم، زاد المعاد، 5/719.

[35]  ابن القيم، زاد المعاد، 5/718.

[36] محمد بن إبراهيم، ابن المنذر، الإجماع، (الرياض، دار المسلم للنشر والتوزيع، 2004م)، ص95.

[37] انظر: القره داغي، بحوث في فقه المعاملات المالية المعاصرة، ص 76.

[38] زين الدين بن إبراهيم بن محمد، ابن نجيم، البحر الرائق شرح كنز الدقائق، ط2، (القاهرة: دار الكتاب الإسلامي، د.ت.)، 6/160

[39] انظر: محمد بن محمد، أبو حامد الغزالي، الوسيط في المذهب، (القاهرة: دار السلام، 1417ه)، 3/22. محيي الدين يحيى بن شرف، النووي، روضة الطالبين وعمدة المفتي، (بيروت: المكتب الإسلامي، 1991م)،3/354.

[40] انظر: محمد بن أحمد بن أبي سهل، السرخسي، المبسوط، (بيروت: دار المعرفة،1993م)، 13/153ـ155.

[41] محمد بن أحمد بن عرفة، الدسوقي، حاشية الدسوقي على الشرح الكبير، (بيروت: دار الفكر، د.ت.)، 3/12.

[42] انظر: النووي، روضة الطالبين، 3/344

[43] موفق الدين عبد الله بن أحمد بن محمد، ابن قدامة المقدسي، المغني، (القاهرة: مكتبة القاهرة، 1968م)،6/295.

[44] ابن قيم الجوزية، إعلام الموقعين، 2/34-35.

[45] القره داغي، بحوث في فقه المعاملات المالية المعاصرة، ص91.

[46] انظر: حلموس الأمين، بيع المرابحة للآمر بالشراء، مجلة الامتياز لبحوث الاقتصاد والإدارة، المجلد1، العدد1، 2017م، ص99.

[47] ابن قدامة، المغني، 4/136.

[48] الشيرازي، المهذب مع المجموع، 3/13.

[49] انظر: محمد الأشقر، بيع المرابحة كما تجريه البنوك الإسلامية، منشور ضمن بحوث فقهية في قضايا اقتصادية معاصرة، لمحمد الأشقر وآخرين 1/ 72، 105، بكر أبو زيد، بيع المرابحة للآمر بالشراء، بحث منشور في مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد الخامس، ص732.

[50] انظر: تطوير الأعمال المصرفية، لسامي حمود، ص433، بيع المرابحة للآمر بالشراء، للقرضاوي، ص54-60.

[51] انظر: ابن القيم، إعلام الموقعين، 1/301.

[52] مجلة المجمع (العدد الخامس، 2 /754 و965).

[53] أبو بكر بن مسعود بن أحمد، الكاساني، بدائع الصنائع في ترتيب الشرائع، (بيروت: دار الكتب العلمية، 1986م)، 5/ 2.

[54] محمد أمين بن عمر، ابن عابدين، رد المحتار على الدر المختار، (بيروت: دار الفكر، 1995م)، 5/ 223.

[55] مصطفى الزرقا، عقد الاستصناع ومدى أهميته في الاستثمارات الإسلامية المعاصرة، مجلة مجمع الفقه الإسلامي، العدد التاسع، 2/ 225.

[56] انظر: المبسوط 21/ 138، بدائع الصنائع 5/ 3

[57] مجلة المجمع (العدد السابع، 3/223).

[58] بانا، ضمراوي، مفهوم التسوق عبر الإنترنت، مقال على موقع موضوع.

[59] موقع مقالات https://www.mklat.com

[60]  وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية، الموسوعة الفقهية، ط2، (الكويت: دار السلاسل، د.ت)، 9/14-15

[61] الموسوعة الفقهية الكويتية، 9/23-24.

[62] الموسوعة الفقهية الكويتية، 9/16-17.

[63] الموسوعة الفقهية الكويتية، 16/172.

[64] تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم، ابن تيمية، مجموع الفتاوى، (المدينة النبوية: مجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف، 1995م)، 20/542-543

[65]  ابن القيم، زاد المعاد، 5/718.

[66] حسام الدين بن موسى محمد، ابن عفانة، فتاوى د حسام عفانة، http://yasaloonak.net

[67] دُبْيَانِ بن محمد، الدُّبْيَانِ، المُعَامَلَاتُ المَالِيَّةُ أَصَالَة وَمُعَاصَرَة، ط2، (الرياض: كتبة الملك فهد الوطنية، 1432ه)، 13/473.

[68] منظمة المؤتمر الاسلامي بجدة، مجلة مجمع الفقه الإسلامي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي بجدة، العدد 6، ص987.

[69] الدُّبْيَانِ، المُعَامَلَاتُ المَالِيَّةُ أَصَالَة وَمُعَاصَرَة، 12/186.

للاطلاع على المصادر والمراجع وقراءة البحث كاملاً اضغط هنا