ملخص موسع:
نال أصحاب السنن منزلة كبيرة بين علماء الحديث فقد بلغوا مكانة عالية في الحفظ والإتقان، ولأهمية كتب أصحاب السنن جاءت هذه الدراسة لإبراز ما اتفق عليه أصحاب السنن من روايات اختلفوا في ألفاظها واتحدوا في مخرجها ولم يشاركهم في روايتها الشيخان أو أحدهما، مع بيان حالات هذا الاختلاف وأسبابه، وقد استثنيت الصحيحين لكثرة الدراسات حولهما، مع قلة الدراسات الخاصة باتفاقات أصحاب السنن.
وقد يتبادر إلى الذهن أن ما اتفق على روايته أصحاب السنن يكون اتفاقًا في المعنى واللفظ خاصة إذا كان مدار الحديث مشتركًا بينهم، إلا أنه بعد استقصاء تلك الروايات وجمعها تبين أنَّ هنالك اختلافًا في كثير من هذه الروايات في ألفاظها عند الأربعة.
واعتمدت في هذا البحث على المنهج الاستقرائي حيث جمعت بعض الأمثلة التي اختلفت الرواية فيها بين الأحاديث المتفق على تخريجها عند أصحاب السنن، وذلك بما يكفي لضبط المسألة وتأصيلها.
وكذلك المنهج الاستنباطي والذي استخدمته في استنباط حالات اختلاف الرواية بين أصحاب السنن، واستنباط الأسباب المؤدية لاختلاف الروايات بينهم.
وبعد الرجوع إلى الأحاديث التي اتفق عليها أصحاب السنن الأربع، ولم يشاركهم في روايتها الإمام البخاري والإمام مسلم وجدت أن هنالك اختلافًا في كثير من الروايات الموجودة عند بعضهم دون البعض الآخر، ويمكن حصر الحالات التي اختلفت فيها الروايات بما يأتي:
1ـ ذكر سبب إيراد الحديث: فقد تختلف بعض روايات الحديث الذي رواه أصحاب السنن في ذكر سبب إيراد الحديث عند بعضهم، وعدم ذكره عند الآخرين.
2ـ زيادة ذكر: جاء في بعض مرويات أصحاب السنن زيادة ذكر من دعاء ونحوه في بعضها دون الآخر.
3ـ زيادة توكيد للمعنى: يروي أحيانًا بعض أصحاب السنن لفظة تؤكد المعنى المراد لم ترد عند البقية.
4ـ ترادف الألفاظ: تشمل بعض روايات أصحاب السنن كلمة ترادف بمعناها بقية الكلمات الموجودة في الحديث وتكون هذه المترادفة موجودة عند البعض دون الآخرين، وقد تتباين الروايات بين أصحاب السنن في وجود كلمة مرادفة لرواية أخرى عند الآخرين.
5ـ تقديم وتأخير: يحدث أحيانًا تقديم وتأخير في ألفاظ الحديث الشريف بين ما اتفق على روايته أصحاب السنن.
6ـ مزيد وصف: جاءت بعض روايات أصحاب السنن فيها مزيد وصف لأمر ما، لم تذكره بقية الروايات وفيه مزيد إيضاح لذلك الأمر.
7ـ بيان علة الحكم وأثره: يأتي أحيانًا في بعض روايات أصحاب السنن العلة من الحكم الشرعي وما يترتب عليه من أثر سلبي، ولا تأتي هذه العلة في رواية أخرى.
أما أسباب الاختلاف في الروايات التي اتفق على إخراجها أصحاب السنن فمن أهمها:
1ـ الرواية بالمعنى: ولعل هذا السبب هو أكثر أسباب اختلاف الروايات وخاصة قبل اكتمال تدوين الحديث، فكان الراوي من الصحابة أو التابعين يسمع الحديث فيحفظه فإذا طلب منه التحديث بعد فترة من الزمن قد لا يذكر لفظه بالنص فيرويه بمعناه.
2ـ اختلاف رواة الحديث في أي طبقة من طبقات الإسناد في الحفظ والضبط: يتفاوت الرواة في الحفظ والضبط من شخص لآخر كل حسب إتقانه ومهارته، فقد يسمع الحديث الواحد مجموعة من الرواة فيحفظه البعض كاملًا، ويحفظ البعض جزءًا منه، وكل يرويه كما حفظه زيادةً أو نقصانًا.
3ـ اختلاف سماع الصحابة للحديث: كان النبي صلى الله عليه وسلم يُلقي كلامه بأفصح بيان، وكان الصحابة يتلقونه عنه باختلاف قربهم وبعدهم منه، وبتباين ملكاتهم في التَّلقي، فيؤدي كلٌّ منهم ما سمعه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فينشأ وجه من الاختلاف في بعض ألفاظ الحديث.
4ـ تكرار القول في الواقعة الواحدة: كان من هديه صلى الله عليه وسلم تكرير القول وقد تختلف عباراته ويتكرر فيها بيانه ليكون أوقع للسامعين فيجتمع لذلك في القضية الواحدة عدة ألفاظ تحت معنى واحد.
5ـ التقديم والتأخير: والمقصود هنا تقديم كلمة أو جملة وتأخير أخرى في الأحاديث التي تحوي عدة أمور معطوفة ويحدث ذلك لعدم ضبط الراوي للترتيب أو أنه يرى أن الترتيب لا يؤثر في المعنى.
6ـ اختصار الحديث: وهو الاقتصار في الرواية على بعض الحديث، وحذف بعض المتن، والمُختصِر يقتصُّ من الحديث الجزء الذي يريده دون تغيير في اللفظ، أو إعادةٍ للصياغة.
7ـ وصف الفعل: يحدث هذا في وصف الصحابة رضوان الله عليهم لفعل من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه وصف فغالبًا ما تختلف الروايات فيه، إذ من الصعب جدًا اتحاد الألفاظ في وصف أفعال النبي صلى الله عليه وسلم مع اتحاد المعنى وعدم الإخلال به.
1مدخل
اهتم العلماء منذ القرن الثاني الهجري بتدوين السنة النبوية وحفظها من التحريف والتبديل، فظهرت الصحاح والسنن والمصنفات والموطآت والمستدركات وغيرها من كتب الحديث الشريف، وقد نال الصحيحان للإمام البخاري والإمام مسلم قبولًا كبيرًا في الأمة، وعناية فائقة من قبل الشُرَّاح والمحققين والباحثين، كما اشتهرت كتب السنن من بعد الصحيحين شهرة واسعة وخاصة كتب السنن الأربع وهي سنن أبي داود، وسنن الترمذي، وسنن النسائي، وسنن ابن ماجه، والتي تلقاها العلماء بالقبول لمنهجيتها الدقيقة، ولما حوته من درر نفيسة حتى إذا ما أطلق القول عن حديث بـ (رواه الأربعة) فإنه ينصرف إلى ما أخرجه هؤلاء الأئمة في سننهم، وبما أن الدراسات الخاصة بما اتفق عليه الأربعة ولم يشاركهم فيها الإمامان البخاري ومسلم محدودة جدًا، جاءت هذه الدراسة لتعرض اختلاف الروايات فيما اتفق عليه أصحاب السنن، من حيث أنواع الاختلافات وأسبابها.
أهمية البحث:
نال أصحاب السنن منزلة كبيرة بين علماء الحديث فقد بلغوا مكانة عالية في الحفظ والإتقان، ولأهمية كتب أصحاب السنن جاءت هذه الدراسة لإبراز ما اتفق عليه أصحاب السنن من روايات اختلفوا في ألفاظها واتحدوا في مخرجها ولم يشاركهم في روايتها الشيخان أو أحدهما، مع بيان حالات هذا الاختلاف وأسبابه، وقد استثنيت الصحيحين لكثرة الدراسات حولهما، مع قلة الدراسات الخاصة باتفاقات أصحاب السنن.
مشكلة البحث:
قد يتبادر إلى الذهن أن ما اتفق على روايته أصحاب السنن يكون اتفاقًا في المعنى واللفظ خاصة إذا كان مدار الحديث مشتركًا بينهم، إلا أنه بعد استقصاء تلك الروايات وجمعها تبين أنَّ هنالك اختلافًا في كثير من هذه الروايات في ألفاظها عند الأربعة؛ فجاءت هذه الدراسة لتجيب على الأسئلة الآتية:
هل اتفق أصحاب السنن على رواية ليست في الصحيحين واختلفوا في ألفاظها؟
ما الحالات التي اختلفت فيها الرواية المتفق عليها بين أصحاب السنن؟
ما أسباب اختلاف الرواية المتفق على تخريجها عند أصحاب السنن؟
الدراسات السابقة:
بعد البحث عن دراسة مشابهة لهذه الدراسة لم أجد سوى دراسة تخص صحيح الإمام البخاري واختلاف الروايات عنده مع بيان أسباب الاختلاف وهي بعنوان: (روايات الجامع الصحيح ونسخه «دراسة نظرية تطبيقية») للدكتور جمعة فتحي عبد الحليم، طبعته وزارة الأوقاف بدولة قطر، وهي دراسة كما يتضح من عنوانها تخص صحيح البخاري.
أما ما يتعلق بأسباب اختلاف الروايات فوجدت دراسة بعنوان: (أسباب تعدد الروايات في متون الحديث الشريف)، للدكتور شرف محمود القضاة، والدكتور أمين محمد القضاة، نشرتها دار الفرقان في عمّان، وهي دراسة تبحث في أسباب تعدد الروايات بشكل عام وفيها نماذج من الأحاديث من مصادر مختلفة ولا تخص كتابًا معينًا.
منهج البحث:
اعتمدت في هذا البحث على المناهج الآتية:
1ـ المنهج الاستقرائي: حيث جمعت بعض الأمثلة التي اختلفت الرواية فيها بين الأحاديث المتفق على تخريجها عند أصحاب السنن، وذلك بما يكفي لضبط المسألة وتأصيلها.
2ـ المنهج الاستنباطي: واستخدمته في استنباط حالات اختلاف الرواية بين أصحاب السنن، واستنباط الأسباب المؤدية لاختلاف الروايات بينهم.
خطة البحث:
تم تقسيم هذا البحث بعد المقدمة إلى مبحثين:
المبحث الأول بعنوان: أنواع الاختلاف في روايات أصحاب السنن.
والمبحث الثاني بعنوان: أسباب الاختلاف في الروايات.
ثم خاتمة بينت فيها أهم النتائج التي توصلت لها.
.2 أنواع الاختلاف في روايات أصحاب السنن:
بعد الرجوع إلى الأحاديث التي اتفق عليها أصحاب السنن الأربع، ولم يشاركهم في روايتها الإمام البخاري والإمام مسلم وجدت أن هنالك اختلافًا في كثير من الروايات الموجودة عند بعضهم دون البعض الآخر، ويمكن حصر الحالات التي اختلفت فيها الروايات بما يأتي:
.1.2 ذكر سبب إيراد الحديث:
تختلف بعض روايات الحديث الذي رواه أصحاب السنن في ذكر سبب إيراد الحديث عند بعضهم، وعدم ذكره عند الآخرين، ومن المعروف أن ما يذكرهُ الصحابيّ استشهاداً أو استدلالاً بالحديث؛ فإنّه يُسمّى سبب إيراد الحديث أو سببُ ذِكره، وليس سبب ورود الحديث؛ لأن سبب الورود تعريفه: “السبب الذي لأجله حدث النبي صلى الله تعالى عليه وسلم بذلك الحديث كما في سبب نزول القرآن الكريم”[1]، ومن أمثلة الاختلاف بين الرواة في ذكر سبب إيراد الحديث من عدمه عند أصحاب السنن: ما رواه أبو داود عن عبد الله بن سلمة قال: “دَخَلتُ على عليٍّ رضي الله عنه أَنَا ورَجُلانِ رَجلٌ مِنَّا ورَجلٌ من بَني أَسَدٍ أَحْسَبُ، فَبَعَثَهُمَا علي رضي الله عنه وَجْهَاً وقال: إِنَّكُمَا عِلْجَانِ[2] فَعَالِجا عن دينِكُمَا، ثُمَّ قَامَ فَدَخَلَ المَخْرَج[3]، ثُمَّ خَرَجَ فَدَعَا بماءٍ فَأَخَذَ مِنهُ حَفْنَةً فَتَمَسَّحَ بِهَا ثُمَّ جَعَلَ يَقرَأُ القُرآن، فَأَنكَرُوا ذَلك، فَقَال: إِنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ يخرُجُ من الخَلاءِ فيُقرِئُنَا القُرآن ويَأكُلُ مَعَنَا اللَّحْمَ ولم يَكْنْ يَحجُبُهُ – أو قال يَحجِزُهُ – عن القُرآنِ شَيءٌ ليسَ الجَنَابَةَ”[4].
في هذه الرواية ذكر سبب إيراد الحديث وهو: أنَّ رجلين أنكرا على علي رضي الله عنه قراءته للقرآن من غير وضوء كامل لاعتقادهما أن قراءة القرآن لا تجوز بلا وضوء فأجابهم علىّ رضي الله عنه بقوله: إن رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج من الخلاء فيقرأ القرآن ويأكل اللحم بلا وضوء.
ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه بدون ذكر هذا السبب.
ومن أمثلته: ما رواه أبو داود والنسائي: “عن عبد الله بن عبيد الله قال: دخلتُ على ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنه في شبابٍ من بني هاشم، فَقُلنَا لشابٍ منَّا: سَل ابن عباس أكانَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقرأُ في الظُّهرِ والعَصرِ؟ فقال: لا، لا، فقيلَ له: فَلَعَلَّهُ كانَ يقرأُ في نفسِهِ؟ فقال: خَمشًا![5] هذه شرٌّ من الأُولى، كانَ عبداً مأمُوراً بلَّغَ ما أُرسِلَ به وما اختَصَّنَا دُونَ النَّاسِ بشيءٍ إلا بثلاثِ خِصَال: أَمَرَنَا أن نُسبِغَ الوضوء، وأَنْ لا نأكُلَ الصَّدَقَة، وألا نُنْزِيَ[6] الحِمَارَ على الفَرَسِ”[7].
ورواه الترمذي وابن ماجه بدون ذكر سبب إيراد الحديث هذا ، بل إن ابن ماجه رواه مختصرًا بلفظ: “أَمَرَنَا رَسُولُ الله r بِإِسْبَاغِ الْوُضُوءِ”.
فذكر سبب إيراد الحديث هنا فيه تأكيد أن نبي الله عليه الصلاة والسلام مأمور بالتبليغ ولا يمكن أن يكتم ما أمره الله به، لذا فقد دعا ابن عباس رضي الله عنه على من قال له: “لعله كان يقرأ في نفسه”، بأن يُخمَش وجهه.
ومن أمثلته كذلك: ما رواه أبو داود من طريق مخلد بن خفاف الغفاري قال: “كَانَ بَيْنِي وَبَيْنَ أُنَاسٍ شَرِكَةٌ فِي عَبْدٍ فَاقْتَوَيْتُهُ وَبَعْضُنَا غَائِبٌ، فَأَغَلَّ عَلَيَّ غَلَّةً فَخَاصَمَنِي فِي نَصِيبِهِ إِلَى بَعْضِ الْقُضَاةِ، فَأَمَرَنِي أَنْ أَرُدَّ الْغَلَّةَ فَأَتَيْتُ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ، فَحَدَّثْتُهُ فَأَتَاهُ عُرْوَةُ، فَحَدَّثَهُ عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ: الْخَرَاجُ بِالضَّمَانِ”[8].
وكذلك رواه أبو داود والترمذي والنسائي عن عائشة رضي الله عنها قالَت: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: “الخَرَاجُ بِالضَّمَانِ”[9].
وروى ابن ماجه القصة مختصرة. فهذا الحديث بروايته المختصرة يدل على أن الفائدة الحاصلة من العين المباعة يستحقها من تقع العين في ضمانه، ثم بينت الرواية الأخرى التي ذكرت سبب إيراد الحديث مزيد إيضاح للأمر وعلة جواز الانتفاع بما ينتج من العين المباعة نظير الضمان الذي يتحمله المشتري.
.2.2 زيادة ذكر:
جاء في بعض مرويات أصحاب السنن زيادة ذكر في بعضها دون الآخر، ومن أمثلة ذلك:
ما رواه أبو داود عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قالَ: “كانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا قامَ من اللَّيلِ كَبَّرَ ثُمَّ يقول ُ: سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وبِحَمْدِك، وتَبَاركَ اسْمُك، وتَعَالَى جَدُّك، ولا إِلهَ غَيْرَكَ، ثُمَّ يقول: لا إِلهَ إلا اللهُ ثلاثا، ثُمَّ يقول: للهُ أَكبرُ كبيراً ثلاثاً أعُوذُ باللهِ السَّميعِ العليمِ مِنَ الشَّيطانِ الرَّجيمِ من هَمزِهِ ونَفْخِهِ ونَفْثِهِ ثُمَّ يقرأُ”[10].
ورواه الترمذي ولم يذكر: ثم يقول: لا إِلهَ إلا اللهُ ثلاثاً”.
ورواه النسائي وابن ماجه مختصراً بلفظ: “أن النبي صلى الله عليه وسلم كَانَ إِذَا افْتَتَحَ الصَّلَاةَ قَالَ سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ تَبَارَكَ اسْمُكَ وَتَعَالَى جَدُّكَ وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ“.
ومن أمثلته: ما رواه أبو داود عن الحسن بن علي رضي الله عنهما: “عَلَّمَني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كلماتٍ أَقُولُهُن في الوِتْر: اللَّهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ إِنَّكَ تَقْضِي وَلاَ يُقْضَي عَلَيْكَ وَإِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ”[11].
ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من غير ذكر: “وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ”.
.3.2 زيادة توكيد للمعنى:
يروي أحيانًا بعض أصحاب السنن لفظة تؤكد المعنى المراد لم ترد عند البقية ومن أمثلته:
ما رواه أبو داود وابن ماجه عن “كَبْشَةَ بنت كعب بن مالك أنَّ أبا قَتادة رضي الله عنه دَخلَ فسَكَبت له وَضوءًا، فجاءت هِرةٌ فشَرِبت منه، فأصغى لها الإناء حتى شَرِبت، قالت كَبْشَة: فرآني أنظرُ إليه فقال: أتعجبينَ يا ابنةَ أخي؟ فقلت: نعم، فقال: إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إنَّها ليست بنَجَس، إنَّها منَ الطَّوافينَ عليكم والطَّوافات”[12].
ورواه الترمذي والنسائي بدون “إنها ليست بنجس”.
ولا شك أن عبارة “إنها ليست بنجس” فيها تأكيد للحكم المراد بيانه وكأنه صلى الله عليه وسلم يشير إلى سبب عدم نجاسة الهرة لكونها من الطوافات في البيوت.
قال ابن عبد البر: “إنها من الطوافين عليكم بيان أن الطوافين علينا ليسوا بنجس في طباعهم وخلقتهم”[13].
وقال العيني: “(إنها من الطوافين عليكم) تعليل لقوله: (إنها ليست بنجس)”[14].
.4.2ترادف الألفاظ:
تشمل بعض روايات أصحاب السنن كلمة ترادف بمعناها بقية الكلمات الموجودة في الحديث وتكون هذه المترادفة موجودة عند البعض دون الآخرين، ويتضح هذا الأمر بما يأتي:
روى أبو داود “عن ابن عباس رضي الله عنهما عندما سئل عن صلاةِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في الاسْتِسْقَاءِ، فقال: خَرَجَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُتَبَذِّلاً مُتَواضعاً مُتضرِّعاً، حَتَّى أتى المُصلى، … ولكن لم يَزَل في الدُّعاءِ والتضرُّعِ والتَّكبيرِ، ثُمَّ صلَّى ركعَتينِ كما يُصلي في العيد”[15].
ورواه الترمذي بزيادة: “مُتَخَشِّعاً”.
ورواه النسائي بلفظ: ” مُتَواضعاً ُمُتَبَذِّلاً مُتخشِّعا”.
ورواه ابن ماجه بزيادة: “مُتَرَسِّلًا”.
ومن المعلوم أن كلمة (متخشعًا)، و(مترسلًا) من المرادفات لمتبذلًا، ومتواضعًا، ومتضرعًا.
كما قد تتباين الروايات بين أصحاب السنن في وجود كلمة مرادفة لرواية أخرى عند الآخرين، بمثل:
ما رواه أبو داود وابن ماجه “عن أنس رضي الله عنه قال: كانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا دَخَلَ الخَلاَءَ وَضَعَ خَاتَمَهُ”[16].
ورواه الترمذي والنسائي بلفظ: “نَزَعَ” بدل “وَضَعَ”.
فالنزع والوضع كلمتان مترادفتان جاءت إحداهما في رواية والثانية في رواية أخرى.
قال ابن الأثير: “وأصل النَّزع: الجَذْب والقَلع”[17]، والوضع من :”وضعَ الشيء من يده يضَعه وضعًا، إذا ألقاه”[18].
.5.2 تقديم وتأخير:
يحدث أحيانًا تقديم وتأخير في ألفاظ الحديث الشريف بين ما اتفق على روايته أصحاب السنن ومن أمثلة ذلك:
ما رواه أبو داود وابن ماجة “عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إِذَا قَامَ أَحَدُكُمْ إِلَى الصَّلاَةِ فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ فَلاَ يَمْسَحِ الْحَصَى”[19].
ورواه الترمذي والنسائي بلفظ: “فَلاَ يَمْسَحِ الْحَصَى فَإِنَّ الرَّحْمَةَ تُوَاجِهُهُ”.
يلاحظ هنا التقديم بين الجملتين فرواية أبي داود وابن ماجه تقدمت عبارة “إن الرحمة تواجهه”، في حين تأخرت عند الترمذي والنسائي.
ومن أمثلته كذلك: ما رواه أبو داود والنسائي “عن أبي الجَعْد الضَّمري رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مَنْ تَرَكَ ثَلاَثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ”[20].
ورواه الترمذي وابن ماجه بلفظ: “مَنْ تَرَكَ الْجُمُعَةَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ تَهَاوُناً بِهَا طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ”.
التقديم والتأخير هنا أيضًا واضح في جملة “ترك ثلاث جمع” وفي الرواية الأخرى: “ترك الجمعة ثلاث مرات”.
ومن أمثلته: ما رواه أبو داود وابن ماجه “عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قالَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: في دِيَةِ الخَطَأِ عشرُونَ حِقَّة، وعشرُونَ جَذَعة، وعشرُونَ بنتَ مَخَاض، وعشرُونَ بنتَ لَبُون، وعشرُونَ بَنِي مَخَاضٍ ذُكُرٍ”[21].
ورواه الترمذي والنسائي بلفظ: “قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي دِيَةِ الْخَطأ عِشْرِينَ بِنْتَ مَخَاضٍ، وَعِشْرِينَ بَنِي مَخَاضٍ ذُكُوراً، وَعِشْرِينَ بِنْتَ لَبُونٍ، وَعِشْرِينَ جَذَعَةً، وَعِشْرِينَ حِقَّةً “.
فالتقديم والتأخير هنا أيضًا واضح بين الروايتين، فمثلًا: كانت العشرون حقة في الرواية الأولى في بداية الحديث في حين جاءت في الرواية الأخرى آخر الحديث، وهكذا هناك تقديم وتأخير مع بقية العبارات.
.6.2مزيد وصف:
جاءت بعض روايات أصحاب السنن فيها مزيد وصف لأمر ما، لم تذكره بقية الروايات وفيه مزيد إيضاح لذلك الأمر، ومن أمثلة ذلك:
ما رواه أبو داود والترمذي والنسائي “عن ناجيَة الأسلميَّ رضي الله عنه أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ معهُ بِهَديٍ فقالَ: إِنْ عَطِبَ منها شَيءٌ فانْحَرْه، ثُمَّ اصبُغْ نَعْلَهُ في دَمِهِ ثُمَّ خَلِّ بَينَهُ وبَينَ النَّاسِ”[22].
ورواه ابن ماجه بلفظ فيه زيادة وصف: قال: “انْحَرْه واغمس نَعْلَه في دمه، ثم اضْرِب صَفحَته، وخلِّ بينه وبين الناس فليأكلوه”.
فزاد في وصف كيفية العمل بما عطب من الهدي بأن يجعل النعل الملطخ بالدم على جانب سنامه ليعلم من مر به أنه هدي، فيأكله الفقراء، ويتركه الأغنياء.
ومن الأمثلة أيضًا على الزيادة في الوصف، ما رواه أبو داود والترمذي والنسائي عن عكرمة رضي الله عنه: “أنَّ رجلاً ظاهرَ من امرأتِهِ ثُمَّ وَاقَعَهَا قبلَ أَن يُكَفِّر، فأَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبَرَهُ، فقال: ما حَمَلَكَ على ما صنعتَ؟ قال: رأيتُ بَيَاضَ سَاقِهَا في القمر، قالَ: فاعْتَزِلهَا حتى تكفِّرَ عنكَ”[23].
ورواه ابن ماجه بلفظ: “رَأَيْتُ بَيَاضَ حِجْلَيْهَا فِي الْقَمَر، فَلَمْ أَمْلِكْ نَفْسِي أَنْ وَقَعْتُ عَلَيْهَا، فَضَحِكَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وَأَمَرَهُ أَلاَّ يَقْرَبَهَا حَتَّى يُكَفِّرَ”.
فرواية ابن ماجه جاء فيها زيادة وصف للحادثة وهي ضحك النبي صلى الله عليه وسلم مما يدل على ملاطفته للسائل وحسن معاملته له رغم أنه ارتكب محظورًا.
.7.2إضافة حكم شرعي:
تأتي بعض روايات ما اتفق عليه أصحاب السنن أحيانًا فيها إضافة لحكم لا يوجد في بقية الروايات، ومن أمثلة ذلك:
ما رواه أبو داود عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: “أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الشِّرَاءِ والبَيعِ في المَسجد، وأَن تُنشَدَ فيه ضالَّة، وأَنْ يُنْشَدَ فيهِ شِعر، ونَهَى عن التَّحَلُّقِ قَبلَ الصَّلاةِ يومَ الجُمُعَةِ”[24].
ورواه النسائي والترمذي بدون ذكر: “وأن تنشد فيه ضالة”.
ورواه ابن ماجة بثلاثة طرق أحدها مختصرًا فقط على إنشاد الضالة.
يلاحظ هنا أن رواية أبي داود وأحد طرق ابن ماجه فيه إضافة لحكم لا يوجد في رواية النسائي والترمذي وهو النهي عن إنشاد الضالة في المسجد والتعريف بها.
ومن أمثلته أيضًا: ما رواه أبو داود وابن ماجه “عن عمير مولى آبي اللّحم رضي الله عنه، قال: شَهِدتُ خَيبَرَ مع سَادَتِي فَكَلَّمُوا فيَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَأَمَرَ بي، فَقُلِّدْتُ سَيفَاً، فإذا أنا أجُرُّه، فأُخْبِرَ أنِّي مَمْلُوك، فَأَمَرَ لي بشيءٍ من خُرْثيِّ المَتَاعِ”[25].
ورواية الترمذي والنسائي في آخرها: “وَعَرَضْتُ عَلَيْهِ رُقْيَةً كُنْتُ أَرْقِى بِهَا الْمَجَانِينَ فَأَمَرَنِي بِطَرْحِ بَعْضِهَا وَحَبْسِ بَعْضِهَا”.
فالحديث برواية أبي داود، وابن ماجه فيه أن العبد إذا حضر القتال يعطى له عطية قليلة ولا يُسهم له، وفي رواية الترمذي والنسائي هناك حكم مضاف لهذا الحكم وهو جواز الرقية إذا لم يكن فيها ما يخالف الشرع.
قال المباركفوري: “فيه دليل على جواز الرقية من غير القرآن والسنة بشرط أن تكون خالية عن كلمات شركية وعما منعت عنه الشريعة”[26].
.8.2 بيان علة الحكم وأثره:
يأتي أحيانًا في بعض روايات أصحاب السنن العلة من الحكم الشرعي وما يترتب عليه من أثر سلبي، ولا تأتي هذه العلة في رواية أخرى، ومن أمثلة ذلك ما رواه أبو داود والترمذي “عن أبي العجفاء السُّلمي، قال: خطبنا عُمرُ رحمه الله فقال: خَطَبَنَا عُمَرُ رَحِمَهُ اللَّهُ فَقَالَ: أَلاَ لاَ تُغَالُوا بِصُدُقِ النِّسَاءِ فَإِنَّهَا لَوْ كَانَتْ مَكْرُمَةً فِي الدُّنْيَا أَوْ تَقْوَى عِنْدَ اللَّهِ لَكَانَ أَوْلاَكُمْ بِهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم مَا أَصْدَقَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم امْرَأَةً مِنْ نِسَائِهِ وَلاَ أُصْدِقَتِ امْرَأَةٌ مِنْ بَنَاتِهِ أَكْثَرَ مِنْ ثِنْتَيْ عَشْرَةَ أُوقِيَّةً”[27].
ورواية النسائي وابن ماجه في آخرها: “وَإِنَّ الرَّجُلَ لَيُغْلِي بِصَدُقَةِ امْرَأَتِهِ حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ فِي نَفْسِهِ وَحَتَّى يَقُولَ: كُلِّفْتُ لَكُمْ عَلَقَ الْقِرْبَةِ”.
من الملاحظ هنا أن الرواية الثانية حوت تعليلًا للنهي عن المغالاة في صداق النساء، وهو ما تورثه هذه المغالاة من عداوة بين الزوجين في المستقبل نتيجة ما سيتمنَّن به الزوج على زوجته وما سيُذكِّرها به من تحمله المشقة في تأمين الصداق.
فقوله:”(حَتَّى يَكُونَ لَهَا عَدَاوَةٌ) بفتح العين: اسم من المعاداة (فِي نَفْسِهِ) أي حتى يعادي امرأته في نفسه عند أداء ذلك المهر؛ لثقله عليه حينئذ، أو عند ملاحظة قدره، وتفكّره فيه بالتفصيل، و(عَلَقَ الْقِرْبَةِ): حبلُ القِرْبة الذي تُعلّق به، يريد أنه تحمّل لأجلها كلّ شيء، حتّى عَلَقَ الْقِرْبة، وهو حبلها الذي تُعَلَّقُ به. وفي بعض الروايات؛ (عَرَقَ الْقِرْبَة)”[28].
هذه بعض الحالات التي ورد اختلاف الروايات فيها بين أصحاب السنن بالرغم من اتحاد مدار الحديث فيها، لذا فإن العلماء بينوا أسباب الاختلاف بين الروايات في الحديث الواحد، وهذا ما سأوضحه في المبحث الثاني.
.3 أسباب الاختلاف في الروايات التي اتفق على إخراجها أصحاب السنن:
إن لتعدد الروايات بشكل عام أسبابًا كثيرة[29]، وما حدث من اختلاف بين روايات أصحاب السنن لا يخرج من الأسباب العامة ولكنني سأقتصر هنا على الأسباب التي تناسب حالات اختلاف الروايات التي ذكرتها في المبحث السابق، ومن أهم هذه الأسباب:
.1.3 الرواية بالمعنى:
ولعل هذا السبب هو أكثر أسباب اختلاف الروايات وخاصة قبل اكتمال تدوين الحديث، فكان الراوي من الصحابة أو التابعين يسمع الحديث فيحفظه فإذا طلب منه التحديث بعد فترة من الزمن قد لا يذكر لفظه بالنص فيرويه بمعناه، أو الجمع بين حديثين من بعضهم، أو ما يحدث لبعضهم من شك، وإدراج، وقلب، أو اختلافهم في وصف فعله صلى الله عليه وسلم.
وقد اختلف العلماء في جواز الرواية بالمعنى، فذهبت طائفة من المحدثين إلى عدم جوازه مطلقًا.
وذهب جمهور العلماء إلى جواز الرواية بالمعنى بشرطين: أن لا يكون الحديث مُتعبدًا بلفظه، وأن لا يكون من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم[30].
وأضاف الإمام الشافعي رحمه الله شرطًا آخر وهو ألا يكون في الرواية ما يحيل المعنى، فقال: “وما أُخذ حفظاً فأكثرُ ما يُحْترس فيه منه إحالة المعنى، فلم تكن فيه زيادة ولا نقص ولا اختلاف شيء مِن كلامه يُحِيل المعنى فلا تَسَعُ إحالتُه، فلعل النبي أجاز لِكل امرئٍ منهم كما حَفِظَ، إذ كان لا معنى فيه يحيل شيئًا عن حكمه”[31].
وقد أشار إلى ذلك ابن الصلاح رحمه الله فقال: “والراوي إذا لم يكن عالماً بالألفاظ ومدلولاتها ومقاصدها لم تجز له رواية ما سمعه بالمعنى”[32].
.2.3 اختلاف رواة الحديث في أي طبقة من طبقات الإسناد في الحفظ والضبط:
يتفاوت الرواة في الحفظ والضبط من شخص لآخر كل حسب إتقانه ومهارته، فقد يسمع الحديث الواحد مجموعة من الرواة فيحفظه البعض كاملًا، ويحفظ البعض جزءًا منه، وكل يرويه كما حفظه زيادةً أو نقصانًا، فالراوي بشر يعتريه النسيان والغفلة أحيانًا وقد يختلط عليه، خاصةُ إذا طال الزمن بين السماع والأداء[33].
وقد عرَّف الإمام السيوطي الضبط بقوله: “فُسر الضبط بأن يكون متيقظًا غير مغفل، حافظًا إن حدث من حفظه، ضابطًا لكتابه من التبديل والتغيير إن حدث منه، عالما بما يحيل المعنى إن روى به”[34].
والضبط نوعان: ضبط صدر، وضبط كتاب.
قال الحافظ ابن حجر: “والضبط ضبط صدر وهو أن يثبت ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء، وضبط كتاب وهو صيانته لديه منذ سمع فيه إلى أن يؤدى منه”[35].
وإن َّ المتأمـل بعنايـة فـي مسـألة الضبـط عنـد أهـل الحديـث، يجـد أن اختـلال الضبـط عنـد الرواة مرجعـه لعدة أسباب أهمها[36]:
أـ غفلة الراوي: قال صاحب المصباح: “الغفلة غيبة الشيء عن بال الإنسان وعدم تذكره له وقد استعمل فيمن تركه إهمالًا وإعراضًا”[37]. لذا كانت غفلة الراوي من أسباب رد الحديث.
قال السيوطي: “لا تقبل رواية من عرف بكثرة السهو في روايته إذا لم يحدث من أصل صحيح، بخلاف ما إذا حدث منه فلا عبرة بكثرة سهوه، لأن الاعتماد حينئذ على الأصل لا على حفظه”[38].
ونقل الخطيب عن القاضي أبي بكر محمد بن الطيب قوله: “ومن عرف بكثرة السهو والغفلة وقلة الضبط، رُد حديثه”[39].
ب ـ اختــلاط الــراوي:
“يشترط في الراوي أن يكون حافظًا إن حدث من حفظه حافظا لكتابه إن حدث من كتابه”[40]. والاختلاط ينافي الحفظ والاتقان.
قال ابن منظور: “خُولِط الرجلُ فَهُوَ مُخالَطٌ، واخْتَلَطَ عقلُه فَهُوَ مُخْتَلِط إِذا تَغَيَّرَ عقلُه”[41].
والاختلاط في اصطلاح أهل الحديث: “هو كون الراوي ثقة حافظاً، ثم يطرأ سوء الحفظ عليه لسبب من الأسباب”[42].
فالاختلاط هو تغير في الحفظ واختلال في الضبط يحدث للراوي لعدة أسباب منها: كبر سنه، أو ذهاب بصره، أو احتراق كتبه، أو موت بعض أهله، أو سرقة بيته، وغيرها.
.3.3 اختلاف سماع الصحابة للحديث:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يُلقي كلامه بأفصح بيان، وكان الصحابة يتلقونه عنه باختلاف قربهم وبعدهم منه، وبتباين ملكاتهم في التَّلقي، فيؤدي كلٌّ منهم ما سمعه عن النبي صلى الله عليه وسلم، فينشأ وجه من الاختلاف في بعض ألفاظ الحديث، فيكون سببًا للتعارض الظاهري بين الروايات؛ لذا نجد قول الخطابي رحمه الله في ذلك: “وقد يحتمل ذلك وجهًا آخر، وهو أن يكون بعضهم سمعه يقول: لبيك بحج، فحكى أنه أفردها، وخفي عليه قوله: وعمرة، فلم يحكِ إلا ما سمع، وهي عائشة، ووعى غيرها الزيادة فرواها، وهو أنس”[43].
وقد يحدث هذا الاختلاف لفوات رضوان الله عليهم يدخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدَّث فيفوته ما قيل قبل دخوله، وقد يخرج بعضهم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث فيفوته ما قيل بعد خروجه ، وكان بعضهم يحضر الحديث كله فيروي كل منهم ما حضره وسمعه فتتعدد الروايات وتختلف زيادةً ونقصاً”[44].
.4.3 تكرار القول في الواقعة الواحدة:
وقد كان من هديه صلى الله عليه وسلم تكرير القول كما روى أَنَسٍ بن مالك رضي الله عنه عَنِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: “أَنَّهُ كَانَ إِذَا سَلَّمَ سَلَّمَ ثَلاَثاً، وَإِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلاَثاً”[45].
وقد أشار الخطابي لذلك في قوله: “إنه صلى الله عليه وسلم بُعث مُبلغاً ومُعلماً فهو لا يزال في كل مقام يقومه وموطن يشهده يأمر بمعروف وينهى عن منكر، ويُشرع في حادثة وُيفتي في نازلة … وقد تختلف عباراته ويتكرر فيها بيانه ليكون أوقع للسامعين … فيجتمع لذلك في القضية الواحدة عدة ألفاظ تحت معنى واحد”[46].
.5.3 التقديم والتأخير:
والمقصود هنا تقديم كلمة أو جملة وتأخير أخرى في الأحاديث التي تحوي عدة أمور معطوفة ويحدث ذلك لعدم ضبط الراوي للترتيب أو أنه يرى أن الترتيب لا يؤثر في المعنى.
قال الرامهرمزي: “ومنهم من يتجوز في ذلك إذا أصاب المعنى، وكذلك سبيل التقديم والتأخير، والزيادة والنقصان، فإن منهم من يعتمد المعنى، ولا يعتد باللفظ”[47].
وقد سئل الإمام الزهري عن التقديم والتأخير في الحديث فقال: “إن هذا يجوز في القرآن[48]، فكيف به في الحديث؟ إذا أصبت معنى الحديث فلم تحل به حرامًا ولم تحرم به حلالًا فلا بأس”[49].
.6.3 اختصار الحديث:
عرَّف السخاوي اختصار الحديث بأنه: “الاقتصار في الرواية على بعض الحديث، وربما عبر عنه بالاختصار مجازًا، وتفريق الحديث الواحد على الأبواب، وحذف بعض المتن”[50].
أما الغرض من الاختصار فذكر الإمام أبو داود رحمه الله السبب من اختصاره لبعض الأحاديث فقال: “وربما اختصرت الحديث الطويل لأني لو كتبته بطُولِهِ لم يعلم بعض من سَمعه وَلا يفهم موضع الفقه منه فاختصرت لذلك”[51].
وبشكل عام بيَّن البقاعي الغرض منه بقوله: “تارةً يكون بحذفِ بعضِ الشيءِ مع استيفاء معناه، أخذًا من اختصار الطريق، وتارةً بالاقتصار على البعض بعد حذف ما لا دلالة للباقي عليه أخذاً من اختصار السورة”.
أما عن حكم اختصار الحديث فقد اختلف العلماء بين مانع ومجوز ومفصل للأمر.
قال ابن الصلاح: “فمنهم من منع من ذلك مطلقًا، بناء على القول بالمنع من النقل بالمعنى مطلقًا، ومنهم من منع من ذلك مع تجويزه النقل بالمعنى إذا لم يكن قد رواه على التمام مرة أخرى، ولم يعلم أن غيره قد رواه على التمام، ومنهم من جوز ذلك وأطلق ولم يفصل، والصحيح التفصيل، وأنه يجوز ذلك من العالم العارف إذا كان ما تركه متميزًا عما نقله، غير متعلق به، بحيث لا يختل البيان، ولا تختلف الدلالة فيما نقله بترك ما تركه، فهذا ينبغي أن يجوز، وإن لم يجز النقل بالمعنى؛ لأن الذي نقله والذي تركه – والحالة هذه – بمنزلة خبرين منفصلين في أمرين لا تعلق لأحدهما بالآخر”[52].
والاختصار يختلف عن الرواية بالمعنى؛ لأن المُختصِر يقتصُّ من الحديث الجزء الذي يريده دون تغيير في اللفظ، أو إعادةٍ للصياغة، وقد يلتقي بالرواية بالمعنى إذا كان الاختصار مؤثرًا على معنى النص، وحدوث هذا الأمر ينافي شرط جواز الاختصار كما أشار إليه ابن الصلاح.
.7.3 وصف الفعل:
يحدث هذا في وصف الصحابة رضوان الله عليهم لفعل من أفعال النبي صلى الله عليه وسلم ولأنه وصف فغالبًا ما تختلف الروايات فيه، إذ من الصعب جدًا اتحاد الألفاظ في وصف أفعال النبي صلى الله عليه وسلم مع اتحاد المعنى وعدم الإخلال به، فكلٌّ يحدث بما رآه فقد يذكر بعض الصحابة زيادة في الوصف لا يذكرها صحابي آخر، وقد يهتم أحدهم بأمر لا يرى الآخر أنه مهم.
كما مر معنا في المبحث الأول في قصة الرجل الذي ظاهر امرأته ثم واقعها قبل أن يكفر فجاءت في رواية ابن ماجه زيادة في الوصف وهي “فضحِك النبي صلى الله عليه وسلم”.
وهذا الأمر لا يدخل في الرواية بالمعنى؛ لأن الرواية بالمعنى تكون للأحاديث القولية أما الأحاديث الفعلية فيكون الاختلاف في روايتها بسبب صعوبة اتحاد اللفظ للأسباب التي ذكرت آنفًا.
هذه أبرز أسباب اختلاف الرواية بين أصحاب السنن الأربع، والتي استنبطتها بناء على ما قرره علماء الحديث من أسباب لاختلاف الروايات بشكل عام، وإنزالًا على الحالات التي اختلفت فيها الرواية عندهم.
.4الخاتمة:
بعد بيان حالات اختلاف الروايات التي اتفق عليها أصحاب السنن وبيان أسباب هذا الاختلاف، توصلنا للنتائج الآتية:
1ـ اتفق أصحاب السنن الأربع على رواية أحاديث عديدة لم يروها الإمام البخاري والإمام مسلم في صحيحيهما.
2ـ اختلفت ألفاظ الأحاديث التي اتفق على روايتها أصحاب السنن في كثير من الأحيان.
3ـ الاختلاف في روايات أصحاب السنن له عدة حالات منها: ذكر سبب إيراد الحديث عند بعضهم وعدم ذكره عند الآخرين، أو لزيادة ذكر معين، أو توكيد للمعنى، أو ذكر لكلمات مترادفة، أو تقديم وتأخير، أو مزيد وصف لأمر ما، أو إضافة حكم شرعي، أو بيان علة الحكم.
4ـ لاختلاف الروايات أسباب عديدة، ومن أبرز أسباب الاختلاف بين المرويات التي اتفق عليها أصحاب السنن: الرواية بالمعنى، أو الاختلاف في الضبط، أو الاختلاف في السّماع، أو تكرار القول من قِبل النبي صلى الله عليه وسلم في الواقعة الواحدة، أو اختصار الحديث، أو وصف لفعل يصعب فيه اتحاد اللفظ.
5ـ اختلف العلماء في جواز الرواية بالمعنى، فذهبت طائفة من المحدثين إلى عدم جوازه مطلقًا، وذهب جمهور العلماء إلى جواز الرواية بالمعنى بشرطين: ألا يكون الحديث مُتعبدًا بلفظه، وألا يكون من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم، مع العلم بالألفاظ وبما يحيل المعنى.
6ـ يتفاوت الرواة في الحفظ والضبط من شخص لآخر كل حسب اتقانه ومهارته، واختـال الضبـط عنـد الرواة مرجعـه لعدة أسباب أهمها: غفلة الراوي، واختلاطه.
7ـ يجوز اختصار الحديث على الراجح من أقوال العلماء وذلك من العالم العارف إذا كان ما تركه متميزًا عما نقله، غير متعلق به، بحيث لا يختل البيان، ولا تختلف الدلالة فيما نقله بترك ما تركه.
8ـ من الصعب جدًا اتحاد الألفاظ في وصف أفعال النبي صلى الله عليه وسلم مع اتحاد المعنى وعدم الإخلال به، وهذا الأمر لا يدخل في الرواية بالمعنى لأن الرواية بالمعنى تكون للأحاديث القولية أما الأحاديث الفعلية فيكون الاختلاف في روايتها بسبب صعوبة اتحاد اللفظ.
[1] علي القاري، أبو الحسن نور الدين الملا الهروي، شرح نخبة الفكر في مصطلحات أهل الأثر، (بيروت: دار الأرقم، د.ت.)، 814.
[2] العِلْجُ: الرجل الشديد الغلـيظ. (انظر: ابن منظور، محمد بن مكرم، لسان العرب، (بيروت: دار صادر، د.ت)، 2/326.
[3] المخرج: “بفتح الميم وهو الخلاء، سمي به لأنه موضع خروج البول والغائط”. (انظر: العيني، محمود بن أحمد، شرح سنن أبي داود، (الرياض: مكتبة الرشد، 1999م)،1/509.
[4] رواه أبو داود، سليمان بن الأشعث السجستاني، سنن أبي داود، ومعه كتاب معالم السنن للخطابي، (حمص: دار الحديث، د.ت)، “كتاب الطهارة، باب في الجُنب يقرأ القرآن”، 1/155 الحديث (229).
[5] خَمشَا: دعاء عليه بأن يخمش وجهه وجلده. (انظر ابن الأثير، أبو السعادات المبارك بن محمد الجزري، النهاية في غريب الحديث والأثر، (بيروت: المكتبة العلمية، 1399 هـ)، 2/80).
[6] أي نَحْمِلَها عَلَيْهَا للنَّسل. (انظر: ابن منظور، لسان العرب، 15/319).
[7] أبو داود، “الصلاة”، (808). الترمذي، “الجهاد”، (1701)، وقال: “حديث حسن صحيح”. النسائي، “الطهارة”، (141). ابن ماجه، “الطهارة وسننها”، (426).
[8] أبوداود، “البيوع والإيجارات”، (3509).
[9] أبو داود، “البيوع والإيجارات”، (3508). الترمذي، “البيوع”، (1285). النسائي، “البيوع”، (4497). ابن ماجه، “التجارات”، (2242). وهذا الحديث الشريف روي من طريقين:
الأول: عن مخلد بن خفاف عن عروة عن عائشة رضي الله عنها، ومخلد مقبول كما ذكر الحافظ (التقريب، ص523). الثاني: عن مسلم بن خالد الزنجي حدثنا هشام بن عمار عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها. ومسلم فقيه صدوق كما قال الحافظ. (التقريب، ص529). وقد تابعه عمر بن علي المقدَّمي وهو ثقة لكنه مدلس. (انظر: التقريب، ص 94).
[10] أبو داود، “الصلاة”، (775). الترمذي، “الصلاة”، (242)، وقال: “قد تكلم في إسناد حديث أبي سعيد، كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي الرفاعي، وقال أحمد: لا يصح هذا الحديث”. النسائي، “الافتتاح”، (895). ابن ماجه، ” إقامة الصلاة والسنة فيها”، (804). والحديث مداره على جعفر بن سليمان الضبَعي، تفرد بهذا الحديث، وهو مختلف فيه.
[11] أبو داود، “الصلاة”، (1425). الترمذي، “الصلاة”، (464). النسائي، “قيام الليل وتطوع النهار”، (1741)، ابن ماجه، “إقامة الصلاة والسنة فيها”، (1178). والحديث إسناده صحيح.
[12] أبو داود، “الطهارة”، (75). الترمذي، “الطهارة”، (92)، وقال: ” حسن صحيح، وهذا أحسن شيء رُوي في هذا الباب”. النسائي، “الطهارة”، (68). ابن ماجه، “الطهارة وسننها”، (367). وإسناد الحديث صحيح.
[13] ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله القرطبي، التمهيد لما في الموطأ من المعاني والأسانيد، (المغرب: وزارة عموم الأوقاف والشؤون الإسلامي، 1387 هـ)، 1/320.
[14] العيني، شرح سنن أبي داود، 1/220.
[15] أبو داود، “الصلاة”، (1165). الترمذي، “الصلاة”، (558)، وقال: “حسن صحيح”. النسائي، “الاستسقاء”، (1502). ابن ماجه، “إقامة الصلاة والسنة فيها”، (153). والحديث إسناده حسن فمداره على هشام بن إسحاق بن عبد الله بن الحارث بن كنانة أبو عبد الرحمن المدني القرشي. قال عنه الحافظ: مقبول (التقريب، 572)، وقال عنه الذهبي: صدوق. (الذهبي، محمد بن أحمد، الكاشف، تحقيق: محمد عوامة، (جدة: دار القبلة للثقافة، 1413هـ)، 2/335).
[16] أبو داود، “الطهارة”، (19). الترمذي، “اللباس”، (1746)، وقال: “حديث حسن غريب”. النسائي، “الزينة”، (5223). ابن ماجه، “الطهارة”، (302). والحديث صححه الحاكم، محمد بن عبد الله النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، تحقيق: عادل مرشد وآخرون، (بيروت: مؤسسة الرسالة، 2018م)، 1/656، وقال:” صحيح على شرط الشيخين”، ووافقه الذهبي. والحديث مداره على ابن جريج وهو مشهور بالتدليس وقد رواه بالعنعنة، وقد نقل الحافظ ابن حجر عن المنذري تصحيحه للحديث. (انظر: ابن حجر، أحمد بن علي العسقلاني، التلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير، (بيروت: دار المعرفة، د.ت)، 1/108).
[17] ابن الأثير، النهاية، 5/41.
[18] ابن الأثير، النهاية، 5/197.
[19] أبو داود، “الصلاة”، (945). الترمذي، “الصلاة”، (379)، وقال: “حديث حسن”. النسائي، “السهو”، (1187). ابن ماجه، “إقامة الصلاة والسنة فيها”، (1027). ومدار الحديث على أبي الأحوص، قال عنه الحافظ: “مقبول لم يرو عنه غير الزهري” (التقريب، ص177). وذكره ابن حبان في “الثقات” وصحح الحديث. (ابن حبان، محمد بن حبان البستي، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبان، ترتيب: علاء الدين علي بن بلبان الفارسي، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، (بيروت: مؤسسة الرسالة، 1408هـ)، 5/564) وصحَّحه ابن خزيمة، أبو بكر محمد بن إسحاق، صحيح ابن خزيمة، تحقيق: محمد مصطفى الأعظمي، ط2، (بيروت: المكتب الإسلامي، 1412هـ)، 2/59).
[20] أبو داود، “الصلاة”، (1052). الترمذي، “الصلاة”، (500)، وقال: “حديث حسن”. النسائي، “الجمعة”، (1365). ابن ماجه، “إقامة الصلاة والسنة فيها”، (1125). والحديث إسناده حسن فمداره على محمد بن عمرو بن علقمة الليثي، قال عنه الحافظ: “صدوق له أوهام”. (التقريب، ص499)
[21]أبو داود، “الديات”، (4545). الترمذي، “الديات”، (1386)، وقال: ” حديث ابن مسعود لا نعرفه مرفوعاً إلا من هذا الوجه، وقد روي عن عبد الله موقوفاً”. النسائي، “القسامة”، (4811). ابن ماجه، “الديات”، (2631).
والحديث إسناده ضعيف فمداره على خشف بن مالك وهو مجهول. قال البغوي: ” عدل الشافعي عن هذا، لأن خشف بن مالك مجهول لا يعرف إلا بهذا الحديث، لكن وثقه النسائي، وذكره ابن حبان في “الثقات”. (البغوي، الحسين بن مسعود، شرح السنة، تحقيق: شعيب الأرنؤوط، ومحمد زهير الشاويش، (دمشق: المكتب الإسلامي، 1983م)، 10/188).
[22] أبو داود، “المناسك”، (1762). الترمذي، “الحج”، (910)، وقال: “حسن صحيح”. النسائي، “الحج”، (258). ابن ماجه، “المناسك”، (3106). والحديث إسناده صحيح.
[23] أبو داود، “الطلاق”، (2221). الترمذي، “الطلاق”، (1199)، وقال: “حسن غريب صحيح”. النسائي، “الظهار”، (3454). ابن ماجه، “الطلاق”، (2065). قال الحافظ: “رجاله ثقات لكن أعله أبو حاتم والنسائي بالإرسال، وقال ابن حزم: رواته ثقات ولا يضره إرسال من أرسله، وفي مسند البزار طرق أخرى شاهدة لهذه الرواية من طريق خصيف عن عطاء عن ابن عباس” (ابن حجر، التلخيص الحبير 3/222).
[24] أبو داود، “الصلاة”، (1079). الترمذي، “الصلاة”، (322)، وقال: “حديث حسن”. النسائي، “المساجد”، (710). ابن ماجه، “المساجد والجماعات”، (749). والحديث إسناده حسن فمداره على محمد بن عجلان وهو صدوق (ابن حجر، التقريب، 496).
[25] أبو داود، “الجهاد”، (2730). الترمذي، “السيِّر”، (1557)، وقال: “حسن صحيح”. النسائي، “الطب”، (7535). ابن ماجه، “الجهاد”، (2855). والحديث إسناده صحيح.
[26] المباركفوري، محمد بن عبد الرحمن، تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي، (بيروت: المكتبة العلمية، د.ت)، 5/ 142.
[27] أبو داود، “النكاح”، (2106). الترمذي، “النكاح”، (1114)، وقال: “حسن صحيح”. النسائي، (3346). ابن ماجه، “النكاح”، (1887). والحديث مداره على أبي العَجْفَاء السّلمي البصري قال الحافظ: “مقبول”. (التقريب، 658). ووثقه يحيى بن معين وابن حبان. (ابن حجر، أحمد بن علي العسقلاني، تهذيب التهذيب، تحقيق: مصطفى عبد القادر عطا، (بيروت: دار الكتب العلمية، 1415هـ).
[28] الوَلَّوِي، محمد بن علي الإثيوبي، ذخيرة العقبى في شرح المجتبى، (مكة المكرمة: دار آل بروم للنشر والتوزيع،2003م)، 28/45.
[29] للمزيد من التعرف على أسباب تعدد الرواية، انظر: الدوري، أيمن جاسم، تعدد الرواية في الحديث الشريف، مجلة أرتوكلو أكاديمي، ص145، المجلد: 5، العدد:1، 2018م
[30] انظر: (القاضي عياض، عياض بن موسى اليحصبي، الإلماع إلى معرفة أصول الرواية وتقييد السماع، مح. السيد أحمد صقر، (القاهرة: دار التراث، 1379ه)، ص 174ـ178.
[31] الشافعي، محمد بن إدريس، الرسالة، مح. أحمد شاكر، (مصر: مكتبة الحلبي، 1940م)، 1/270.
[32] ابن الصلاح، عثمان بن عبد الرحمن، معرفة أنواع علوم الحديث، مح. نور الدين عتر، (دمشق: دار الفكر، 1986م). ص 80.
[33] لمزيد معرفة بهذا الأمر ينظر: (القضاة، شرف محمود، وأمين محمد، أسباب تعدد الروايات في متون الحديث الشريف، (عمَّان: دار الفرقان،1999م)، 25).
[34] السيوطي، جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر، تدريب الراوي في شرح تقريب النواوي، مح. نظر محمد الفاريابي، (الرياض: دار طيبة، د.ت)، 1/353.
[35] ابن حجر، أحمد بن علي بن محمد، نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر، مح. عصام الصبابطي وعماد السيد، ط5، (القاهرة: دار الحديث، 1997 م)، 4/722.
[36] انظر: مقال للباحث منشور بعنوان: “أسباب اختلال ضبط الرواة وأنواع الحديث الناتجة عنه” المجلة الدولية لأبحاث الحديث، العدد 4، 2020م، ص266-268.
[37] الفيومي، أحمد بن محمد، المصباح المنير في غريب الشرح الكبير، (بيروت: المكتبة العلمية، د.ت)، 2/449.
[38] السيوطي، تدريب الراوي،1/401.
[39] البغدادي، الكفاية، 152.
[40] البغدادي، الكفاية، 30.
[41] ابن منظور، لسان العرب، 7/295.
[42] ابن منظور، لسان العرب، 7/295.
[43] الخطابي، حمد بن محمد، معالم السنن، (حلب: المطبعة العلمية، حلب، 1351ه)، 2/140
[44] القضاة، أسباب تعدد الروايات، ص 23
[45] البخاري، محمد بن إسماعيل الجعفي، الجامع الصحيح، تحقيق: مصطفى ديب البغا، ط3، (بيروت: دار ابن كثير، 1407ه)، كتاب العلم، باب من أعاد الحديث ثلاثاً، رقم (94)، 1/48.
[46] الخطابي، حمد بن محمد بن إبراهيم، غريب الحديث، مح. عبد الكريم إبراهيم الغرباوي، (دمشق: دار الفكر، 1402 ه)، 1/68
[47] الرامهرمزي، الحسن بن عبد الرحمن، المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، مح. محمد عجاج الخطيب، (بيروت: دار الفكر،1404ه)، 529.
[48] أي في الشرح والبيان، لا في التلاوة والأداء. ويجوز أن يكون في التلاوة إذا كن مثلًا يقرأ السورة من منتصفها، ثم بعد فترة يقرأ باقيها من أولها.
[49] السيوطي، تدريب الراوي، 1/536.
[50] السخاوي، فتح المغيث، 3/149-150.
[51] أبو داود، سليمان بن الأشعث، رسالة أبي داود إلى أهل مكة وغيرهم في وصف سننه، (بيروت: دار العربية، د.ت)،24.
[52] ابن الصلاح، معرفة أنواع علوم الحديث، 216.
للاطلاع على المصادر والمراجع وقراءة البحث كاملاً اضغط هنا