هو العلامة الشيخ السيد أحمد بن محمد أمين بن عبدالغفور بن خضر بن محمود بن رجب بن عبدالقادر بن الشيخ رجب الكبير الراوي الرفاعي، ويرتقي نسبه إلى آل الشيخ رجب الراوي الرفاعي الذي يتصل نسبه إلى سيدنا الحسين بن علي بن أبي طالب، كما ورد في كتاب بلوغ الإرب في ترجمة السيد الشيخ رجب.
ولد الشيخ سنة 1300هـ /1883م في مدينة (عَنَه) التابعة لمحافظة الأنبار. وبعد أن تربى في بيت الفضيلة والنبل والتقوى والصلاح، قرأ القرآن الكريم على والده وبعد أن تمكن من العلوم الابتدائية سافر إلى بغداد ليرتشف العلوم على أيدي علمائها الأعلام فدرس على كثير من المشايخ، منهم:
العلامة الشيخ قاسم أفندي أمين الفتوى ببغداد، والعلامة السيد إبراهيم الراوي، والعلامة محمد أسعد الدوري، والعلامة الحاج علي أفندي الخوجة، والشيخ عبدالرزاق أفندي الراوي مفتي لواء الناصرية، والعلامة السيد يحيى أفندي الوتري المدرس بمدرسة أحمد باشا في جامع الميدان، والعلامة الشيخ محمد سعيد النقشبندي، والعلامة الشيخ عبدالوهاب النائب والشيخ عبدالجليل آل جميل.
فلازمهم بأخذ الدروس العلمية ملازمة مستمرة، وترك خلالها الراحة وهناء العيش، حتى صار على جانب كبير من العلم والمعرفة. ولفضله وعلمه تعين بعد إثبات الأهلية بالامتحان إمامًا وخطيباً في جامع القبلانية ببغداد وبقي فيه حتى سنة 1328هـ/1910م، ثم عين وكيل قاض في مدينة عنه، ثم عين قاضياً إلى ناحية (شوف مليحة) التابعة إلى لواء الديوانية، ثم نقل إلى قضاء المسيب، وبعد الحرب العالمية الأولى عين قاضيا في (دير الزور)، ثم عين قاضيا في لواء الكوت في الحكومة العراقية.
ثم عين مدرساً في المدرسة العلمية الدينية في سامراء، سنة (1348 هـ – 1928 م)، ثم أضيفت إليه إمامة المدرسة المذكورة، كما أضيف إليه وعظ مدينة سامراء العام.
وما إن وصل مدرسة سامراء العلمية، وكانت المدرسة عرضة لأعداء الدين من المبتدعين، وقد حاولوا سدها عدة مرات؛ حتى لا تظل مصدراً يشع منها نور الإسلام، حتى استقام أمر المدرسة، وترك في سبيلها الراحة وهناء العيش فكان يدخلها من قبيل طلوع الفجر ويبقى فيها إلى بعد العشاء، ولم تمض سوى سنين قلائل حتى تخرج على يديه نخبة طيبة من العلماء الأعلام، من المدرسين والأئمة والخطباء والوعاظ، واستطاع أن يسد كثيراً من شواغر المدارس الدينية والمساجد من طلابه الذين لا يزالون مدينين لفضله وعلمه.
وكان رحمه الله جريئاً وشجاعاً من الطراز الأول، ففي العام 1929 م، أمرت الحكومة بإدماج المدرسة العلمية الدينية بمدارس المعارف، فقام الشيخ الراحل بإرسال برقية إلى رئيس الوزراء تدل على جرأته وشجاعته لإعادة المدرسة إلى نصابها الأول، وقد جاء في البرقية:
((رئيس الوزراء: عجزناكم وعجزنا، فهذه آخر برقية تأتيكم من عندنا في هذا الباب، فأما أن ترجعوا المدرسة على محورها السابق وإلا فأخبرونا على لسان الحكومة المحلية، دع هؤلاء السقعاء يتركون هذه الخرافات، لننزح إلى حكومة أخرى يمكننا أن نستظل تحت رايتها لنأمن على ديننا ودنيانا)).
وبعد يومين من إرسال هذه البرقية أمرت السلطة بتسليم المدرسة إلى الشيخ الراوي، وعاد ليكرر جهاده في سبيل هذا الدين، فأخذ يدرِّس طلابه ويهتم بهم حتى صارت المدرسة كالروضة الغناء، عامرة مادةً ومعنى، وفائقة على مدارس العراق العلمية كافة، وبعد أن أرضى ربه وأرضى ضميره نجح في مهمته وبلغ غايته ووصل إلى مقصده بعد جهاد مرير اختاره الله إلى جواره صباح 13 ذي القعدة سنة 1385هـ – الموافق 5/3/1966 م. حيث دفن بالجامع الكبير بالقرب من مدرسته التي أحبها وقضى آخر حياته فيها. وقد رثاه العلماء والشعراء والأدباء ومنهم الشاعر الأديب المرحوم الأستاذ خاشع الراوي فقال في مطلع رثاءه:
إمامٌ طواه الردى فانطوى وركنٌ تداعى ونجمٌ هوى فليس لنا بعدهُ من هناءٍ وليس لنا بعدهُ من صَفا |
المراجع:
اضغط هنا